“أعترف بأنني أكثر الرجال حرية في العالم، من حيث أني غير مرتبط بأي شيء ولست ملزمًا حيال أحد، وأنا مدين بذلك إلى أنني قد فعلت طوال حياتي الشيء الوحيد والحصري الذي أحبه، وهو رواية القصص… إنني أعاني من نزوة القص المباركة، وأتساءل: هل يمكن نقل هذه النزوة إلى الآخرين؟ هل من الممكن تعليم الهواجس إلى الآخرين”.
حول هذا الهاجس يدور كتاب “نزوة القص”المباركة”، وهو من تأليف غابريل غارسيا ماركيز وترجمه صالح العلماني.
يقع الكتاب في ثلاثة أجزاء هي: كيف تحكي حكاية، ونزوة القص المباركة، وبائعة الأحلام، تتوزع على قرابة 600 صفحة بنسخة دار المدى، وهو في الحقيقة نقل حرفي لمجريات ورشة لكتابة سيناريو كان ماركيز المعلم فيها لعدد من الكتاب الشباب، يطلقون عليه اسم غابو ويشاركونه قصصهم من أصغر بذرة لها.
عند قراءة الكتاب ستكون متدربًا إضافيًا في الورشة، تتعلم بناء القصة من الصفر، كيف تنظر إلى الحكاية من زاويتين: زاوية الكاتب وزاوية القارئ، وتناور لتبقي بعض الخيوط متشابكة وغامضة، وتحافظ على الدهشة لتكشفها في الختام.
الكتاب إذن هو عبارة عن حوار يطرح كل متدرب فيه فكرة صغيرة، مبدئية وغير مكتملة لقصة، ويشرع أفراد الورشة في تطويرها وإضافة تعقيدات عليها، في محاولة للإمساك بلحظة ولادة الفكرة المناسبة، كما يقول ماركيز، بعد الكثير والكثير من الاقتراحات والتراكمات التي طرأت على البذرة الأصل.
يتناول الكتاب القصص من جانبها السينمائي، مع تخيّل للمشاهد واللقطات في كل جزء منها،”وربما لن تتعلم “كيفية” كتابة سيناريو فيه، لكنه سيقدم دورة عملية في تحليل الأفكار للتوصل للصيغة الأنسب لها، وإطلاق الخيال لاختيار نهايات مختلفة للقصص التي حولنا.
لا يُقدّم الكتاب بالعناوين التي اعتدنا قراءتها، من قبيل “تعلم كتابة السيناريو في خمسة أيام” أو “كيف تصبح كاتبًا فذًا”، لكنه يفعل ما هو أفضل من ذلك، إنه ينقل لك عدوى نزوة القص، بكل تأكيد.
اقتباس من الكتاب:
“إذا أراد أحدنا أن يكون كاتبًا فيجب عليه أن يكون كذلك طوال 24 ساعة في اليوم، وعلى مدار 365 يومًا في السنة”.