عنب بلدي – إدلب
على أراضٍ خاصة، اضطر مئات النازحين في إدلب لإقامة مخيمات عشوائية تؤويهم وعائلاتهم، مقابل دفع إيجارات تفاقم معاناتهم وتحمّلهم أعباء إضافية.
ورغم تفاوت إيجارات الأراضي باختلاف المنطقة، وقرب الأرض من مراكز المدن، ونوعيتها سواء كانت جبلية أو منبسطة، تعاني معظم العائلات صعوبات بتأمين الإيجار، خصوصًا في ظل استمرار أزمة النزوح لسنوات واعتماد عديد منهم على المساعدات الإنسانية.
ويدفع حسين، مهجر من ريف إدلب الشرقي، مبلغ 100 دولار أمريكي سنويًا مقابل قطعة أرض نصب فيها مع عائلته أربع خيام، في بلدة كفربني بريف إدلب الشمالي، وفق ما قاله لعنب بلدي.
في المقابل، يدفع أحد أقارب حسين المقيم قرب حربنوش شمالي إدلب مبلغ 30 دولارًا، مقابل مساحة نصب عليها خيمة واحدة له ولعائلته.
المعونات مقابل المأوى
“نبيع المعونات القليلة التي تصلنا لتسديد الإيجار”، قال ماجد الطالب، مختصرًا شرح الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الحفاظ على المأوى الوحيد له ولعائلته.
ويعيش ماجد، وهو نازح من ريف حلب، برفقة زوجته وأبنائه الخمسة في مخيم “حربنوش” بريف إدلب الشمالي منذ ثلاث سنوات.
وكان الشاب يعمل بالزراعة قبل النزوح، لكنه لم يستطع العثور على فرصة عمل تؤمّن له دخلًا ثابتًا يغطي احتياجاته وعائلته.
معاناة ماجد لا تختلف عن معاناة عبد الله الحميد، إذ يعتمد الأخير مع أسرته المكوّنة من عشرة أشخاص بشكل كامل على المساعدات الإنسانية.
وقال عبد الله لعنب بلدي، “الدفع بالدولار ونحنا حتى بالليرة ما عنا دخل”، شاكيًا عجزه عن تأمين إيجار الأرض التي أقام عليها خيمته منذ سنوات.
وأضاف أن أصحاب الأراضي يرفعون الإيجارات بشكل دوري، ما يجعل أزمة تأمين الإيجار تتفاقم باستمرار.
“أفضل المتاح”
يفضّل عديد من النازحين البقاء في المخيمات المقامة على أراضٍ خاصة لأسباب مختلفة، أبرزها القرب من الخدمات الأساسية ومراكز المدن، وفق ما قاله ماجد الطالب.
ورغم أن الانتقال إلى مخيمات في أراضٍ عامة متاح بالنسبة لعديد من الأشخاص، يرى عبد الله الحميد أن البقاء في الأراضي الخاصة “أفضل المتاح”.
وأرجع ذلك إلى قدرة العائلات على البقاء بجانب أقاربها في المخيم نفسه، بينما يجبر معظمهم على الافتراق في حال اختاروا الانتقال إلى مخيمات منظمة.
ويتخوف عبد الله من أن يتشارك المخيم مع أشخاص لا يعرفهم، إذ يمكن أن تترتب على ذلك مشكلات عدة، وفق قوله.
حلول حكومية
عبد الله سماق، رئيس دائرة شؤون المخيمات في مديرية الشؤون الإنسانية بحكومة “الإنقاذ”، قال لعنب بلدي، إن الإيجارات تُحدد بالاتفاق بين صاحب الأرض وسكان المخيم بشكل دوري.
ويعمل مكتب تنظيم المخيمات على مراقبة الإيجارات بناء على العقد المبرم بين صاحب الأرض والمستأجر.
وتعمل دائرة شؤون المخيمات بتوجيه من وزير التنمية على التخلص من ظاهرة المخيمات العشوائية عن طريق نقلها إلى مخيمات أسمنتية منظمة، وفق ما قاله سماق.
ويعاني سكان المخيمات منذ سنوات نقصًا بتأمين عديد من احتياجاتهم، على رأسها المواد الغذائية والمياه وخدمات الصرف الصحي.
وخلال عام 2022، بلغ عدد السكان الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في شمال غربي سوريا نحو أربعة ملايين و600 ألف شخص، بينهم ثلاثة ملايين و300 ألف يعانون انعدام الأمن الغذائي، ومليونان و900 ألف نازح داخليًا، بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).
كما ارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 14.6 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.2 مليون شخص مقارنة بعام 2021، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 15.3 مليون شخص في عام 2023.
شارك في إعداد التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب إياد عبد الجواد