"نسرق أوقات استراحة الطيار لتعليم أطفالنا”
في الملاجئ.. التعليم في داريا يتحدى البراميل المتفجرة
زين كنعان – داريا
“طلبت من والدي جمع الحطب من مدرستي القديمة التي دمرتها البراميل، بحثت هناك عن مقعدي فلم أجده، فجمعنا بعضًا من أثاث وعدنا بسرعة قبل بداية الغارات”، بهذا يجيب الطفل محمد الخلد عن سؤالنا حول آخر مرة زار فيها مدرسته.
ابن مدينة داريا وصاحب الـ 13 ربيعًا، يسرد قصة شوقه لأيام المدرسة، وحلمه في إكمال تعليمه ليصبح طبيبًا في المستقبل، ويقول “أنا متفوق في كل الدروس التي أتلقاها في منزل أستاذي حاليًا، وقد وعدني أن أحصل في المستقبل على الشهادة التي أحلم بها، إذا استمررت بطلب العلم”.
ما يعيق محمّد عن إكمال دراسته هو تعرض قطاع التعليم في داريا لتدهور كبير نتيجة الحرب والقصف، وبحسب محمد أبو عمرو، عضو مكتب التوثيق في المجلس المحلي، فالمدينة كانت تحوي 31 مدرسة بين روضة وابتدائية وإعدادية وثانوية، معظمها تعرض للتدمير وأغلقت.
سلب هذا الواقع الأطفال حقهم في التعليم، وترك لديهم آثارًا سلبية بسبب عدم الاستقرار النفسي والمكاني، إذ تضطر معظم العائلات لتغيير أماكن سكنها بشكلٍ متكرر، بعد استهدافها بالغارات.
لكنّ فعاليات مدنيّة أخرى تحاول تجاوز الصعوبات، كمدرسة “اقرأ وارق” و”بشائر الفجر” الإعدادية، ويقول أبو خليل، وهو مدير “اقرأ وارق”، “لم نقف عاجزين، درسنا الواقع الذي يواجهنا وقررنا وضع خطة لاحتواء الطلاب من خلال إعداد كادر من المدرسين والمدرسات، مهمته تجميع الطلاب على شكل حلقات موزعة في البيوت والملاجئ تحت الأرض”.
وجد الكادر معاناة في إيصال المعلومات للطلاب، إذ أثرت أصوات الطائرات التي لا تهدأ على تركيز الأطفال وانعكس سلبًا على تحصيلهم الدراسي، بحسب “أبو خليل”، الذي يشير إلى الحرص على “ألا يكون تفشي الجهل من نتائج الثورة في المستقبل”.
وخلال زيارة للمدرسة يقول والد الطالب يامن لعنب بلدي، “شدة القصف بالبراميل جعلتنا نسرق أوقات استراحة الطيار لتعليم أطفالنا… أشكر الأساتذة والآنسات الذين يبذلون الجهد في سبيل ذلك”.
ما تفعله مدرسة “اقرأ وارق” لم يستمر مع “بشائر الفجر” الإعدادية، التي يدرس فيها محمد، ويقول “كانت فرحتي كبيرة في العام الماضي لأني عشت جو المدرسة، ولكنها أغلقت هذا العام”.
ويعزو، معن أبو الروض، وهو مدرس في “بشائر الفجر”، توقفها عن العمل لسوء الوضع الأمني في المدينة، ويقول “شدة المعارك وكثافة القصف منذ بداية العام الدراسي منعنا من افتتاح المدرسة خوفًا من إلحاق الأذى بالأطفال، بينما انشغل الأساتذة في عملهم الثوري وعلى الجبهات”.
مؤخرًا، سمحت إدارة المدرسة لبعض العائلات باللجوء إلى مقرّ المدرسة والسكن فيه مؤقتًا، بعد تعرض منازلهم للدمار.
وبحسب معن فإن “درايا شهدت العامين الماضيين نهضة علمية، وافتتح فيها عدد من المدارس أقبل عليها جميع أطفال المدينة وحتى الشباب الأميون، ما دفع المثقفين في المدينة إلى وضع مشاريع تعليمية والتأسيس لافتتاح معاهد وإجراء دورات تأهيل كوادر، لكن لم يكتب لها النجاح والاستمرار بسبب حملة النظام الشرسة”.
يستمر فريق “بشائر الفجر” في تحضير مناهج وطرق تعليمية تفاعلية للأطفال المنطقعين عن التعليم، بهدف البدء فيها عندما تسمح الظروف الأمنية، بحسب معن، الذي تمنى أن تساعدهم على تجاوز الآثار السلبية التي ستتركها المرحلة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :