“فاينانشال تايمز”: أسماء الأسد تدير “مجلس الاقتصاد السري”

  • 2023/04/02
  • 4:00 م

زوجة رئيس النظام السوري، أسماء الأسد خلال استقبالها في الإمارات من قبل زوجة الرئيس الإماراتي الراحل زايد بن سلطان، فاطمة بنت مبارك-19 آذار 2023(رئاسة الجمهورية/فيس بوك)

كشف تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أن أسماء الأسد زوجة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، تمارس دورًا بارزًا بالفساد في سوريا وتتحكم بالاقتصاد السوري المنهك.

وأفاد التقرير المنشور اليوم، الأحد 2 من نيسان، أن أسماء الأسد تترأس “مجلس الاقتصاد السري” للنظام السوري، وتعمل فيه بمشاركة رجال أعمال وأشخاص مقربين من النظام، وفق مقابلات أجرتها الصحيفة مع 18 شخصًا مطّلعين على عمل النظام السوري، بينهم رؤساء شركات وعمال إغاثة ومسؤولون حكوميون سابقون.

ويظهر نفوذها بقطاعات عديدة في الاقتصاد السوري، بينها العقارات والبنوك والاتصالات، وفق ما ذكر التقرير لافتًا إلى أن ذلك الوجود مخفي باستخدام شركات وهمية لشركاء النظام السوري.

ونقل التقرير عن أحد رجال الأعمال السوريين أن “كل سوريا الآن لأسماء”، إذ عملت أسماء الأسد برفقة زوجها الأسد وشقيقه ماهر الأسد على الذين يتقاسمون ما تبقى من الاقتصاد السوري، على تفكيك طبقة التجار التقليديين في سوريا وابتكروا طرقًا جديدة لتحقيق مكاسب اقتصادية من الحرب.

ورغم التوقعات بأن يكون لأسماء الأسد دورًا بارزًا بعد بدء الاحتجاجات في سوريا، تراجعت عن المشهد العام إلى حين وفاة والدة رئيس النظام بشار الأسد، أنيسة مخلوف، عام 2016، إذ عادت للظهور للقيام بـ”الأعمال الخيرية” خلال ذلك العام.

وبعد استمرار تدهور الواقع الاقتصادي في سوريا، وفقدان العملة نحو 95% من قيمتها في 2019، اتخذ الأسد وزوجته إجراءات جذرية لتعزيز تحكمهما الكامل بالاقتصاد.

“المجلس السري”

نفذ النظام السوري خلال عام 2019 ما أطلق عليه رجال الأعمال والخبراء السوريون حملة “المافيا” لزعزعة نخبة من رجال الأعمال، بمن فيهم أولئك الذين دعموه خلال سنوات الصراع، وعمل على إرسال محاسبين إلى الأعمال التجارية للعثور على الانتهاكات التي يمكن الاستفادة منها لإجبار التجار على دفع غرامات باهظة.

كما عمل النظام السوري على احتجاز مدراء الشركات وتجميد أصولهم حتى تتمكن عائلاتهم من دفع غرامات تُرسل إلى الصناديق الخيرية أو الحسابات المصرفية التي يسيطر عليها القصر الرئاسي مباشرة.

وبحسب مصادر الصحيفة، جرت مناقشة تلك الخطوات المتخذة من قبل النظام السوري خلال اجتماعات “مجلس الاقتصاد السري” الذي تترأسه أسماء الأسد.

وبخلاف اللجنة الاقتصادية الرسمية للحكومة، لا يظهر عمل المجلس خارج بوابات القصر وتنفذ عمليات مصادرة الأصول من قبله بشكل سري.

ومن أبرز عمليات “مجلس الاقتصاد السري”، الاستيلاء على أموال رجل الأعمال السوري رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري، وشمل ذلك “دمشق الشام القابضة” ، و”سيرياتيل” أكبر شبكة اتصالات في سوريا، بالإضافة إلى مؤسسة مخلوف الخيرية.

ومن غير الواضح مدى مشاركة بشار الأسد في أعمال المجلس السري، بينما يعتقد البعض أن الزوجين يتحكمان معًا بعمله.

دائرة العلاقات

يظهر نفوذ الأشخاص المقربين من عائلة الأسد في قطاعات مختلفة، بينهم شقيق أسما الأسد وأبناء عمومتها الذين يديرون العديد من الشركات المرتبطة بها، إذ يمتلك ابن خالتها مهند الدباغ حصة 30% في نظام “البطاقة الذكية” في سوريا.

وتشمل دائرة علاقات أسماء الأسد، فارس كلاس الأمين العام لـ”الأمانة السورية للتنمية”، والمستشارة الإعلامية لرئيس النظام السوري، لونا الشبل ورجل الأعمال السوري، خضر علي طاهر.

كما تشمل مساعد رئيس الجمهورية ورجل الأعمال، ياسر إبراهيم، ولينا كناية التي شغلت رئاسة مكتب أسماء الأسد في وقت سابق، بالإضافة إلى دانا باخور التي ظهرت مؤخرًا خلال زيارة الأسد إلى الإمارات.

نفوذ بغطاء إنساني

عملت أسماء الأسد على إظهار نفسها بصورة “أم الوطن” وتصدير أدوارها “الإنسانية” في سوريا بينما كانت تعمل سرًا على أن تكون بموقع قوة في السلطة، وفق التقرير.

وساعدت المنظمات غير الحكومية التابعة لها في بناء شبكة محسوبيات واسعة لعائلة الأسد، بينما تتحكم من خلال تلك المنظمات بأموال المساعدات التي تتدفق إلى سوريا، خصوصًا عقب الزلزال.

وبحسب مصادر الصحيفة، نجحت أسماء من خلال إدارة المنظمات غير الحكومية قبل الصراع بتأسيس نظام مساعدات إنسانية فاسد بشكل منهجي تديره شبكاتها، وتحقيق مكاسب من خلال إجبار الوكالات الأممية على التعامل مع المنظمات غير الحكومية التي تديرها أسماء الأسد وأشخاص مقربون منها.

وردًا على أسئلة من “فاينانشيال تايمز”، قالت الأمم المتحدة إن شراكاتها مع “الأمانة السورية” أصبحت “محدودة للغاية” وغالبًا ما تكون ضرورية بسبب “دورها المؤسسي”.

وأضافت أن “الشراكة لا تعني إعطاء تفويض مطلق” في إشارة إلى أن الأمم المتحدة تراقب عمل “الأمانة السورية” بشكل مستمر.

شريكة بالفساد

عاد الحديث عن أدوار أسماء الأسد بعد ظهورها إلى جانب زوجها في زيارته إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي في 19 من آذار الماضي، إذ تعتبر الزيارة الأولى لها منذ 2011.

وفي حين تركزت أدوارها خلال السنوات الماضية على “الأعمال الإنسانية”، سلّطت العديد من التحقيقات والتقارير الضوء على مشاركتها بارتكاب العديد من الانتهاكات في سوريا.

وفي 20 من نيسان 2021، نشرت مجلة “Elle” الفرنسية العالمية، المهتمة بالموضة وأزياء المرأة، صورًا لأسماء الأسد ووصفتها بـ”قائدة عصابة وعديمة الضمير، ومدمنة التسوق”.

كما وصفتها أيضًا بأنها “امرأة ذات قبضة قوية، السيدة الأولى المحتالة، والشريكة المتواطئة في جرائم الزوج والمتعطشة للسلطة”، بحسب ما ترجمته عنب بلدي حينها.

في 2020 فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على أسماء الأسد والعديد من أفراد عائلتها، بينهم فواز الأخرس وسحر عطري الأخرس وفراس وإياد الأخرس، ومصرف سوريا المركزي.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن “أسماء الأسد عرقلت الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء النزاع السوري، وقادت الجهود لمصلحة النظام لترسيخ سلطته الاقتصادية والسياسية، بما في ذلك استخدام ما يسمى بالمنظمات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني”.

وتأسست “الأمانة السورية للتنمية” التي تديرها أسماء الأسد في عام 2007، بعد دمج عدد كبير من المنظمات غير الحكومية التي أسستها أسماء الأسد، منذ عام 2000.

ومنذ تأسيسها في 2007، أصبحت “الأمانة للتنمية” أحد أكثر مشاريع العلاقات العامة “قيمة” لدى النظام تجاه الغرب والمجتمع الدولي، بحسب ما جاء في دراسة حول “دور العمل الخيري في الحرب السورية”، للباحثَين في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أيمن الدسوقي وسنان حتاحت.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا