النمسا تُعيد فتح قضية “جنرال التعذيب”.. ما التفاصيل
بعد سنوات من إخفاء ملفه عاد الحديث عن رئيس فرع المخابرات العامة السورية السابق في الرقة، خالد الحلبي، المعروف باسم “جنرال التعذيب”، وتورط ضباط ومسؤولين نمساويين بقضية إخفائه ومنحه حق اللجوء في النمسا.
وأعلنت المتحدثة الرسمية باسم محكمة نمساوية كريستينا سالزبورن، في 4 من نيسان الحالي، أن أربعة مسؤولين نمساويين سيُقدمون للمحكمة، بتهمة إساءة استخدام مناصبهم ومنح اللجوء للحلبي رغم تورطه بجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وفق ما نقلته صحيفة “Der Standard” النمساوية.
وبدأ الحديث عن تورط النمسا بعملية “الحليب الأبيض” التي جرى خلالها إخفاء خالد الحلبي في النمسا وإعطائه هوية واسمًا جديدين، منذ تشرين الثاني 2020، بعد أن كشف تحقيق في صحيفة “كورير” النمساوية عن المكتب الاتحادي لحماية الدستور إخفاءه لمجرم حرب سوري لمصلحة “الموساد” الإسرائيلي.
خطوة منتظرة
طالبت العديد من المنظمات الحقوقية الحكومة النمساوية باتخاذ خطوات جادة حيال ملف خالد الحلبي خلال السنوات الماضية، لكن الملف ظلّ مخفيًا.
المحامي المتخصص في القانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، قال لعنب بلدي إن قرار إحالة المسؤولين عن منح الحلبي حق اللجوء إلى المحكمة جاء بعد تحقيقات طويلة أجرتها السلطات النمساوية.
وكان المسؤولون عن منح الحلبي حق اللجوء لديهم أوراق توضح سبب رفض طلب لجوئه في فرنسا، لكنهم تجاهلوا تلك الأسباب، وهو ما يخالف قانون اللجوء الفرنسي، وفق ما قاله الكيلاني، لافتًا إلى أن المتهمين لم يكن لديهم أدلة تثبت أن الحلبي ليس متورطًا بجرائم ضد الإنسانية.
وأضاف المحامي، أن الادعاء النمساوي يعتقد أن الأشخاص الأربعة كانوا على اطلاع بالجرائم التي ارتكبها الحلبي في سوريا، بالإضافة إلى وجود أدله تثبت تورطهم بعملية “الحليب الأبيض”.
“لعبت المنظمات السورية دورًا هامًا بالوصول إلى الشهود وبناء سلسلة من القيادات التي تثبت المسؤولية الجنائية الفردية عن الانتهاكات المرتكبة في الفرع الذي كان يديره خالد الحلبي” المعتصم الكيلاني
المحامي المتخصص في القانون الجنائي الدولي.
وأرجع الكيلاني تأخر الحكومة النمساوية باتخاذ هذه الخطوة إلى البيروقراطية والإجراءات الطويلة في المؤسسات الأوروبية، إلى جانب غياب الإرادة الحقيقية لدى السلطات النمساوية بمكافحة الإفلات من العقاب.
وانتقدت العديد من التقارير الحقوقية سلوك النمسا بالتعاطي مع القضية، بينها تقرير صادر عن “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، إذ اعتبر التقرير أن عملية “الحليب الأبيض” تقوض جهود العدالة والمساءلة.
ما القادم؟
بحسب ما نشرته صحيفة “Der Standard”، سيقدم المسؤولون الأربعة إلى المحكمة في 14 من الشهر نفسه، في جلسة مغلقة.
ورغم غياب المعلومات خلال السنوات الماضية عن مكان تواجد الحلبي، قال محاميه تيمو غيرسدورفر، لوكالة الأنباء النمساوية (APA) بعد صدور قرار البدء بالمحاكمة، إن السلطات النمساوية على دراية بمكان وجود موكله، وهو على استعداد للاستجواب، نافيًا تورطه بأي انتهاكات ضد الإنسانية.
وتوّقع المحامي الكيلاني، أن تكون محاكمة المسؤولين في النمسا بوابة لفتح ملفات هروب خالد الحلبي وكشف المتورطين بالقضية داخل النمسا وخارجها.
وأضاف الكيلاني، أنه من الممكن صدور مذكرة توقيف بحق الحلبي وجلبه للتحقيق، خصوصًا في ظل وجود أدلة تثبت أنه متواطئ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
“الحليب الأبيض”
كشفت العديد من التحقيقات تفاصيل عملية “الحليب الأبيض”، والتي أفضت إلى حصول الحلبي على اللجوء (مع المزايا الاجتماعية) في النمسا.
وخلص تحقيق راجعت فيه صحيفة “كورير” النمساوية آلاف الصفحات من رسائل البريد الداخلية والتقارير وبروتوكولات الاستجواب، إلى أن كل شيء يشير إلى دور المكتب الاتحادي لحماية الدستور بإخفاء مجرم حرب سوري مشتبهًا به، لمصلحة “الموساد” الإسرائيلي.
خلال زيارة نائب مدير المكتب الاتحادي آنذاك، فولفغانغ زوهرر، إلى إسرائيل عام 2015، أبرم زوهرر اتفاقية تعاون مع موظف رفيع المستوى في “الموساد” متعلقة بخالد الحلبي، الذي كان موجودًا في فرنسا، ويعاني من مشكلات بالحصول على اللجوء هناك نتيجة اشتباه فرنسي بتورطه بجرائم ضد الإنسانية خلال تواجده في سوريا.
وبعد أربعة أيام من الاجتماع في إسرائيل، أنشئ ملف إلكتروني باسم “الحليب الأبيض” في المكتب الاتحادي النمساوي، ليكون الاسم الرمزي للحلبي في جميع المراسلات.
ورفضت فرنسا تسليم الحلبي للنمسا في أيار 2015، خلال اجتماع جمع المكتب النمساوي لحماية الدستور، و”الموساد” والمخابرات الفرنسية، ما دفع “الموساد” لتهريبه إلى النمسا في سيارة.
وبعد ممارسة الضغوطات على مكتب اللجوء الفيدرالي في النمسا لمنح اللجوء للجنرال، حصل عليه في كانون الأول 2015، بإجراء عاجل، نتيجة وجود خطر عليه في فرنسا، وفقًا لأوراق المكتب الاتحادي الداخلية.
وفي كانون الثاني 2016، بدأت التحقيقات التي تثبت ضلوع الحلبي بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية جراء تزويد السلطات النمساوية بأدلة وشهادات من قبل “لجنة العدالة والمساءلة الدولية” (CIJA).
ورغم صدور قرار من قبل المدعي العام في فيينا بحبس الجنرال ونشر نظام “شنغن” لتحديد الإقامة معلومات عن الجنرال متعلقة بجرائم الحرب، لم تعتقل النمسا الحلبي، ليختفي بعدها لحين العثور عليه متواريًا في أوروبا بعد أن كشف محاميه انه ما زال موجودًا في النمسا.
شغل الحلبي منصب رئيس فرع المخابرات العامة “335” في الرقة منذ عام 2009 وحتى سيطرة المعارضة السورية على المدينة عام 2013
وأظهرت التحقيقات التي عملت عليها “CIJA” بالإضافة إلى مجموعة من المنظمات الحقوقي السورية، مسؤولية الحلبي عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم العنف الجنسي.
وتوصلت التحقيقات إلى أن الحلبي وبحسب شهود عيان كان مطّلعًا على جميع الانتهاكات في الفرع الذي ترأسه، وشجّع على استخدام العنف وتعذيب المعتقلين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :