عروة قنواتي
دون مقدمات، ودون مربعات ودوائر، تبرع المنتخب المغربي رابع مونديال 2022، ليسجل الفوز العربي الأول على منتخب البرازيل أكثر حاصدي لقب المونديال بخمسة نجوم، في اللقاء الودي الذي جمع المنتخبين بمدينة طنجة المغربية قبل أيام، ضمن فترة التوقف الدولي (أيام “فيفا”). لأول مرة بمواجهة رسمية ودية أو ضمن المسابقات الدولية كان الفوز المغربي صريحًا وواضحًا، ليكسر عقدة الهزائم للمنتخبات العربية بشقيها الآسيوي والإفريقي أمام السامبا، ولعل الفوز يفتح الباب لانتصارات جديدة في المستقبل حتى لا يكون الطفرة الوحيدة، فتعود الكرة البرازيلية إلى نزهتها بالفوز على منتخبات عالمنا العربي.
قبل المونديال بأسبوعين كنا نلوم المنتخب التونسي، الذي تورط بخماسية مقابل هدف أمام البرازيل استعدادًا للمونديال، وكتبنا يومها ما حاجتكم إلى هزة الأبدان وسياط الجماهير والصحافة وأنتم تحتاجون إلى رفع المعنويات قبل المونديال؟
يبدو أن المنتخب المغربي الشقيق بمحاربيه المحترفين الشجعان ومدربه الفيلسوف المتمرس جاء ليثبت أن هذه النتيجة هي امتداد للفوز في المونديال على إسبانيا وبلجيكا والبرتغال، وتحقيق المركز الرابع في المونديال لأول مرة عربيًا وإفريقيًا، ودخل إلى مواجهة السامبا حتى يدوّن عنوانًا جميلًا مفاده، “هكذا تكون مشاريع التنمية والتطوير في كرة القدم “. من حقنا أن نفرح وأن نفخر وأن نطرب لسلسلة الانتصارات وللهوية الكروية المغربية في ملاعب العالم، ومن حقنا أيضًا أن نخاف على المشروع وعلى نهجه حتى لا يكون مشابهًا لطفرات الكرة القطرية والسعودية والجزائرية.
نعم يا سادة، أيام طويلة مضت ونحن نبحث عن أجوبة لأسئلتنا حول الأداء القطري في المونديال، والتراجع المخيف بل والاستسلام الذي أحاط اللاعبين والمدرب في مبارياتهم الثلاث ليخرجوا منها دون نقاط وبهدف واحد مقابل سبعة أهداف في شباكهم، حتى إننا لم نشاهد جملة كروية مفيدة في مواجهاتهم، ندور ونبحث عن سبب الأداء غير المقنع بعد انتصار آسيا في 2019، وسلسلة مشاركات في أمريكا الجنوبية والشمالية، وتصفيات اليورو كضيوف شرف وتجهيز امتد لأربع سنوات كاملة. لا جواب.
نعم، أيضًا مجموعة الجزائر تحت قيادة المخضرم جمال بلماضي التي أنجزت عملًا شاقًا ومرعبًا في كأس أمم إفريقيا على الملاعب المصرية، عادت لتختفي وتتقهقر دون مبرر في النسخة الإفريقية على ملاعب الكاميرون بهزائم مخيفة وإخفاق بالتأهل إلى المونديال بمشهد درامي في مواجهة الكاميرون الأخيرة والدقائق القاتلة التي قلبت دموع الفرح إلى حزن بل إلى مأساة. أين ذهب المشروع وأين أهله؟ لا جواب.
نعم وألف نعم للنشوة التي شعرنا بها من خلال الهوية السعودية الكروية في المونديال، وبمجد الانتصار على الأرجنتين في المباراة الأولى، نعم أرجنتين ليونيل ميسي، وبفدائية اللاعبين وفكر المدرب هيرفي رينارد حتى وهو يخسر لقاء بولندا ومواجهة المكسيك. رينارد الآن غادر المملكة باتجاه منتخب كرة القدم الفرنسي للسيدات، ماذا حل بالمشروع السعودي، وإلى أين يتجه؟ لا جواب أيضًا.
في منتخب الفراعنة، نحن نحتاج إلى الصبر والصبر والصبر أكثر من أي فترة ماضية، التخبطات التي صدمت وجه الكرة المصرية من أمم إفريقيا الماضية حتى خسارة بطاقة التأهل للمونديال لا يمكن نسيان أثرها بسهولة، ولربما ينتهي جيل المخضرم محمد صلاح ورفاقه الشناوي وأبو جبل وحجازي ولا يعود الفراعنة بمشروع جديد. لماذا؟ لا جواب.
الجواب كان مغربيًا قبل أيام، حتى والبرازيل تلعب منقوصة من ستة لاعبين نجوم في تشكيلتها المعتادة، ودون مدرب رسمي معتمد، ولكن الفوز أكد سلامة طريق المشروع المغربي الاحترافي، ما يجعلنا نكتب وندوّن بل ونصرخ. نعم فزنا أخيرًا على البرازيل، هنا فقط نعرف الجواب.