البهاق.. مرض جلدي يجهل حقيقته الكثيرون
د. أكرم خولاني
يعتبر البهاق أحد الأمراض الجلدية المنتشرة في العالم، فهو يصيب 1-2 % من الناس، ونصف هؤلاء تقريبًا يظهر عليهم المرض قبل سن العشرين، ورغم أن المصاب يكون عادة معافى وبصحة جيدة، إلا أنه يعمل ما بوسعه لإيجاد علاج لإصابته، لأن كثيرًا من المصابين بالبهاق يعانون من نظرة المجتمع لهذا المرض، تلك النظرة التي عادة ما تؤدي إلى عزل المرضى عن محيطهم الاجتماعي، وقد يصابون بحالات نفسية كالقلق والاكتئاب وفقدان الثقة، ويعود ذلك لجهل معظم الناس بطبيعة المرض وحقيقته، ولهذا فإننا سنعرف بهذا المرض وأسبابه وطرق علاجه.
ما هو البهاق؟
هو مرض يصيب الخلايا الصباغية المفرزة لمادة الميلانين، والموجودة في قاع بشرة الجلد، وفي حويصلات الشعر، وفي الشفاه، والعيون، وبعض من الأجزاء العصبية المركزية، ويؤدي إلى تحطمها، مما ينتج عنه ظهور بقع بيضاء اللون خالية من الصبغة، ولا يؤثر البهق إلا على لون الجلد فقط، أما باقي وظائف الجلد فلا تتأثر مطلقا، وقد تظهر البقع في مكان محدد من الجسم، وقد تكون شاملة لكل الجسم.
ومرض البهاق غير معد، ولا ينتقل من شخص لآخر لا عن طريق المصافحة ولا غيرها، وهو يصيب البيض والسود، ويصيب الذكور والإناث بنسب متساوية.
ما أسباب الإصابة بالبهاق
سبب البهاق غير معروف بالتحديد، ولكن هناك عوامل وراثية وعصبية ومناعية يعتقد بأنها ذات أهمية في ظهور المرض، ففي ثلث الحالات يصيب هذا المرض عدة أفراد في العائلة الواحدة، كما أن بعض المرضى يربطون حدوث البهاق بحدوث حرق للجلد أو صدمة عصبية نتيجة شدة نفسية أو موت شخص عزيز أو طلاق.. الخ، ومع أن معظم مرضى البهاق في صحة جيدة فإنّ بعضهم قد يصابون بواحد أو أكثر من الأمراض التالية (زيادة أو نقص في إفرازات الغدة الدرقية، فقر الدم بسبب نقص فيتامين ب 12، داء أديسون، الثعلبة، التهابات بالعين).
على أي حال، لم تثبت صحة علاقة هذه العوامل بحدوث المرض من ناحية علمية، و الاعتقاد الشائع حاليا لدى العلماء أنه لدى مرضى البهاق خلايا صباغية لديها استعداد وراثي طبيعي للتلاشي والاختفاء، وأن هذا التلاشي يحدث بآلية مناعية عصبية بحته، حيث يؤدي تفاعل هذه الخلايا الصباغية مع أجهزة المناعة إلى موتها.
كيف يظهر البهاق
يظهر ببقع بيضاء في الجلد ليس لها شكل محدد، وتكون أطرافها محددة بلون البشرة الطبيعي، وقد تكون محاطة بلون بني داكن، ويمكن أن تظهر على أي جزء من أجزاء الجسم، ولكنها أكثر شيوعًا على المناطق المكشوفة مثل الوجه والرقبة والصدر، كذلك يمكن أن تظهر على الإبطين والأعضاء التناسلية وبين الفخذين، كما أن البهاق يمكن أن يصيب الأماكن المصابة بحروق أو جروح، والشعر أيضًا يكون معرضًا للإصابة بالبهاق ويتغير لونه إلى اللون الأبيض سواء على الرأس أو اللحية والجسم.
ويصنف البهاق إلى أنواع:
- البهاق المنتشر، وهو الذي يظهر وينتشر تدريجيًا ليصيب مساحات كبيرة من الجسم قد تصل إلى كامل الجسم ماعدا أجزاء بسيطة تحتفظ بلونها الأصلي.
- البهاق الثابت أو المستقر، و هو الحالة التي استقرت على وضعها لمدة تزيد عن عام.
- البهاق المتراجع، وهو الذي يبدأ وينتشر ثم يتراجع تدريجيًا، فتبدأ الصبغة في الظهور مرة أخرى في الأماكن التي أصيبت بالبهاق.
ما طرق علاج البهاق
بما أن المشكلة هي تغير لون الجلد فالهدف من العلاج هو جعل الجلد كله نفس اللون، وهناك طريقتان لتحقيق ذلك:
أولًا: العلاج باسترجاع لون الجلد الطبيعي، باستخدام المراهم والكريمات التي تحتوي على الكورتيزون، وهذه المراهم لا تستخدم ولا توصف إلا باستشارة الطبيب.
أو بالتعرض للأشعة فوق البنفسجية من النوع B (الأشعة ذات الحزمة الضيقة)، حيث يتم تعريض الجسم لها على فترات معينة بمعدل ثلاث جلسات في الأسبوع لمدة تصل إلى عدة أشهر.
أو العلاج بالبوفا PUVA، حيث يعطى مريض البهاق دواء السورالين عن طريق الفم وبعد ساعتين يعرض للأشعة فوق البنفسجية UV من النوع A، ويحتاج ذلك 2-3 مرات في الأسبوع، بعد مرور 2-3 أسابيع من بدء تعاطي العلاج تصبح حالة المريض أسوأ مما كانت عليه بسبب اسمرار الجلد الطبيعي وزيادة التباين اللوني بينه وبين المناطق المصابة بالبهاق، لكن مع الوقت تبدأ عودة اللون تدريجيًا للجلد ويبدأ ظهور التحسن بمرور الأيام، ويمكن الاستغناء عن الأشعة فوق البنفسجية بالتعرض للشمس في الأوقات الأولى من النهار وتحت إشراف الطبيب لتجنب حدوث حروق في الجلد.
أو يمكن علاج البهاق جراحيًا بإزالة البقعة البيضاء وزراعة طبقة طبيعية اللون مكانها، وتستخدم هذه الطريقة في البهاق الثابت وغير المستجيب للعلاج بالطرق الأخرى. كما يمكن زرع الخلايا الصباغية عن طريق نقل خلايا صباغية سليمة إلى الأماكن المصابة بالبهاق في ظروف معينة.
ثانيًا: العلاج بإزالة لون الجسم المتبقي، ويتم اللجوء إلى هذه الطريقة إذا كان البهاق منتشرًا (في أكثر من 50% من المناطق الواضحة) ولا مانع عند الشخص المصاب من الاستغناء عن اللون الطبيعي المتبقي، فيمكن إزالة اللون باستخدام كريم خاص. وتتم إزالة اللون عند نسبة تتراوح ما بين 90 و95% من المرضى خلال فترة عام أو يزيد، ويجب على المريض بعد إزالة اللون أن يستخدم كريمات واقية من أشعة الشمس مدى الحياة ويتجنب التعرض لأشعة الشمس القوية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :