حثت مجموعة تضم 40 خبيرًا في الشأن السوري ومسؤولين أمريكيين سابقين، إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على مواجهة تقارب دول عربية مع النظام السوري، واقترحوا إطارًا جديدًا لإنهاء الأزمة في سوريا.
ودعت المجموعة إدارة بايدن إلى التصدي بقوة أكبر للتطبيع مع النظام، خاصة مع الترحيب التدريجي من بعض الدول العربية بإعادة العلاقات مع رئيس النظام، بشار الأسد، التي نشطت مؤخرًا عقب الزلزال.
رفض التطبيع
كتبت مجموعة الخبراء والمسؤولين رسالة وصلت إلى الرئيس بايدن ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، مساء الاثنين 27 من آذار.
وجاء فيها “أن معارضة تطبيع النظام بالقول فقط ليست كافية، لأن السماح به ضمنيًا قصير النظر، ويضر بأي أمل في الأمن والاستقرار الإقليميين”، وأن التطبيع الإقليمي “يقوّض قدرة المجتمع الدولي على تشكيل عملية سياسية تهدف إلى حل الأزمة بشكل هادف”.
وتوضح الرسالة المخاوف من نهج إدارة بايدن تجاه سوريا، وتدعو إلى مزيد من الضغط على الحكومات الأجنبية لإعادة عشرات الآلاف من مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” المشتبه بهم وعائلاتهم الذين يعيشون في السجون والمخيمات التي تديرها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وتضع الرسالة عدة توصيات لـ”رؤية بديلة وقابلة للتنفيذ” لسوريا، بما في ذلك الحفاظ على بصمة عسكرية أمريكية خفيفة في شمال شرقي سوريا بالشراكة مع “قسد” للحفاظ على الحملة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ومن بين الموقعين على الرسالة، المبعوثون الأمريكيون الخاصون السابقون إلى سوريا فريدريك هوف وجيمس جيفري وجويل ريبورن، ومساعدا وزير الخارجية السابقان لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان وآن باترسون.
ووقع على الرسالة رئيس القيادة المركزية الأمريكية السابق، الجنرال كينيث فرانك ماكنزي، والقائم بأعمال مدير وكالة المخابرات المركزية السابق، جون ماكلولين، ونائب المبعوث الأمريكي الخاص السابق للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم “الدولة”، ويليام روبوك.
كما حملت الرسالة توقيع شخصيات سورية من تحالف المنظمات (وهو تجمع للمنظمات السورية غير الحكومية التي تدعم وتقود العمليات الإنسانية في سوريا ودول الجوار)، هي: عمار القحف، زاهر سحلول، وائل السواح، شادي مارتيني، ياسر تبارة، معاذ مصطفى، عمر الشغري، محمود برازي، وائل الزيات، ميرنا برق، إسماعيل باشا، فاروق بلال، قتيبة إدلبي.
It is time for a renewed policy framework on #Syria that expands formalizes the existing cessation of hostilities into a national ceasefire, and expand on Western economic, military, and political support to N. #Syria as laid out in our bipartisan letter to @POTUS @SecBlinken… pic.twitter.com/wz2Tjv9YNt
— Qutaiba Idlbi قتيبة ادلبي (@Qidlbi) March 27, 2023
وضمت الرسالة موقعين من منظمة “المجلس السوري الأمريكي” هم: علاء غانم، سوزان مريدن، بكر غبيس.
وتأتي الرسالة في الوقت الذي تعيد فيه دول عربية بناء علاقات ببطء مع دمشق، بعد قطيعة مع الأسد منذ بدء الثورة السورية عام 2011 بسبب القمع الذي مارسه ضد الشعب السوري.
إطار سياسي جديد
طرحت الرسالة إطارًا جديدًا للسياسة في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم “2254”، وجاء فيها بحسب ما ترجمته عنب بلدي:
– وقف رسمي لإطلاق النار، ورفض أي شكل من أشكال “المصالحة” أو الخضوع لحكم النظام، وتقديم مساعدة طويلة الأجل في أعقاب الزلزال، وإضفاء الطابع الرسمي على هذه الحاجة العملياتية الفورية إلى وقف إطلاق النار وضمانها.
– إعطاء الأولوية لتحقيق الاستقرار والتعافي المبكر والاستثمار الموجه في بناء قدرات المجتمع، وتحقيق الاستقرار والتعافي المبكر شمالي سوريا مع استمرار الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا.
– بذل المزيد من جهود المساعدة الاستراتيجية، وعمل الولايات المتحدة وحلفائها على تعزيز النفوذ وتهيئة الظروف التي تشجع على الترابط بين الشمال الغربي والشمال الشرقي، وتوضيح عدم قابلية استمرار رفض النظام الانخراط في عملية سياسية.
– إضفاء الطابع الرسمي على “مجموعة الاتصال” متعددة الجنسيات الخاصة بسوريا، التي يجب عليها وضع جدول زمني للقاءات عمل منتظمة لبدء صياغة استراتيجية سورية موحدة وشاملة، مدعومة بجمهور واضح.
– إبقاء القوات في شمال شرقي سوريا بالتنسيق مع التحالف الدولي. يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على حملة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، بالشراكة مع “قسد”.
– يجب على الولايات المتحدة زيادة الدبلوماسية الرفيعة المستوى، وتكثيف الجهود لإعادة عشرة آلاف سجين من المتهمين بالانتماء لتنظيم “الدولة” وأكثر من 50 ألفًا إلى أوطانهم المحتجزين حاليًا في السجون والمخيمات شمال شرقي سوريا.
– وضع خطة “ب” لتوفير المعونة والدفع بحزم من أجل وصول طويل الأجل وواسع عبر الحدود من خلال آلية الأمم المتحدة الحالية، أو الانتقال بطريقة أخرى إلى الخطة “ب”.
– التأكيد على الحاجة إلى استمرار المساعدة عبر الحدود مع تأكيد على أن المساعدة عبر الخطوط ليس لها إمكانية التوسع.
– مراقبة عمليات تسليم المساعدات والتجاوزات، إذ غالبًا ما تؤدي الكوارث الطبيعية إلى فتح أبواب الفساد والمخالفات.
– تحسين وصول المنظمات غير الحكومية إلى المساعدة من خلال اتخاذ خطوات لتعزيز قدرة الجهات الفاعلة في مجال المساعدة بشكل ملحوظ.
– إعادة ضبط العلاقات مع تركيا، إذ يوفر الزلزال فرصة مهمة للانخراط في دبلوماسية رفيعة المستوى مع حكومة تركيا بشأن الاستجابة للكوارث داخل أحد حلفاء “الناتو” وعبر جميع أنحاء البلاد.
رسالة سابقة وعقوبات
وتأتي الرسالة بعد أربعة أيام من رسالة بعثها رؤساء لجان العلاقات الخارجية في مجلسي “الشيوخ” و”النواب” إلى إدارة الرئيس بايدن موجّهة إلى وزيري وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، والخزانة، جانيت يلين، أكدوا خلالها أنهم غير راضين عن التباطؤ في تطبيق قانون “قيصر” ضد النظام السوري وفي فرض العقوبات بموجبه.
وطالبت الرسالة بفرض عقوبات بموجب قانون “قيصر” لحماية المدنيين في سوريا، واعتبر النواب أن القانون لا يضمن فقط محاسبة المجرمين على المجازر المرتكبة بسوريا، بل يوقف أيضًا محاولات لإعادة تأهيل أو تطبيع العلاقات مع النظام.
وفرضت أمريكا العقوبات على النظام السوري بموجب قانون “قيصر”، الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران 2020، وينص على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام السوري، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للأسد.
ويشمل القانون كل من يقدم الدعم العسكري والمالي والتقني للنظام السوري، من الشركات والأشخاص والدول، حتى روسيا وإيران، ويستهدف كل من يقدم المعونات الخاصة بإعادة الإعمار في سوريا.
وفي 28 من شباط الماضي، صوّت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة على قرار ينبغي تمريره من مجلس الشيوخ، قبل إقراره من الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ينص على محاسبة كل من يطبّع مع النظام السوري.
وتعهد القرار بمحاسبة كل من يحاول التطبيع مع بشار الأسد، وبعدم التوقف عن دعم الشعب السوري “في أن تكون له حكومة يستحقها على أساس الديمقراطية مع سيادة القانون، وليس الاستبداد مع حكم البندقية”.
اقرأ أيضًا: الخارجية الأمريكية لعنب بلدي: لا حل “للصراع” في سوريا دون مساءلة
–