الحلول مكلفة.. تباعد الهطولات المطرية يهدد المحاصيل البعلية بحمص

  • 2023/03/26
  • 2:48 م

مزارع في حمص يعمل في أرض زراعية - نيسان 2021 (الإعلام الزراعي في سورية)

عنب بلدي – عروة المنذر

لا يزال خطر الجفاف يهدد المحاصيل البعلية في محافظة حمص، رغم اقترابها من المعدل السنوي للهطولات المطرية، ما دفع حكومة النظام السوري، قبل أيام، إلى إطلاق مياه الري من بحيرة “قطينة” في محاولة لإنقاذ محصول القمح في المنطقة.

انخفاض منسوب المياه الجوفية إلى ما دون المئة متر، صعّب على الفلاحين استخراج المياه لري حقولهم، وسط ارتفاع أسعار المازوت المستخدم في تشغيل المحركات، وارتفاع تكاليف تركيب منظومات الطاقة الشمسية.

وتزامنًا مع هذه المخاوف، قلّصت حكومة النظام كمية الدعم الموجه للفلاحين في مناطق سيطرتها، عبر رفع أسعار الأسمدة ودعم مساحات القمح المزروعة عن طريق الجمعيات الزراعية بليتر واحد فقط من المازوت في كل شهر.

أمطار متباعدة زمنيًا

رغم غزارة الهطولات المطرية واقترابها من معدلها للعام الحالي، فإن فترات تساقط المطر لم تكن مناسبة بالقدر الكافي للمحاصيل البعلية، بسبب التباعد بين فترة الهطول والأخرى.

المهندس الزراعي محمد، العامل في منطقة تلبيسة، قال لعنب بلدي، إن معدل الهطولات المطرية يتغير بحسب كل منطقة، ورغم هطول الأمطار بشكل جيد هذا العام واقترابها من المعدل، فإن الهطل جاء على دفعتين فقط، الأولى في كانون الثاني والثانية في شباط، ثم توقفت الأمطار بعدها لمدة 25 يومًا، مع سطوع الشمس وحدوث تيارات هوائية، ما ساعد على جفاف سطح الأرض بسرعة.

وأضاف المهندس، فضّل عدم الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، أن المحاصيل تأثرت بالفعل وبدأت بعض الحقول بالاصفرار، خاصة التي يعتمد مزارعوها على السماد العضوي الذي يحتاج إلى المياه بشكل مضاعف.

حلول مكلفة

في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موسم القمح، قررت مديرية الزراعة بحمص إطلاق المياه من سد “قطينة”، بموعد أبكر من المعتاد بشهر واحد، بهدف إرواء محصول القمح في ريف حمص الشمالي، وضمان عدم تعرضه للتلف، ما أربك الفلاحين، إذ لا تعد سواقي الري جاهزة للاستخدام وسط حاجتها إلى التنظيف بشكل عميق.

المزارع “أبو محمود”، وهو من فلاحي الرستن، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، قال لعنب بلدي، إن إطلاق مياه الري أمر جيد، فالمحاصيل مهددة بالخطر بعد تأخر المطر، لكن الوقت المخصص لإرواء الدونم عشر دقائق فقط، وهي مدة لا تكفي لري هذه المساحة.

كما يعاني المزارعون ارتفاع تكلفة استخراج المياه من الآبار مع انقطاع التيار الكهربائي، وسط ارتفاع أسعار المازوت في السوق السوداء، ما يجعلهم عاجزين عن استخراج المياه الجوفية التي انخفض منسوبها إلى ما دون 100 متر.

عدنان القاسم، من مزارعي مدينة الرستن، قال لعنب بلدي، إن المشكلة في مياه السقاية تكمن في توفير الطاقة لاستخراجها من الآبار، فارتفاع أسعار المازوت والانقطاع الدائم للتيار الكهربائي، أفقدا معظم المزارعين القدرة على استخراج المياه.

وفي 13 من آذار الحالي، قال رئيس الاتحاد العام للفلاحين، أحمد إبراهيم، إنه في حال لم تشهد سوريا هطولات مطرية، سيكون وضع محصول القمح البعلي بـ”خطر محدق”، في حين تقدّر المساحات الإجمالية المزروعة بالقمح (المروي والبعلي) في سوريا بنحو مليون هكتار.

دعم غير مجدٍ

يتلاشى الدعم المخصص للفلاحين من عام إلى آخر، ويقتصر دور حكومة النظام على دعم المحاصيل التي تحتكر تسويقها مثل القمح، فيما تهمل تقديم أي دعم وتسهيلات لمزارعي المحاصيل الأخرى.

فايز الكيزاوي (47 عامًا)، أحد مزارعي سهل الحولة، قال لعنب بلدي، إن الحكومة لا تدعم الفلاحين، وإنما تحاول تأمين مستلزمات مزارعي القمح بسعر التكلفة بالنسبة للمحروقات وليس بالسعر المدعوم، وكذلك بالنسبة للأسمدة.

وتعد كمية المازوت الموزعة على الفلاحين خجولة جدًا، إذ تبلغ ليترًا واحدًا لكل دونم شهريًا، وكيسًا واحد من سماد “اليوريا” لكل خمسة دونمات بسعر يقارب سعره في السوق الحرة.

وارتفعت تكاليف الزراعة بنسبة لا تقل عن 30% أيضًا عن عام 2022، لعدم حصول أغلبية الفلاحين على السماد المدعوم من وزارة الزراعة، ما اضطرهم لشرائه بأسعار مرتفعة في السوق، بحسب تصريح رئيس الاتحاد العام للفلاحين، أحمد إبراهيم.

وأوضح إبراهيم أن نصف الفلاحين لم يحصلوا على الدفعة الأولى من السماد المقدّرة بـ25% من إجمالي المخصصات، كما لم يحصل أي منهم على الدفعة الثانية المقدّرة بـ50% من الإجمالي، ما دفعهم لشرائه بالدَّين من السوق المحلية، بسعر وفائدة مرتفعين.

مقالات متعلقة

بيئة ومناخ

المزيد من بيئة ومناخ