من غيّاث مطر إلى أيهم غزّول…
غياث مطر (1985-2011) الناشط السلمي ابن مدينة داريا، استشهد تحت التعذيب الوحشي الذي تعرض له في معتقلات المخابرات الجوية/فرع المزّة أحد أكثر أفرع المخابرات نفوذًا وخطرًا.
لم تكن جريمته حمل السلاح الذي لم يكن منتشرًا حينها بعد، بل الخروج بمظاهرات سلمية مناوئة للنظام وتقديم الورود والماء لجنود الجيش النظامي وعناصر الأمن الذين جاؤوا لقمع تلك المظاهرات. لم تشفع له سلميته ورفضه حمل السلاح في حمايته من وحشية الجلاد. لم ينته الأمر عند هذا الحد، لترسل جثته بعد أربعة أيام من اعتقاله إلى أهله وعليها «توقيع» اللواء جميل حسن رئيس فرع المخابرات الجوية.
بعد مرور أكثر من سنة على حادثة قتل غياث مطر، ورغم انتشار السلاح وتراجع المظاهرات السلمية واقتصارها على بعض المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام تمامًا، ما يزال النظام خائفًا من الناشطين السلميين ولا تزال عمليات تصفيتهم مستمرة لكنها أخذت مستوى أشد وأخطر.
أيهم مصطفى غزّول، ابن بلدة دير عطية، طبيب أسنان وطالب ماجستير في جامعة دمشق، يعتقل من حرم الجامعة وعلى أيدي «أعضاء» الاتحاد الوطني لطلبة سوريا في 5-11-2012 بعد انتهائه من عمله في الإشراف على الطلبة غير المتخرجين في كليته مع أربعة من زملائه في الجامعة. تم ضرب المعتقلين الخمسة ضربًا مبرحًا ضمن حرم المؤسسة التعليمية في غرفة مخصصة لذلك ضمن كلية الطب البشري، قبل أن يتم أخذهم إلى جهة مجهولة. لاحقًا وبعد أربعة أيام، يفرج عن زملائه الأربعة لكن مصيره يبقى مجهولًا.
«أعضاء» اتحاد الطلبة انهالوا عليه بالضرب حتى خروج الدم من أذنيه مما يرجح حصول حالة نزيف دماغي، كما يروي شاهد على الحادثة. باءت كل محاولات العائلة والأصدقاء لمعرفة مكان وجوده بالفشل، لكن أمه استمرت بالتنقل بين أفرع الأمن لتسأل عن ولدها وكانت الإجابة دومًا بالنفي وعدم معرفة ما حصل له، وعدم استقبالها في أغلب الأحيان.
بعد 87 يومًا يصل الخبر أن أيهم قد استشهد في إحدى زنازين فرع المخابرات الجوية في المزّة بعد أربعة أيام فقط من اعتقاله متأثرًا بإصابته البالغة التي نتجت عن ضرب «أعضاء» اتحاد الطلبة له. «كان أيهم يموت بصمت، وكلما كنا نتوسل لعناصر الأمن بأن يسعفوه للمستشفى، وبأنه يموت… كانوا يقولون ضاحكين: خبرونا لمّا يموت» كما يروي أحد الذين شاركوه الزنزانة. استشهد أيهم في حضن زميله في اليوم الرابع لاعتقاله وليتم نقل جثته لمكان مجهول.
أيهم ناشط سلمي في مجال المواطنة، ومن مناهضي الثورة المسلحة، اعتقل مع فريق المركز السوري للإعلام و حرية التعبير في 16-2-2012 لمدة 86 يومًا تعرض خلالها لتعذيب وحشي في معتقلات الفرقة الرابعة.
أتى اعتقاله الثاني واستشهاده اللاحق على خلفية تقرير كاذب كتبه أحد أعضاء الاتحاد الوطني لطلبة سوريا وهو أحد الذين ساهموا بقتله متهمًا أيهم بمشاركته في المشافي الميدانية وعلاج جرحى المظاهرات، وذلك وفقًا لما صرح به العضو نفسه و «بفخر».
حتى اللحظة، لا يزال مكان جثمان أيهم مجهولًا ولم تعترف أجهزة الأمن بما حدث، ولا يزال القتلة الذين حوّلوا الاتحاد الوطني لطلبة سوريا إلى جهاز أمني بامتياز يسرحون ويمرحون في الجامعة غير مبالين بما ارتكبوه من جرائم. لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ استكمل إعلام النظام عهره بالإعلان عن الشهيد أيهم كأحد «الإرهابيين» الذين تم قتلهم في عملية لجنود النظام «البواسل».
أيهم ليس الأول، وقد لا يكون الأخير، الذي يستشهد تحت التعذيب في سوريا، لكنها المرة الأولى التي يحدث فيها التعذيب والقتل داخل حرم الجامعة وعلى مرأى ومسمع الطلاب والأساتذة، دون أن يحرك أحد ساكنًا.
«أيهم راح… بس بدنا العدالة كرمالكم وكرمال يلي ضلّوا»… تقول والدة الشهيد أيهم غزّول.
سلام لروحه ولأرواح شهدائنا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :