بدأت التحضيرات لشهر رمضان قبل أيام من الإعلان عنه، في المنزل الذي يقيم فيه خمسة شبان سوريين بمنطقة الفاتح في الطرف الأوروبي من مدينة اسطنبول.
أجواء رمضانية وعادات شعبية يحملها هذا الشهر الذي بدأ اليوم، الخميس 23 من آذار، تعيشها العائلات السورية والتركية، لكنها تحمل طابعًا خاصًا ومعايير مختلفة في منزل الشباب الخمسة البعيدين عن أجواء العائلة.
وجبة السحور أساسية
يعتبر الشاب محمد (28 عامًا) أن وجبة السحور في المنزل هي الأساسية، فهي التي تجمعهم على مائدة واحدة، فاختلاف الأعمال بينهم يجعل من الصعب عليهم أن يجتمعوا في وقت الإفطار.
وقال الشاب الذي يعمل محاسبًا في محل بيع قطع وصيانة أجهزة الموبايل، إن التجهيز للسحور بدأ منذ أربعة أيام، حين توجه مع مؤيد، وهو صديقه وشريكه في السكن، إلى سوق في الفاتح لشراء الاحتياجات.
ويعمل الشاب الثالث عبد الرحمن (26 عامًا) في مطعم سوري بمنطقة الحسكة قرب الفاتح، وهو ملتزم بالعمل خلال فترة الإفطار لتقديم الوجبات للزبائن الذين يحجزون موعدًا لها قبل ساعات، وينطبق الأمر على الشاب مؤيد (28 عامًا) الذي يعمل في خدمة توصيل الطلبات بمطعم آخر.
ورجّح الشاب ماهر (27 عامًا) إمكانية إفطاره إما في مطعم وإما في محل الألبسة الذي يعمل به في منطقة سيركجي، لأن موعد انصرافه يأتي قبيل المغرب، ولا يريد أن يتأخر عن وجبة الإفطار.
من جهته، الشاب نور (25 عامًا)، يفضّل الإفطار في المنزل، لكنه يشتري وجبة من أي مطعم على طريق عودته إلى المنزل بعد انصرافه من محل الحلويات الذي يعمل فيه.
فروق حاضرة
لا يحمل الشبان هم غسل الأطباق بعد السحور، إذ يستخدمون الأدوات المخصصة للاستخدام لمرة واحدة، على عكس الموائد التي تقيمها العائلات، والتي تحتاج إلى غسل معظم الأطباق.
ولا يحتاج الشبان إلى ساعات تسوق طويلة لاختيار وجبات للإفطار أو السحور، فكل ما هو موجود يمكن أن يستخدم للسحور، على حد قولهم، وشراء تحضيرات السحور لا يستغرق معهم الوقت نفسه في حالة العائلات.
أوضح الشابان محمد ونور لعنب بلدي، أن الأجواء الرمضانية مختلفة لديهم في المنزل عما عاشوه في سوريا، أو حتى في أيامهم العادية خارج إطار رمضان.
الالتزام بوقت محدد من أجل الأكل أمر لم يعتده الشبان، ومن الصعب التحضير له، إذ جرت العادة أن يطلبوا الطعام، سواء في أماكن عملهم أو في المنزل، متى شاؤوا، دون التقيد بساعة محددة.
“لا سهرة بعد الإفطار”، إذ ينتشر الشبان بعده باختلاف رغباتهم، منهم من يتجه إلى مسجد لصلاة التراويح، ومنهم من يفضّل المشي في الشوارع ليشعر بأجواء رمضان، ومنهم من يتوجه إلى هاتفه الذكي لمشاهدة المسلسلات الرمضانية.
قواسم مشتركة
أجواء العمل في شهر رمضان لم تختلف كثيرًا على الشاب نور، الذي كان يعمل في مدينته حمص بائعًا للكعك الرمضاني (المعروك) والعصائر الرائجة في رمضان، كالعرق سوس والتمر الهندي والتوت الشامي.
وأوضح لعنب بلدي أنه يعمل في محل تصنيع حلويات حتى منتصف النهار، وبعد العصر يعمل ببيع “المعروك” والمشروبات الرمضانية على “بسطة” قرب المحل، مشيرًا إلى أنه يعدّها في المحل، لكنه يبيعها لمصلحته بعد انتهاء عمله.
وقال نور، إنه بدأ بصنع “المعروك” والمشروبات منذ ست سنوات، حين قدم إلى تركيا وامتهن تحضيرها، في حين كان في سوريا يشتري “المعروك” من الفرن، وكانت والدته تعدّ المشروبات.
العوامل المشتركة في تركيا عمومًا والتي تذكّر بأجواء رمضان في سوريا عديدة، منها “المسحراتي” الذي يقرع الطبل في شوارع الحي حيث يقيمون، ويجول “المسحراتي” في الحارات والأزقة ليلًا قبل وقت السحور، لإيقاظ الناس من أجل تناول السحور قبل أكثر من ساعة على أذان الفجر.
وتتزين الشوارع في اسطنبول بزينة رمضان من إنارة وفوانيس، كما تعتلي بعض مآذن المساجد لافتات ضوئية كبيرة تحمل عبارات ترحيب برمضان، تضاء من المغرب حتى الصباح.
ويُسمع في بعض المناطق صوت المدفع الرمضاني على موعد الإمساك، وكذلك على موعد الإفطار، وتنتشر ثقافة تبادل وإهداء الأطعمة بين الأصدقاء والجيران قبل موعد الإفطار بقليل.
ومن الأجواء المشتركة، الموائد الجماعية (موائد الرحمن) التي تنظمها البلديات أو مبادرات من أهالٍ ومنظمات، وكذلك وجود عصائر ومشروبات متعددة على موائد الإفطار، سواء في المنازل أو في المطاعم، كما تتشابه جلسات العبادات والذكر في المساجد مع الأجواء الدينية الموجودة في سوريا.
ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و447 ألفًا و837 لاجئًا سوريًا تحت قانون “الحماية المؤقتة”، وفق أحدث إحصائية للمديرية العامة لإدارة الهجرة التركية، حتى 16 من آذار الحالي، وتتصدّر اسطنبول قائمة المدن التي تضم أكبر عدد من السوريين في تركيا، بـ531 ألفًا و816 لاجئًا سوريًا.
اقرأ أيضًا: “يوسف باشا” اسطنبول.. مركز سياحة وأعمال و”هجرة غير شرعية”
–