توفي الأمريكي جوردون مور، رائد الإلكترونيات الذي حددت نظرياته وتيرة الابتكار في مجال “أشباه الموصلات”، عن عمر ناهز 94 عامًا، في 24 من آذار الماضي.
شارك مور في تأسيس شركة “إنتل” العملاقة، وكان رئيسها الفخري.
نظرية باتت قانونًا
كتب مور في عام 1965 نظريته المشهورة، ونشرها في المجلة الإلكترونية التجارية، متوقعًا وتيرة تصغير شرائح الكمبيوتر الإلكترونية، وتطور أجهزة الكمبيوتر المنزلية، وساعات اليد الذكية، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية المكونة من قطع “الترانزستور”، التي ستصبح أصغر وأسرع وأرخص.
وأثبت قانون “مور” (الذي بدأ كنظرية) ملاحظاته الدقيقة حول مدى سرعة المهندسين في إحداث تقدم ضمن التكنولوجيا الرقمية، التي أدت إلى تطورات كبيرة في عصر السرعة.
يقول قانون “مور”، إن عدد “الترانزستورات” والمكوّنات الأخرى على شريحة نموذجية سيتضاعف كل سنة، وفي عام 1975، عُدّل القانون إلى كل عامين، فيما صاغ أستاذ الهندسة في معهد “كاليفورنيا” للتكنولوجيا كارفر ميد القانون الذي أصبحت من خلاله تنبؤات مور معروفة على نطاق واسع.
الآثار المترتبة على القانون كانت بالغة الأهمية، إذ يمكن “للترانزستورات” الأصغر أن تحسن سرعة معالجة الشريحة، وتعزز سعة تخزين البيانات، وتقلل تكلفة أي من الوظيفتين، إذ وصل سعر “الترانزستور” إلى 150 دولارًا، بينما احتوى معالج “Intel” الصغير النموذجي عام 2019 على خمسة مليارات “ترانزستور” بتكلفة سنت لكل 100 ألف “ترانزستور”، حسب تقديرات الشركة.
بداية النهاية
على مر السنين، تناقص عدد الشركات التي استطاعت مواكبة قانون “مور”، أما في الوقت الحاضر، فلا يزال النقاش قائمًا بشأن ما إذا كان قانون “مور” لا يزال ساريًا لـ”أشباه الموصلات”، بينما لا يزال المديرون التنفيذيون في “إنتل” يلتزمون بالقانون كنوع من عقيدة الشركة.
أسس مور مع روبرت نويس شركة “NM” للإلكترونيات، التي أصبحت لاحقًا شركة “إنتل”، وهي لا تزال المورد المهيمن لمعالجات الكمبيوتر في العالم، حيث قضى فيها مور أطول فترة لرئيس تنفيذي مرّ على الشركة (12 عامًا)، ونال بعدها الميدالية الرئاسية للحرية والميدالية الوطنية للتكنولوجيا.
كان نجاح “إنتل” في بداياتها مبنيًا على شرائح السيليكون التي تخزن البيانات وتنقلها (الذواكر)، وهو ما سوّقت له الشركة بالإضافة إلى معالجاتها صغيرة الحجم، واخترعت طرقًا للتواصل بين هذه الشرائح وبرامج الكمبيوتر.
وفي عام 1987، تراجعت “إنتل” عن عملها في مجال “الذواكر”، إذ أغرقت البدائل الأرخص من اليابان السوق الأمريكية، لتركز الشركة عملها في بناء وحدات المعالجة المركزية كمنتج رئيس لها، وتمتلك “إنتل” حاليًا حوالي 70% من هذه السوق في العالم.
يعتبر العديد من المختصين في المجال التقني أن قانون “مور” حاليًا يقترب من نهاية عهده، لكن مور بشخصه لم يقصد مطلقًا حين أطلق نظريته أن تصبح قانونًا ثابتًا، معتبرًا أن النظرية ملاحظة حول مرحلة من النشاط الصناعي ستصبح يومًا ما مستحيلة من الناحية الفنية، لكنه تجنب قول متى بالضبط.
وقال مازحًا عام 2015 في ذكرى الاحتفال بمرور 50 عامًا على قانون “مور”، “لقد تعلمت شيئًا واحدًا، بمجرد أن يصيب معك تنبؤ ناجح، تجنب توقع تنبؤ آخر”.