طرحت لجنة التحقيق الأممية في ليبيا تقريرها الأخير حول الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي ترتكبها جميع الأطراف في ليبيا منذ عام 2016، وكشف عن استمرار تعرض أطفال سوريين للتجنيد في صفوف الجماعات المسلحة.
وذكر التقرير الصادر اليوم، الاثنين 27 من آذار، أن بعثة لجنة التحقيق أثبتت في تقريرها الأول إلى مجلس حقوق الإنسان، وجود “أسباب معقولة للاعتقاد” بأنه قد جرى تجنيد أطفال سوريين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عامًا في الجماعات المسلحة منذ أواخر عام 2019.
وتلقت البعثة منذ ذلك الحين معلومات تفيد بأن الأطفال السوريين ما زالوا يجندون في الجماعات المسلحة، وأن أطفال الأقليات في ليبيا، الذين لا يحملون الجنسية، والذين يعانون وضعًا قانونيًا غير محدد، معرضون لخطر الانخراط في القتال.
واستمرت اللجنة في تلقي تقارير عن أطفال رهن الاحتجاز التعسفي مع أهلهم أو محتجزين من غير أفراد الأسرة، فضلًا عن الأذى الذي يلحق بالأطفال في أثناء الاشتباكات المسلحة والأعمال العدائية.
وانتهكت ليبيا التزاماتها بموجب الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، واتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
وعلى صعيد المهاجرين الباحثين عن اللجوء في الدول الأوروبية، حيث تعد ليبيا نقطة انطلاق وعبور لكثير من المتجهين إلى أوروبا، استُهدف عديد منهم، وتعرضوا للتعذيب المنهجي، بحسب تقرير البعثة، الذي أكد وجود “أسباب معقولة للاعتقاد” بأن الاستعباد الجنسي، الذي يشكّل جريمة ضد الإنسانية، قد ارتُكب أيضًا ضدهم.
ويوجد أكثر من 670 ألف مهاجر من أكثر من 41 جنسية في ليبيا، بينهم سوريون، ويتزايد عدد المهاجرين في ليبيا منذ العام 2021.
وعلى الرغم من أن الحكومة الليبية ملزمة بالتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، والجرائم في المناطق الخاضعة لسيطرتها وفقًا للمعايير الدولية، فإنه بحسب التقرير، لا يوجد دليل على اتخاذ خطوات مجدية للحد من هذا المسار “المثير للقلق، وتقديم سبل الانتصاف إلى الضحايا”.
وتبقى الجماعات المسلحة الضالعة في التعذيب، والاحتجاز التعسفي، والاتجار، والعنف الجنسي، خارج إطار المساءلة.
من رحلة لجوء إلى اعتقال
قال التقرير، إن تهريب المهاجرين واستعبادهم وعملهم القسري وسجنهم في سجون سرية وابتزازهم، يدر “عائدات كبيرة” للأفراد والجماعات ومؤسسات الدولة، ويحفز على استمرار الانتهاكات.
وتشير الأرقام الصادرة عن الحكومة إلى أن العدد الرسمي للمحتجزين يبلغ 18 ألفًا و523 شخصًا، في حين أن الأدلة التي جمعتها البعثة رجّحت أن يكون العدد الفعلي للأفراد المحتجزين تعسفيًا “أعلى من ذلك بكثير”.
ويعيش عديد من السوريين في هذه المعتقلات ظروف اعتقال غير قانونية، وسوء تغذية، وعدم توفر مياه الشرب ودورات المياه الصحية، إضافة إلى انتشار أمراض جلدية معدية، وفق ما وثقته عدة منظمات حقوقية ليبية.
ويصل المهاجرون السوريون إلى ليبيا على متن رحلات جوية تابعة لشركة “أجنحة الشام” الخاصة، من مطار “دمشق” مباشرة إلى مطار “بنينا” بمدينة بنغازي شرقي ليبيا، الواقعة تحت إدارة قائد “الجيش الوطني الليبي”، خليفة حفتر، في سعيهم نحو اللجوء إلى الدول الأوروبية.
ويدخل السوريون الأراضي الليبية بموافقة أمنية صادرة عن “هيئة الاستثمار العسكري” التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية غير المعترف بها من سلطات طرابلس، وفق ما نقله بيان منظمة “التضامن لحقوق الإنسان”.
وتنشط حركة التهريب من السواحل الليبية مقارنة ببقية البلدان لضعف الرقابة، رغم علم السلطات بحركة الهجرة، وكثرة حركة التهريب والمهربين، واستغلال المهاجرين وسرقة أموالهم.
واتهم التقرير الأممي الصادر بعض دول الاتحاد الأوروبي (لم يسمِّها) بتقديم الدعم المالي والتقني والمعدات، مثل القوارب، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى خفر السواحل الليبي وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، لاستخدامها في سياق اعتراض سبيل المهاجرين واحتجازهم.
تقارير حقوقية أيضًا، مثل تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الصادر في آذار الحالي، قال إن على إيطاليا والدول والمؤسسات الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التوقف عن مساعدة السلطات الليبية في أعمالها التعسفية، والسماح لسفن الإنقاذ الإنسانية بإجراء عمليات الإنقاذ فعليًا، وإلغاء منطقة البحث والإنقاذ الليبية.
كما أوصت المنظمة بإطلاق مهمة بحث وإنقاذ بقيادة إيطاليا في البحر الأبيض المتوسط، وإلا فإنها تتقاسم المسؤولية مع ليبيا حول وفيات المهاجرين في البحر.
–