العمل قيمة إنسانية

  • 2013/02/11
  • 12:07 م

عمر الأسعد

تبادل كثير من النشطاء ومستخدمي شبكة الانترنت مجموعة من الصور لإعلانات موجودة في دول عربية كلبنان والأردن وفي هذه الإعلانات من يطلب خادمات للعمل في البيوت ويشترط أن يكن من الجنسية السورية.

طبعًا للوهلة الأولى أثارت هذه الإعلانات استنكار كثيرين من المهتمين، نظرًا لصياغتها والطريقة التي تطلب بها خادمات للبيوت، واستشعر البعض نوعًا من الحساسية الوطنية في هذا الموضوع.

لكن لا يخل هذا الرأي بمكان ما من نظرتنا اتجاه العمل فمجتمعنا لا زال يحتفظ بموروث عرفته أيام الجاهلية وهو تعيير الناس بعملهم فيغدو فلان ابن لحام أو فلان ابنة «لفاية».

هذه الإعلانات المعلقة تستحق وقفة مع النفس ومع نظرة المجتمع للعمل بحد ذاته كقيمة تعطي الإنسان مكانته في الحياة، ببساطة لا يعيب بعض السوريين اليوم أن يعملوا في البيوت ليكسبوا رزقهم ويكتفوا مرارة الفقر والعوز، لكن ما يعيب هو الطلب والانتقاص من مكانة العمل والعاملين ونحن في استنكارنا للإعلانات وقعنا بنفس الخطأ الذي وقع فيه أصحاب هذا الإعلان هم ينظرون نظرة دونية «للخدم» ونحن كذلك لا نريد أن نعمل «كخدم» والسؤال هل طلب الرزق مذمة ؟ وهل العمل الشريف الذي يدر على صاحبه معيب أو يصلح لأن يكون موضع معايرة؟

بالتأكيد لا، فالعمل أولاً وآخرًا قيمة لمن يؤديه بإتقان وتفان ويكسب منه، هذا يذكر أيضاً بظاهرة استقدام الخادمات من بعض دول أفريقيا وشرق اسيا والتي عرفها المجتمع السوري خلال السنوات الأخيرة، ببساطة كان بعض من استطاعوا استقدام خادمات ومعظمهم من محدثي النعمة يضعون شروطهم على هؤلاء الفتيات اللواتي كان معظمهن يعمل في ظروف غير إنسانية هناك من يريد خادمة صغيرة، ومن يريدها شابة، ومن يريدها محجبة ومن يريدها بدون حجاب.

هذه الظواهر لا تليق بمجتمعات تطلب الحرية والكرامة، من أراد أن يعيش حرًا وكريمًا وحقوقه محفوظة عليه أن يراعي حقوق الآخرين وحريتهم ومكانتهم.

بصراحة لا يعيب العمل صاحبه أبدًا وضمن هذه الظروف الاستثنائية التي نعيشها كسوريين كل قطرة عرق يذرفها عامل أو عاملة سورية تشرفنا جميعاً، ومستقبلًا علينا أن نفكر أيضًا بطريقة تفكيرنا اتجاه قيمة العمل والعاملين في سوريا سواء كانوا سوريين أم غير سوريين لا يجوز معايرة أحد بأصله وفصله وعمله. هذا انتقاص من كرامة الانسان وحقوقه.

مقالات متعلقة

قراء

المزيد من قراء