تركيا.. مهن رمضان لا تلبي توقعات أصحابها هذا الموسم
لم يشفع شهر رمضان الحالي لأصحاب المهن الصغيرة التي تزدهر خلاله، من تحصيل مردود مادي يكفي لتغطية النفقات اليومية، بل أسهمت برودة الطقس من جهة، وغلاء الأسعار في ضعف الإقبال على شراء المشروبات والمأكولات المتعارف عليها خلال الشهر المبارك، بالنسبة للسوريين في تركيا.
ويواجه السوريون في تركيا عدة ضغوط معيشية تتعلق بالوضع الاقتصادي المتدهور الذي يبرز من خلال ارتفاع أسعار المواد وغلاء أجور المنازل بالمقارنة مع الدخل المادي، كما يعيش العديد منهم ضغوطًا نفسية بسبب اقتراب موعد الانتخابات التركية، وزيادة الاحتقان في الشارع حول ترحيل السوريين، الورقة التي تستخدمها العديد من الأحزاب التركية كعامل رئيس للنجاح.
“مصروف طعام فقط”
محمد أبو قورة، أو “أبو الخير” كما يحب أن يناديه الناس، يبيع مشروبات رمضان في أحد أسواق منطقة الفاتح باسطنبول على “البسطة” مستخدمًا طاولة خشبية وكرسي، اشتكى لعنب بلدي، من قلة الإقبال على شراء المشروبات في رمضان الحالي مقارنة بالمواسم السابقة.
وعزا محمد ضعف المبيعات إلى برودة الجو التي لاتدفع المستهلكين إلى شراء مشروبات تشرب عادة بشكل بارد، كما يدفع غلاء الأسعار الزبائن إلى شراء الأساسيات من مستلزمات الفطور، دون الالتفات إلى المأكولات أو المشروبات الرمضانية التي تقدم إلى جانب طعام الفطور، للتوفير من المصروف.
وكان ليتر عرق السوس يباع في الموسم الرمضاني العام الماضي بعشر ليرات تركية، أما العام الحالي فيباع بـ 25 ليرة.
واعتاد السوريون في سوريا، وهي من العادات التي حملوها معهم إلى بلاد اللجوء، على شراء مشروبات خاصة في رمضان لترتبط باسمه مثل العرق سوس، والتمر هندي، والجلّاب، والخرنوب، ومأكولات جانبية مثل التمر والمعروك.
“أبو الخير” يبيع جميع أنواع المشروبات الرمضانية، إذ يحضّر مساءً ما سيبيعه في اليوم التالي ضمن قوارير بلاستيكية يَصفّها على الطاولة الصغيرة.
وينفرد الشاب السوري ببيع الخرنوب في منطقته حسب قوله لعنب بلدي، وأرجع سبب عدم بيعه من المحال المجاورة، لصعوبة تحضيره من جهة، وغلاء سعره بالمقارنة مع باقي المشروبات من جهة أخرى.
يتميز “أبو الخير”، وهو من مواليد العاصمة دمشق، بلباسه التراثي الدمشقي الذي يرى فيه عامل جذب مهم للزبائن، يعيد لهم الذكريات في سوريا، كما يرى الشاب السوري أنه يتميز بجودة ونكهة مشروباته التي يحضرها، إذ واظب منذ 18 عامًا على بيع هذه المشروبات في كل رمضان، وأصبح لديه زبائن لا يشترون إلا من عنده.
في المواسم الرمضانية السابقة عندما كان الجو معتدل أو أقرب للحار، يميل السوريون لشراء المشروبات الباردة التي يبيعها “أبو الخير”، أما حاليًا ضمن الطقس البارد، يتوجه السوريون لشراء المأكولات أو الحلويات التي تؤكل دافئة، مثل اللقم والمشبك وغيرها، وهو ما أثر على هذه المهن، إذ قال محمد عن مرابحه، إنها تكفي “مصروف طعامه وشرابه فقط”.
خارج أوقات الشهر الكريم، يعمل محمد في بيع الفول والترمس، أيضًا على “البسطة”، في ذات المنطقة، حيث يوجد كثافة للسوريين والعرب، ولكنه يتخوف من عدم استطاعته بيع مشروباته الموسم المقبل لازدياد برودة الطقس في رمضان 2024.
فرصة دخل إضافي
يكابر محمد عقاد على نفسه لتحقيق دخل إضافي خلال الشهر الفضيل، عن طريق العمل في بيع الكعك الرمضاني (المعروك)، ضمن عمله في صناعة المعجنات بالمنزل وتوزيعها على المحال السورية.
محمد، الذي عمل في مدينته حلب سابقًا في مجال تصنيع الحلويات، ولكنه أحب وأبدع في مجال المعجنات والكاتو كما قال لعنب بلدي، بدأ في رمضان بخبز وتوزيع المعروك بالإضافة للمنتجات السابقة حسب طلبات المحال السورية المتزايد عليها في الشهر الفضيل.
وبالرغم من الجهد المضاعف الذي يبذله في سبيل إيفاء طلبات زبائنه، قرر محمد أن يعمل على صناعة المعروك لأول مرة هذا الموسم، كون مرابحه بدأت بالتناقص مع ارتفاع أسعار المواد الأولية التي يعمل بها، ليجد في هذا الشهر فرصة لتكوين دخل إضافي.
يعيش محمد في منزل مستأجر بقيمة خمسة آلاف ليرة، مع زوجته وأولاده الأربعة، في اسطنبول، وهو مايضع على عاتقه مسؤولية تأمين مدخول مادي كافٍ لإيجار المنزل وشراء حاجيات عائلته.
وبحسب اتحاد نقابة العمال في تركيا، بلغت النفقات الغذائية خلال شهر آذار الماضي (الحد الأدنى للجوع)، لأسرة مكوّنة من أربعة أفراد، نحو تسعة آلاف و591 ليرة تركية.
وحددت الأبحاث التي أجرتها النقابة حد الفقر لأسرة مكوّنة من أربعة أفراد، بنحو 31 ألف ليرة تركية، يشمل التغذية والإيجار والتعليم والرعاية الصحية، بحسب النقابة.
ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و426 ألفًا و719 لاجئًا سوريًا تحت قانون “الحماية المؤقتة”، وفق أحدث إحصائية للمديرية العامة لإدارة الهجرة التركية، حتى 6 من نيسان الحالي، وتتصدّر اسطنبول قائمة المدن التي تضم أكبر عدد من السوريين في تركيا، بـ530 ألفًا و988 لاجئًا سوريًا.
نشاط تجاري قبل رمضان
منذ آذار الماضي، بدأت ورد في الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لبيع فوانيس رمضان والأشكال المضيئة وقطع الزينة المتعلقة بالشهر الفضيل، قائلة لعنب بلدي، إن شهر رمضان يشكل مصدر رزق إضافي بسبب اقبال السوريين على شراء الفوانيس والزينة الرمضانية.
وبحسب ورد، فإن هذه التجارة أصبحت موسمية بهذا الشهر، إضافة لعملها المعتاد في بيع قطع الزينة المنزلية “الصمديات” عبر الإنترنت، لاعتبار السوريين أن هذه الأشكال هي أحد مظاهر الترحيب بشهر رمضان، وتدخل البهجة في نفوس الأطفال، وتعيد ذكريات طقوس رمضان في سوريا.
وتتزين الشوارع في اسطنبول بزينة رمضان من إنارة وفوانيس، كما تعتلي بعض مآذن المساجد لافتات ضوئية كبيرة تحمل عبارات ترحيب برمضان، تضاء من المغرب حتى الصباح.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :