دولة حكم القانون
يعتبر مبدأ (حكم القانون) المرتكز الذي تبنى عليه دولة المؤسسات العصرية، وهو أساس كل نظام سياسي ديمقراطي أيضًا. حيث يستحيل تطبيق الديمقراطية و مأسسة الدولة بدون إنفاذ حكم القانون.
(دولة حكم القانون) يقابلها في بعض الأدبيات السياسية تعبير (الحكومة المقيدة) وأحيانًا يطلق عليه (حكومة قانون) أي أنها ليست حكومة أشخاص أو حكومة فئوية (أوليغارشية).
يصح إطلاق تسمية (دولة حكم القانون) على أية دولة بمجرد إقرارها وإيمانها بالعدالة والعدالة الاجتماعية واحترامها لحقوق الإنسان والحريات العامة وتطبيقها لتوزيع السلطات العامة وتعاون هذه الأخيرة فيما بينها على إحقاق الصالح العام.
لذا فأن حكم القانون يعني أن القانون السائد داخل الدولة هو قانون فوق الجميع دون استثناء أو تمييز فيما بين المواطنين، حكامًا كانوا أو محكومين، وأن الترسانة القانونية للتشريعات السائدة في الدولة تخضع في كل الأحوال للقانون الوضعي الأسمى أي للدستور، الذي هو من وضع الشعب أو الأمة عن طريق الاستفتاء.
بمعنى آخر، ينهي مبدأ حكم القانون عهد حكم الرأي الوحيد والتسلط الفردي أو الفئوي والعمل بمبدأ حكم الشعب والإذعان لاختيارات هذا الشعب، وخاصة على مستوى الدستور والخضوع لما أصدرته المؤسسات الدستورية المنتخبة انتخابًا نزيهًا من طرف الشعب والعمل به دون زيف أو تحريف.
تنبع أهمية حكم القانون لدوره في ترسيخ آليات الديمقراطية الحديثة، التي تعد صيغًا معيارية تقاس بها مستويات الديمقراطية التي تنتهجها الدول الحديثة. ومن بين أهم هذه الآليات القياسية، نذكر على سبيل المثال الحث على احترام مبدأ سمو القانون من طرف الجميع، وبالتالي مراعاة مبدأ الشرعية والمشروعية واحترام كل من مبادئ فصل السلطات واستقلال القضاء والإقرار الفعلي لحقوق الإنسان والحريات العامة بمختلف أجيال هذه الحقوق، واحترام الإرادة العامة من خلال إشراك الشعب في تدبير الشأن العام بمختلف أشكاله بما فيه الشأن الانتخابي والسياسي.
مبادئ إدارة الحكم يخضع بموجبها كل الأشخاص والمؤسسات والكيانات سواء العامة أو الخاصة بما في ذلك الدولة نفسها للمساءلة أمام قوانين منشورة على الملأ، وتطبق بشكل متساو ويُقضى بشأنها بشكل مستقل.
في سوريا وعلى مر عقود خلت، استأثر النظام الحاكم بصياغة القوانين والدستور وفق مصالحه وأنفذ عبر قنواته الأمنية القائمة على التسلط والخوف، شكلًا رهيبًا من أشكال إدارة الدولة، يعتمد على الفساد والإفساد وبث المحسوبية والاستزلام وربط مؤيديه بشبكة المصالح والتقنع بالشعارات الثورية والقومية لإضفاء الشرعية، مما أدى إلى ترهل الدولة وصولاً إلى فقدانها لكينونتها وتوغل حزب البعث بحيث صار بديلاً عن الدولة، و من ثم تحوله بدوره إلى قناع يستعمله النظام لإدامة حكمه.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :