عنب بلدي – إدلب
“لا خبز، لا كهرباء، لا ماء، لا سلة غذائية، ولا أي مساعدات تصلنا في هذا المخيم”، بهذه الكلمات تختصر صباح درويش، من متضرري الزلزال بمدينة سلقين، واقع نزوحها الحالي في مخيم “الكويتي”.
ما زالت آثار كارثة الزلزال ترمي بثقلها على حياة السكان بشمال غربي سوريا، في منطقة كانت تعاني بالأصل أزمات غذائية وصحية.
صباح واحدة من المتضررين الذين تهدمت بيوتهم جراء الزلزال، واضطرت للنزوح إلى منطقة أخرى، وبسبب قلة مراكز الإيواء المتاحة للمتضررين، وإجبار إدارة بعضها على فصل العائلات بين نساء ورجال، وقع اختيار بعض العائلات على مراكز معروفة بقلة الدعم الواصل إليها على أمل تغير الوضع بعد دخول قوافل المساعدات.
خالد العبدو، من متضرري الزلزال في ناحية جنديرس، أكد لعنب بلدي عدم وصول أي مساعدات حتى الآن إلى مخيم “الكويتي” المقيم فيه حاليًا، رغم مناشدة بعض الجهات في وزارة التنمية التابعة لحكومة “الإنقاذ”.
وأوضح خالد أنه لم يمتلك رفاهية اختيار المأوى المناسب بعد تهدم منزله وخسارة كل ممتلكاته، وكان همه الوحيد حينها الحصول على مأوى يقيه برودة الجو.
وقال إن أهم ما خسره بعد نزوحه إلى المخيم، بالإضافة إلى الفارق بالوضع المعيشي، هو العمل الذي كان يؤمّن له مردودًا ماديًا بسيطًا يسد حاجة العائلة من الغذاء، على عكس الواقع الحالي، إذ يستجدي مساعدات لم تصل حتى الآن.
واشتكى أحمد سليمان، من متضرري الزلزال في جنديرس النازح إلى المخيم، عدم وصول أي مساعدات، محملًا المسؤولية لوزارة التنمية التي ترد على طلباته بـ”عدم وجود أي مساعدات مسجلة على اسمه”، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
دعم لا يوازي الحاجة
تدخل المساعدات الأممية إلى الشمال السوري منذ 10 من شباط الماضي (بعد أربعة أيام من حدوث الزلزال)، وبلغ عدد الشاحنات التي دخلت حتى 21 من آذار الحالي عبر معبر “باب الهوى” 711 شاحنة.
وبلغ عدد الشاحنات الأممية التي دخلت من معبر “باب السلامة” 163 شاحنة، و36 شاحنة أخرى من معبر “الراعي”، تحمل مساعدات إغاثية من سلال “NFI” (مأوى)، ومواد غذائية بشكل رئيس، ومواد أخرى.
مدير مخيم “الكويتي”، علي الحسن، قال لعنب بلدي، إنه نحو 34 عائلة نزحت إلى المخيم من مناطق جنديرس وعفرين وحارم وسلقين، من متضرري الزلزال.
وأوضح أن الدعم الواصل لهذه العوائل عبارة عن مواد تدفئة من جمعيات ومتبرعين بتوجيه من وزارة التنمية، لكنه أكد أن ما تم تقديمه لا يوازي حاجة الأهالي، مشيرًا إلى أن الدعم المقدم لساكني المخيم الدائمين (470 عائلة) من خبز وغيره لا يزيد على الحاجة، وهو ما لا يسمح بالتوزيع على المنكوبين.
مدير الشؤون الإنسانية في المنطقة الوسطى بوزارة التنمية، عامر البشير، قال لعنب بلدي، “إن الوزارة نشرت روابط لتسجيل المتضررين جراء الزلزال، وبدورنا كمديرية شؤون إنسانية، قمنا بالإحصاء والتحقق من الأهالي المتضررين من الزلزال وجميع المسجلين لدينا”.
وعن آلية التوزيع، شرح البشير أن توجه الفرق الإنسانية في البداية كان إلى المناطق الأكثر تضررًا، لتغطية احتياج الأهالي فيها.
ومنذ الساعات الأولى للزلزال، عملت الفرق على الإحصاء والتحقق الميداني من الأهالي المتضررين، ووضع كل عائلة متضررة ضمن بند معيّن حسب الضرر الذي تعرضت له، وحسب حاجة العائلة.
واستهدفت المساعدات بداية الأمر العوائل المتضررة بشكل كبير، مثل الذين فقدوا بيوتهم بسبب الزلزال، ومن ثم الأقل ضررًا، فالأدنى، وصولًا إلى شمول المساعدات كل الأهالي الذين تضرروا جراء الزلزال، بحسب البشير.
وأقر البشير بأن كمية المساعدات التي دخلت إلى المناطق المتضررة “قليلة” مقارنة بحجم الكارثة وبالاحتياج المطلوب، مؤكدًا وجود “نقص كبير” في المساعدات، بعد أن أضرّ الزلزال بأكثر من 42 ألف عائلة في إدلب، حيث حجم المساعدات الواردة غير كافٍ لتغطية كامل المناطق المتضررة.
طلب برنامج الأغذية العالمي تمويلًا عاجلًا بقيمة 450 مليون دولار أمريكي كحد أدنى، لمواصلة المساعدات لأكثر من 5.5 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا حتى نهاية العام الحالي، ويشمل ذلك 150 مليون دولار لتوفير المساعدات الغذائية لمدة ستة أشهر لـ800 ألف شخص تضرروا من الزلزال.
وحذّر البرنامج من أنه سيضطر إلى تقليص عدد المستفيدين من خدماته “بشكل حاد” بحلول تموز المقبل، إذا لم تتوفر الموارد الكافية.
من جهتها، أصدرت منظمة الصحة العالمية نداءها العاجل بشأن الاستجابة لكارثة الزلزال في سوريا لتأمين 33.7 مليون دولار أمريكي، داعية المانحين لدعم استجابتها.
وسجلت منظمات الأمم المتحدة أكثر من 103 آلاف نازح في شمال غربي سوريا منذ وقوع الزلزال في 6 من شباط الماضي، بمنطقة يحتاج فيها 4.1 مليون شخص على الأقل إلى مساعدات إنسانية.