انتهى مؤخرًا عرض المسلسل المشترك “وأخيرًا”، بعد بث آخر حلقاته في 15 من رمضان، ليكون أول عمل يغادر السباق الرمضاني، بعد عرض حلقاته الـ15، خلافًا لمعظم الأعمال الدرامية المعدّة للموسم ووفق مقاساته بما لا يقل عن 30 حلقة.
حكاية العمل أن “ياقوت”، وهو شاب من بيئة فقيرة وحي متواضع وذو ماضٍ أدخله السجن أكثر من مرة، يحب “خيال”، وهي امرأة تعيش بلا أوراق ثبوتية، ومجهولة الأبوين، لكن عملية خطف تتعرض لها “خيال” ومجموعة نساء أيضًا، تعقّد المشهد، وتشكّل عقدة العمل التي سيسير على هداها حتى الحلقة الأخيرة.
ورغم انتهاء العمل عند حاجز 15 حلقة، لم ينجُ “وأخيرًا” من فخ الإطالة والاسترسال، خلافًا للانطباعات الأولى التي يتركها العمل لدى المشاهد، إذ توحي حالة الاختصار والترميز الدرامي في الحلقة الأولى تعبيرًا عن مراحل زمنية كاملة، أن العمل يتعجل الوصول إلى بيت القصيد ولب القضية، لكن ما يقدمه لا يتعدى لمحات عن بعض الإشكاليات دون ملامسة صميم إحداها بالفعل.
يشير “وأخيرًا” إلى مسألة فقدان الهوية، وإلى مجهولي النسب، وأوضاعهم القانونية التي تجعلهم فريسة سهلة لكل ما يخالف القوانين، إذ لا حضور للشخص في سجلات الدولة، ما يعني إمكانية استخدامه واستغلاله وحتى التخلص منه دون مسؤوليات كبيرة، كما يعكس العمل.
في الوقت نفسه، تظهر قضية اقتحام البنوك والمصارف، التي جاءت بعد صبر المودعين الطويل إثر أزمة المصارف أو “الأموال المهربة” التي يعيشها لبنان في الواقع منذ عام 2019.
هذه الأزمة التي أفقدت المودعين إمكانية سحب مبالغ كبيرة من ودائعهم، دفعت أفرادًا منهم لاستخدام السلاح واحتجاز رهائن في البنوك، بغية الحصول على حقوقهم، وهو ما يعبر عنه “ياقوت” في العمل.
إلى جانب القالب العاطفي الذي يغلّف القصة، وبحث الحبيب عن حبيبته المخطوفة، يرسخ المسلسل أيضًا فكرة غياب القانون، وسلطة وسطوة الدولة التي تأتي متأخرة، وبعد خسائر قد يصعب تعويضها، كما أن المواطن الفقير والبسيط يشعر بغياب جدوى اللجوء إلى أجهزة الدولة لتحصيل حقوقه، طالما أن الدولة نفسها لا تنظر إلى رعاياها بعين المساواة.
رغم الحضور الجاذب لبعض نجوم العمل، لم يقدّم جديدًا على الأقل في أرشيف بطله قصي خولي، الذي قدّم مؤخرًا عدة أعمال تصب في القالب ذاته، مفادها أن جريمة أو مشكلة أو عقدة تعجز أو لا تسعى الشرطة لحلها، فيأتي مواطن بسيط، قد يكون “صاحب سوابق أصلًا”، ويتولى حل القضية، وبطرق غير قانونية، ما يعني ارتكاب الخطأ وتجاوز الواقع نفسه، للوصول إلى النتيجة المُرضية، في الدراما على الأقل.
يتشارك بطولة العمل كل من قصي خولي ونادين نجيم، ترسيخًا للثنائية الدرامية التي قدمتها الشركة المنتجة “سيدرز آرت برودكشن” (صباح إخوان)، عبر أعمال سابقة، هي “خمسة ونص” و”2020″.
“وأخيرًا” من تأليف “ورشة الصباح للكتابة”، وأسامة عبد الناصر، الذي تولى إخراج المسلسل، وعُرض عبر منصة “شاهد”.