الاقتتال الداخلي ينذر بتصدع الثورة وانهيارها

  • 2016/02/07
  • 4:02 ص
لافتة من مظاهرة كفرنبل 19 كانون الأول 2015

لافتة من مظاهرة كفرنبل 19 كانون الأول 2015

عبادة كوجان- عنب بلدي

انحراف واضح للبوصلة “الثورية” لدى عدد من الفصائل السورية، عززته إيديولوجيات عقائدية، وتبعيات إقليمية ودولية، حالت جميعها دون أي مشروع عسكري موحد الأطر والأهداف، ليقف سدًا منيعًا في وجه النظام السوري وحلفائه.

حالة الشتات والتفرقة في الساحة السورية أفرزت خلافات عميقة بين الفصائل “غير المتشابهة”، وصلت حد الاقتتال والتنازع في عدة مناطق ومحافظات، هي نفسها كانت شاهدة على انحسارهم جميعًا مقابل تمدد “أسدي” لم يكن يحلم به قبل ثلاثة أعوام.

ولأن الساحة السورية باتت موطنًا للعديد من الفصائل ذات التوجهات والطموحات المختلفة، فإننا نكتفي بالتركيز على محافظات شهدت تنازعًا بين فصائلٍ حملت راية “القتال ضد الأسد” كأولوية لها، ومن حوران نبدأ.

الجنوب.. اقتتال وانحسار

قدّمت درعا نموذجًا مختلفًا عن باقي المحافظات السورية، من خلال حلفٍ عسكريٍ ضم عددًا من فصائل الجيش الحر، تحت مسمى الجبهة الجنوبية، في أيار 2015، واستطاعت فصائلها بالتعاون مع فصائل أخرى، فرض سيطرتها على عدة مدن وبلدات في حوران خلال العام الماضي، أبرزها بصرى الشام ونصيب وغيرها.

أحداث وادي اليرموك

خلاف عميق بين لواء “شهداء اليرموك” من جهة، وجبهة النصرة وأحرار الشام من جهة أخرى، أدى إلى اقتتال بينهما بدأت ملامحه في كانون الأول 2014، ومازال مستمرًا حتى اللحظة، واستنزف عشرات المقاتلين من كلا الجانبين، وأدى إضافة لجملة عوامل أخرى إلى جمود على جبهات المحافظة ككل.

وبدأت القصة باعتقالات متبادلة بين الطرفين، على خلفية اتهام “النصرة” لـ “شهداء اليرموك” بمبايعة تنظيم “الدولة”، الأمر الذي نفاه الأخير مرارًا، لكنه لم يخفِ توجهه الإسلامي وأهدافه المتمثلة بإقامة “خلافة راشدة على منهاج النبوة” وإقامة “الحدود”، الهدف الذي يتفق فيه إلى حد كبير مع التنظيم وجبهة النصرة، على حد سواء.

ومنذ ذلك التاريخ، والمعارك مستمرة بين “شهداء اليرموك” من جهة، وجيش الفتح في حوران (جبهة النصرة وأحرار الشام وفصائل أخرى) من جهة أخرى، أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى بين الطرفين، دون تحقيق أي حسم لكليهما، رغم نجاح جبهة النصرة في قتل قائد ومؤسس اللواء، أبو علي البريدي، في كانون الأول 2015.

وادي اليرموك، جنوب غرب درعا، والذي يضم بلدات وقرى الشجرة، ونافعة، وعين الذكر، ومعربة، وجملة، هو المعقل الوحيد لهذا الفصيل، ويسيطر عليه كليًا، وكان قد شارك منذ تأسيسه في معارك ضد نظام الأسد، وعرف عنه تميزه بالتسليح الثقيل والنوعي، قياسًا إلى فصائل حوران، وباتت جهوده اليوم منصبة كليًا في قتال “النصرة” و”أحرار الشام”، الفصيلين اللذين جُمّد نشاطهما العسكري في مواجهة قوات الأسد، منذ ذلك الحين.

وقائع اقتتال “المثنى- الجبهة الجنوبية”

لم يقتصر الاقتتال الداخلي على منطقة وادي اليرموك، فقد دخلت المحافظة الجنوبية مرحلة جديدة، تمثلت بخلافات وصدامات بين محكمة “دار العدل في حوران” إلى جانب فصائل الجيش الحر الممثلة فيها من جهة، وحركة المثنى الإسلامية من جهة أخرى، بدأت مع مطلع العام الحالي.

اتهم جيش اليرموك، المنضوي في الجبهة الجنوبية للجيش الحر، حركة المثنى الإسلامية، في وقوفها وراء اختطاف يعقوب العمار، محافظ درعا “الحرة” في 28 كانون الأول الماضي، وأطلقت سراحه من مقر قالت إنه تابع لـ “المثنى” في بلدة صيدا، في 14 كانون الثاني الذي يليه، في عملية أمنية أكدها العمار، مؤكدًا وقوف الحركة وراء اختطافه.

ورغم نفي حركة المثنى الاتهامات التي وجهت لها، في بيانات تارة وتغريدات عبر “تويتر” تارة أخرى، إلا أن محكمة “دار العدل” وفصائل الجبهة الجنوبية أكدوا تورط الحركة في اختطافات طالت العمار وآخرين غيره.

وضعت دار العدل يدها على مقرين لحركة المثنى في بلدتي الكحيل وصيدا، وأتبعت هذه الخطوة ببيان تصعيدي، ألمحت من خلاله إلى تورط أفراد من الحركة ذاتها باغتيال القاضي السابق للمحكمة، الشيخ أسامة اليتيم، منتصف كانون الاول الماضي، إلى جانب سلسلة اغتيالات أخرى.

في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، هاجم أفراد من الحركة، مقرًا تابعًا لجيش اليرموك في منطقة نصيب الحدودية مع الأردن، وقتلوا أربعة من عناصره، ليعلن 12 فصيلًا من الجيش الحر حربهم على “المثنى”، معتبرين أنها “عدو صائل”.

وبالفعل اقتحمت فصائل “الحر” مقرات للمثنى في محافظة درعا، وأجبرت على إخلاء مقراتها في مدينة درعا أيضًا، وانشق عنها عدد من المقاتلين، لتغدو خلال الأسبوعين الماضيين في حالة “موت سريري”.

أعلن عن تشكيل حركة “المثنى الإسلامية” في محافظة درعا، في أيار 2013، وذكرت في بيان التشكيل أنها ستكون “أول فصيل إسلامي على مستوى حركي في مدينة درعا، وتهدف إلى توحيد صف الإسلاميين في المنطقة الجنوبية”. ورفضت الحركة الإدلاء بأي تصريح عن تنظيم “الدولة” أو قتالهم، وعرف عنها نهجها “السلفي الجهادي”، كحال الفصائل الجهادية الأخرى.

انحسار على المحور الشمالي

استغلال منطقي لأحداث حوران، أبداه الأسد وحلفاؤه، وافتتحوا معركة جديدة بزخم “غير مسبوق” على المحور الشمالي للمحافظة، وتحديدًا مدينة الشيخ مسكين، المدينة التي خرجت عن سيطرة النظام نهاية عام 2014. عندما كان الجيش الحر متسلمًا لزمام الأمور في درعا.

أواخر العام الجاري، بدأت معركة الشيخ مسكين، ودعم النظام السوري قواته بميليشيات أجنبية، وغطاء جوي روسي، يكاد لا يفارق عملياته، وأحكم خلال معارك استمرت شهرًا كاملًا سيطرته على المدينة، وأعلنها رسميًا تحت وصايته في 26 كانون الثاني الماضي.

رابطت حركة “المثنى الإسلامية” إلى جانب فصائل الجيش الحر على أطراف مدينة الشيخ مسكين، واستطاعوا صد الهجمة البرية الواسعة في الأسابيع الأولى، لكنها سقطت بالتزامن مع الاقتتال الدائر بين الطرفين، وعزا ناشطو المحافظة سقوطها للانشغال بالنزاع الدائر، والذي انعكس سلبيًا على جبهاتها.

عتمان، البلدة المحررة قبل ثلاثة أعوام، كانت الثانية بعد الشيخ مسكين، لكن سقوطها بين قوات الأسد وحلفائه كان سريعًا ومفاجئًا حتى لنشطائها، إذ لم تستمر الحملة البرية عليها سوى ثلاثة أيام، ودخلتها قوات الأسد في الخامس من شباط الحالي، لتعزز نفوذها في الريف الشمالي لدرعا.

أزمة حقيقية تعيشها المحافظة التي انطلقت منها شرارة الثورة الأولى ضد النظام السوري، كان الاقتتال أحد أهم أسبابها، والذي انعكس بدوره على الحالة الأمنية فيها، اغتيالات واختطافات وتراخٍ على الجبهات، وتجفيف لمنابع الدعم العسكري، بالتزامن مع خطط وتدابير يحيكها النظام وحلفاؤه لها.

أحداث الشمال وانعكاساتها

لم يكن الشمال السوري بمعزل عن نزاعات الجنوب، بل كانت أشد وطاة وأكثر عمقًا وتأثيرًا، وبدأت تداعياتها تظهر جليًا بعيد طرد تنظيم “الدولة” عن محافظتي إدلب وحماة، والشمال السوري بشكل عام، لتتنامى خلافات جوهرية بين عدد من فصائل المنطقة، كانت جبهة النصرة طرفًا رئيسيًا في معظمهما، فأقصت ثلاثة فصائل سورية، تنتمي جميعها للجيش الحر.

إغلاق ملف جبهة “ثوار سوريا”

لم يعد لجبهة ثوار سوريا نفوذها الواسع في ريف إدلب، ولم يعد لاسم قائدها ومؤسسها، جمال معروف، ذاك الجبروت والهالة الكبيرة التي كوّنها خلال أعوام الثورة الثلاثة، ولا سيما أنه استطاع طرد “فلول” قوات الأسد من جبل الزاوية، ومن ثم استطاعت قواته طرد تنظيم الدولة بشكل كامل عن إدلب وريف حماة الشمالي مع مطلع عام 2014.

ومنذ تموز 2014، بدأت تداعيات الخلاف تظهر بين طرفي النزاع في جبل الزاوية، جبهة النصرة و”ثوار سوريا”، من اعتقالات واختطافات متبادلة، تطورت إلى نزاع مسلح استمر حتى تشرين الثاني من العام نفسه، رغم محاولة احتوائه من قبل أطراف مقبولة لدى الطرفين، وانتهت فصوله بسيطرة “النصرة” على جميع مقرات “ثوار سوريا” في إدلب، وهروب جمال معروف مع عناصره إلى الشمال، وربما إلى تركيا.

حاول معروف العودة إلى إدلب، وقتال “النصرة” وحليفها في المعارك تنظيم “جند الأقصى”، وأصدر بيانًا أواخر تشرين الثاني 2014، أوضح فيه نيته لملمة صفوف قواته والعودة إلى إدلب لقتال الفصيلين، إلا أن هذا البيان بقي حبرًا على ورق، ولم يعد لفصيله أي وجود في الشمال السوري، بينما لا تزال جبهة “ثوار سوريا” في الجنوب تقاتل قوات الأسد ضمن حلف “الجبهة الجنوبية” في الجيش الحر.

تعيب جبهة النصرة على “ثوار سوريا” أجنداتها “الغربية”، ووجود “المفسدين” في صفوفها. وبحسب بعض ناشطي إدلب، فإن إقصاء جمال معروف في إدلب لم يكن بسبب هذه “الذرائع” إطلاقًا، بل سعيًا  لتكوين إمارة في إدلب، تتطلب إنهاء وجود بعض الفصائل الكبيرة.

لكن ارتياحًا أبدته شريحة لا بأس بها من أهالي ريف إدلب وجبل الزاوية تحديدًا، عقب القضاء على جبهة “ثوار سوريا”، فجمال معروف لم يكن شخصًا سويًا بنظرهم، فله تراكمات أخطاء وانتهاكات كبيرة بحق المدنيين والعسكريين من خصومه، تبين ذلك لاحقًا عندما كشفت “النصرة” عن مقابر جماعية لمدنيين وعسكريين، في معقله ومسقط رأسه، قرية دير سنبل، أبرزهم مؤسس تنظيم “جند الأقصى”، أبو عبد العزيز القطري.

أعلن عن تشكيل جبهة “ثوار سوريا” في كانون الأول 2013، وضمت 15 فصيلًا مقاتلًا، معظمهم في محافظة إدلب، وأبرزهم تجمع “ألوية وكتائب شهداء سوريا” بزعامة جمال معروف، والذي تسلم بدوره قيادة التشكيل الجديد، قبل أن يندثر في الشمال السوري بعد نحو عام.

اختفاء جبهة “حق” المقاتلة

جبهة حق المقاتلة، كانت الفصيل الثاني الذي ألغته جبهة النصرة، وحليفها تنظيم “جند الأقصى”، خلال تشرين الثاني عام 2014، لدواعٍ مشابهة تمامًا لما حصل في قضية جبهة “ثوار سوريا”.

واعتبرت جبهة حق من أبرز الفصائل المنضوية في الجيش الحر في ريف حماة الشمالي، خلال عام 2014، وامتلكت تسليحًا نوعيًا جيدًا بالمقارنة مع الفصائل المحلية في ريفي حماة وإدلب، ولا سيما صواريخ أرض- أرض، متوسطة المدى من نوع “غراد”، وشاركت في عدد من المعارك في المنطقة، وسببت صواريخها شللًا في عمل مطار حماة العسكري لعدة شهور متتابعة، قبل أن تدخل في “معمعة” الاقتتال.

العلاقات العائلية بين يوسف الحسن، مؤسس جبهة حق المقاتلة، ومثقال العبد الله، قائد ألوية الأنصار، أبرز فصائل جبهة “ثوار سوريا”، أدت إلى دخول الحسن مباشرة في النزاع الحاصل مع جبهة النصرة، وتعرض لعدة محاولات اغتيال في سوريا وتركيا، واقتحمت “النصرة” وحليفتها مناطق نفوذه في ريفي حماة وإدلب عدة مرات، إلى أن اعتزل القتال وسلّم سلاحه إلى طرف ثالث (حركة أحرار الشام)، وانتهى دور هذا الفصيل كليًا وتلاشى اسمه بالتقادم.

تأسست جبهة حق المقاتلة في شباط 2014، وضمت مئات المقاتلين من مدن وبلدات ريفي حماة وإدلب، أبرزها كفرنبودة وكرناز والهبيط وخان شيخون، وتعد من أوائل الفصائل التي تلقت دعمًا غربيًا من غرفة التنسيق التابعة لمجموعة “أصدقاء سوريا” (الموك)، وشاركت في معارك أبرزها “غزوة بدر الشام الكبرى”، والتي وصلت فيها المعارضة السورية إلى أطراف مدينة حماة، قبل أن تنحسب في تشرين الأول 2014.

حركة حزم تحل نفسها

أعلنت حركة حزم، المنضوية في الجيش الحر، عن حل نفسها كليًا مطلع آذار 2015، وانضمام من تبقى من جنودها إلى فصيل “الجبهة الشامية”، بعد خمسة أشهر على الخلافات التي وصلت إلى حد الاقتتال مع جبهة النصرة في ريفي إدلب وحلب، وراح ضحيته عشرات القتلى في صفوف الجانبين.

وتبلور النزاع بين الطرفين بالتزامن مع الاقتتال بين “النصرة” وجبهة “ثوار سوريا” في تشرين الأول 2014، وسط اتهامات متبادلة بحوادث اختطاف واغتيال طالت قيادات وعناصر من كلا الجانبين، أبرزهم القيادي في “النصرة”، الشيخ يعقوب العمر، والذي تبين من خلال تسجيل مصور بث لاحقًا أن تنظيم “الدولة” هو المسؤول عن تصفيته.

ورغم محاولة تدخل شخصيات دينية وأطراف عسكرية أخرى لتهدئة التوتر بين الطرفين، إلا أن الاقتتال كان سيد الموقف، فهاجمت جبهة النصرة المقر الرئيسي لحركة حزم في بلدة خان السبل في ريف إدلب، واستولت عليه مع جميع الآليات والعربات الثقيلة داخله، في تشرين الثاني 2014، ليستمر الاقتتال على أشده بين الطرفين، إلى أن سيطرت “النصرة” أيضًا على الفوج 46 قرب مدينة الأتارب، غرب حلب، والذي يعتبر المقر الرئيس للحركة في حلب، أواخر شباط 2015.

حلت الحركة نفسها، بعد اقتحام معظم مقارها، والاستيلاء على أسلحتها الثقيلة التي تميزت بها، وقتل نحو 120 عنصرًا من قواتها خلال معركة الفوج 46 وحدها، ومعظمهم من أبناء مدينة الأتارب المجاورة، وانتهت بذلك آخر فصول الاقتتال بين الطرفين، قبل أن تندثر كليًا منذ ذلك التاريخ.

تأسست حركة حزم في كانون الثاني 2014، من اندماج عدة فصائل وكتائب، أبرزها “فاروق الشمال”، وحظيت برضى وقبول إقليمي، تلقت على إثره دعمًا جعلها من أبرز فصائل الجيش الحر تسليحًا وتنظيمًا، وشاركت في عدة معارك ضد قوات الأسد، لا سيما معركة “تحرير” مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، أيار 2014، و”تحرير” مدينة مورك، شمال حماة، في تموز من العام نفسه.

انعكاسات مباشرة وبعيدة المدى

خلّف اقتتال المعارضة المسلحة في الشمال السوري إشكاليات نفسية وأمنية، زعزعت وحدة الصف في وجه قوات الأسد وحلفائه، وأدت إلى لجوء مئات المقاتلين ممن وجدوا أنفسهم وحيدين أمام مخاطر الاعتقال والتصفية حين انحلت فصائلهم، إلى تنظيم “الدولة” ومبايعتها، وبالتالي أضحى سلاحهم موجهًا نحو فصائل المعارضة “المرتدة”، وشارك قسم منهم، بحسب ناشطين، في معارك ريف حلب الشمالي، حين حاول التنظيم فرض سيطرته على مدينة مارع ومحيطها.

عشرات المقاتلين ممن حملوا “مظلومية” إقصاء فصائلهم، انضموا إلى فصائل جديدة شاركت في تحالفات تخالف المنحى “الثوري” لفصائل المعارضة. وحديثنا هنا عن “جيش الثوار” الذي أعلن عن تشكيله في أيار 2015، ويقول مؤسسوه إنه ينضوي في الجيش الحر، لكنه ما لبث أن انضم إلى تحالف قوات “سوريا الديموقراطية” إلى جانب وحدات حماية الشعب (الكردية) وفصائل أخرى لا تحمل في أجنداتها محاربة النظام.

جيش الثوار، ووفق معلومات حصلت عليها عنب بلدي، تأسس من عناصر وقيادات كانت فيما سبق ضمن حركة حزم وجبهة “ثوار سوريا”، ويحملون نقمة علنية على جبهة النصرة وحركة “أحرار الشام” وغيرها من الفصائل الإسلامية التي ساهمت أو صمتت عند القضاء على فصائلهم السابقة، وشارك في معارك ضد الجيش الحر والفصائل الإسلامية، حصلت مؤخرًا شمال حلب، وسيطر إلى جانب وحدات حماية الشعب على عدة قرى ومناطق في محيط عفرين، في اقتتال راح ضحيته عشرات العناصر من كلا الجانبين.

والاقتتال مستمر..

تناولنا، أعلاه، أمثلة واضحة عن الاقتتال الذي شاب الساحة السورية خلال عامين مضيا، في وقت يستمر فيه الاقتتال في مدينة الضمير بريف دمشق بين جيش الإسلام وحلفائه من جهة، وجيش تحرير الشام (المتهم بمبايعة تنظيم الدولة من جهة أخرى)، وسط سقوط ضحايا بين الطرفين، في حرب مستمرة منذ نحو ستة أشهر.

كذلك ماتزال تبعات الاقتتال في ريف حمص الشمالي بين جبهة النصرة وأحرار الشام من جهة، وكتيبة شهداء البياضة بقيادة عبد الباسط الساروت، المتهم أيضًا بمبايعة التنظيم، تلقي بظلالها على المنطقة هناك، بالتزامن مع محاولات “جادة” للنظام السوري وحلفائه باقتحامها، على غرار ما يجري في المحافظات السورية الأخرى.

حركة أحرار الشام لم تكن بمنأى عن الصدام المباشر مع جبهة النصرة في مدينتي سلقين وحارم الحدوديتين شمال إدلب، كانون الثاني الماضي، وصل حد الاشتباك المسلح، وراح ضحيته قتلى وجرحى في صفوفهما، بالتزامن مع سيطرة النظام السوري على بلدتي سلمى وربيعة، شمال اللاذقية.

خلال شهرين مضيا، سيطرت قوات الأسد المدعومة بميليشيات أجنبية وغطاء جوي روسي على مساحات واسعة من محافظات حماة ودرعا واللاذقية وحلب، وباتت الثورة السورية في أخطر مراحلها، بحسب توصيف ناشطيها. تفكك وتشرذم في قواها العسكرية والسياسية، يقابله حلف “إيراني- روسي” داعم لنظام الأسد، في سعي جدّي لتعويمه، وإقصاء الثورة ومكوناتها بشكل كامل.

“يا جماعة الجهاد ويا جماعات الإسلام السياسي، أليس لكم عبرة في ساحة العراق وما حل بها؟ توحدوا قبل أن يفوت الأوان” .

أبو مارية القحطاني، قيادي في جبهة النصرة

“أيها الشرفاء لملموا أشتاتكم واجمعوا كلمتكم ورصوا صفوفكم، وليكن شعاركم الموت وﻻ المذلة، فكم من أمة كان انتصارها بفنائها فأصحاب اﻷخدود قدوة لكم”.

أبو عيسى الشيخ، قائد القوة المركزية في أحرار الشام

“المجاهدون في داريا مع أي مبادرة لتوحيد الفصائل في سوريا الحبيبة، ولن نضع أي شرط أو عراقيل أمام توحيد الصفوف والجهود، اعتصموا قبل فوات الأوان”

أبو وائل، نائب قائد لواء شهداء الإسلام

“الخلافات والاقتتال الداخلي أضر بالثورة أكثر مما أضر بها أعداؤها، وسبب تراجعها، لكن هناك صحوة واستفاقة وضغط شعبي باتجاه الوحدة الحقيقة وأهميتها”.

القيادي في حركة أحرار الشام الإسلامية، حسام سلامة (أبو بكر)

“كان جيش الإسلام في طليعة من عمل لوحدة الصف والكلمة، اعترض الطريق عقبات كثيرة، وسنستمر في السعي لتذليلها حتى نحقق (واعتصموا بحبل الله جميعا)”.

عصام بويضاني، قائد جيش الإسلام

“فتح جبهات قتال مع الغلاة والمفسدين كان له أثر على جبهات القتال.. ولولا أننا نعلم أن مفسدة ترك جبهات الفساد والغلو ليس لها أثر كبير على مقارعة جبهات النظام المجرم لتركناها وتجاهلنا إفسادهم وترفعنا عن أذاهم، لكن الغلاة وأتباعهم من المفسدين هم كانوا سبب خسارة 50% من أرض سوريا الحبيبة بعد تحريرها، فهم الحديقة الخلفية للنظام”.

عصمت العبسي، رئيس دار العدل في حوران

مقالات متعلقة

في العمق

المزيد من في العمق