منكوبو الزلزال: أجواء رمضان غابت برحيل الأحبة ودمار البيوت
عنب بلدي – أحمد ديب
“لا مظهر من مظاهر رمضان المعتادة على مستوى العائلات أو الأسواق”، بهذه الكلمات وصف النازح إبراهيم أجواء رمضان في شمالي سوريا بعد الزلزال الذي دمر منزله.
بسبب الزلزال، اضطرت العديد من العائلات للجوء إلى مراكز إيواء مؤقتة، ما أدى إلى غياب الاستعدادات والطقوس المعتادة لشهر رمضان.
وأدى فقدان الأهالي ذويهم تحت الأنقاض، وانعدام الألفة والحياة الاجتماعية في مراكز الإيواء العشوائية، وندرة الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية، إلى تفاقم أوضاع المتضررين من الزلزال، واستقبالهم شهر رمضان دون تحضيرات.
رمضان من دون أجواء
قال الشاب إبراهيم حمود المحمد لعنب بلدي، إن انشغال الأهالي بمحاولة لملمة أنفسهم والعثور على مكان ملائم للعيش في مراكز الإيواء، أدى إلى غياب تام لتحضيرات شهر رمضان في هذه السنة.
“الخيمة لا تستوعب أهلها، ولا تسمح بزيارة الآخرين لك في رمضان، ما يجعل طقوس الشهر غائبة أكثر”.
وأضاف إبراهيم أن أيام رمضان بعد الزلزال تبدو مثل الأيام العادية، إذ اختفت فيها كامل الطقوس الرمضانية المعروفة عند السوريين، وغيّرت نمط الحياة عند المتضررين بعد أن اضطروا للانتقال إلى مراكز الإيواء.
وبعد الزلزال أقيمت عشرات المخيمات استجابة للكارثة، أضيفت إلى المخيمات العشوائية المنتشرة بكثافة في الشمال.
وتفاقمت الأزمة في تلك المخيمات، بعدما اختار أصحاب المنازل التي لم تتأثر بالزلزال البقاء في الخيام خوفًا من زلزال جديد، أو هزات ارتدادية يمكن أن تهدم ما بقي من المنازل.
ويشهد الشمال السوري نقصًا في أعداد الخيام، إذ يعيش إبراهيم مع عائلته المكوّنة من تسعة أشخاص في خيمة واحدة.
ودُمر منزل أحمد ملندي (37 عامًا)، بعد أن قضى سنوات طويلة في إنشائه بريف جسر الجسور بمدينة إدلب، وبقي من دون عمل ومنزل بعد أن دمر الزلزال “كل شيء”، حسب قوله.
وأضاف أحمد لعنب بلدي، أن شهر رمضان الذي من المفترض أن يكون من أجمل أشهر السنة مختلف جدًا عن الأعوام السابقة بسبب الزلزال الذي غيّر كل شيء.
حياة اجتماعية غائبة
أوضح إبراهيم حمود المحمد أن الزلزال أثّر بشكل مباشر وكبير على أجواء رمضان هذه السنة، بسبب فقدان كثير من الأهالي أقرباءهم تحت الأنقاض.
وقال إن أغلبية الناس ما زالوا يعيشون حالة صدمة من الزلزال وفراق ذويهم، وتغيّر نمط العيش، ما أدى إلى غياب الألفة والحياة الاجتماعية بين الأهالي، التي تعد أحد أجواء رمضان الأساسية.
“أصبح عدد كبير من المتضررين يعيشون في مراكز إيواء مؤقتة، بعد أن دمر الزلزال منازلهم بشكل جزئي أو كلي”، تابع إبراهيم بوصف حال هذه المراكز التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة والصحة، ما ضاعف انتشار المرض والأوبئة فيها.
وانتقل طالب عبد الكريم إلى مخيم “الكويتي” قرب بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، بعد أن دمر الزلزال منزله في بنش، وقال لعنب بلدي، “إن التحضيرات بالسنوات السابقة للشهر الكريم في القرية كانت جيدة، ولكن الزلزال في هذه السنة دمر كل شيء، وتدهورت الأوضاع أكثر”.
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أعلن أن عدد المباني المتضررة جراء الزلزال شمال غربي سوريا وصل إلى عشرة آلاف مبنى.
وقدّر “الدفاع المدني السوري” عدد العائلات التي شُردت جراء الزلزال بحوالي 40 ألف عائلة، بينما بلغ عدد الأبنية المدمرة بالكامل نحو 550 بناء، والمتضررة بشكل جزئي أكثر من 1570 بناء، إلى جانب مئات الأبنية المتصدعة.
وفي حين كانت المنظمات الإنسانية في شمال غربي سوريا عاجزة عن الاستجابة لاحتياجات المخيمات قبل الزلزال، تتحمل اليوم أعباء مضاعفة بعد الزلزال.
فقر ونقص مساعدات
إلى جانب غياب أجواء رمضان هذه السنة بعد الزلزال، يعيش عدد كبير من السوريين المتضررين وضعًا معيشيًا صعبًا، بسبب نقص المساعدات الإنسانية، وندرة إمكانية العثور على عمل في الشمال السوري.
“إذا ما اجتنا مساعدات ما في أكل ناكلو برمضان”، قال أحمد ملندي، متحدثًا عن الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه المتضررون من الزلزال.
بدوره، قال إبراهيم حمود، “حتى أنواع الطعام التي كنا نراها في مواسم رمضان السابقة مختفية تمامًا من أذهان الأهالي”.
من جهته، أشار رائد عبد الناصر رحال إلى نقص المساعدات في المخيمات، مثل الخبز وسلال الإغاثة الشهرية التي تحتاج إليها كل عائلة في شهر رمضان.
رائد هو الآخر أُجبر على النزوح مع عائلته إلى مخيم “الكويتي” بريف إدلب، بعد أن دمر الزلزال منزله في معرة مصرين.
وناشد رائد المنظمات وهيئات الإغاثة بالنظر إلى وضع النازحين الصعب الذي يعيشونه بالتزامن مع قدوم شهر رمضان.
وصل عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر في سوريا قبل الزلزال إلى 90%، بنسبة زيادة 10% على السنوات السابقة.
وبحسب استطلاع أجرته منظمة “أوكسفام” على 300 نازح في حلب، فإن 90% منهم قالوا إنهم لا يمكنهم وضع أي خطط للاحتفال برمضان، لأنهم استنفدوا مواردهم الأخيرة.
تضرر أربعة من كل عشرة سوريين، أي ما يقارب تسعة ملايين شخص، من الزلزال، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، بحسب “أوكسفام”.
وقال ما يقرب من 70% ممن شملهم الاستطلاع، إن منازلهم دُمرت جزئيًا، و65% منهم كانوا يعتمدون على مساعدات المنظمات غير الحكومية للبقاء على قيد الحياة.
وفقد 22% وظائفهم أو مصادر دخلهم، واقترض 37% منهم أموالًا لتغطية احتياجات أسرهم.
وقالت نائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، نجاة رشدي، عبر تغريدة في “تويتر”، في 12 كانون الثاني الماضي، إن هناك حاجة ماسة إلى توفير تمويل إضافي لسوريا، خاصة مع وجود حوالي 15.3 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :