صرّح المتحدّث باسم الاتحاد الأوروبي، لويس ميغيل بوينو، أن الاتحاد الأوروبي الذي يظهر التزامه تجاه الشعب السوري عبر توفير الإغاثة الطارئة، لن يقبل تهميش المسار السياسي، وأن موقفه السياسي يتلخص بعدم إمكانية التطبيع قبل انخراط النظام السوري في عملية انتقال سياسي، وتنفيذ كامل لقرار مجلس الأمن رقم “2254”.
وأضاف بوينو ردًا على استفسارات وجهتها عنب بلدي في مراسلة إلكترونية حول آلية توزيع المساعدات الأوروبية في سوريا، أن عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا تستهدف “نظام الأسد” ومؤيّديه، فضلاً عن قطاعات الاقتصاد التي يتربّح النظام منها، كما أنها لا تحظر تصدير المواد الغذائية أو الأدوية أو المعدات الطبية من قبل الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، ولا تستهدف نظام الرعاية الصحية، ويشمل نظام العقوبات استثناءً إنسانياً واسع النطاق لضمان استمرار تقديم المساعدة الإنسانية إلى أي منطقة متضررة في سوريا.
وقال المتحدث إن الاتحاد الأوروبي حشد الأدوات الطارئة والإنسانية لمساعدة السوريين أينما كانوا، سواء في مناطق سيطرة النظام، أو في شمال غربي سوريا، وإن المساعدات الأوروبية تستند إلى الاحتياجات، وليس إلى اعتبارات سياسية أو اعتبارات من أي نوع.
كما أشار إلى أن الاتحاد يتعاون مع شركائه في المجال الإنساني لتقييم مستوى الأضرار والاحتياجات في جميع المناطق المتضرّرة، مشيرًا إلى مطالبته “الشركاء” بتعديل منحهم للاستجابة للزلزال بسرعة.
وانخرط الاتحاد الأوروبي في عملية الاستجابة الإنسانية في سوريا لمتضرري الزلزال الذي ضرب ولاية كهرمان مرعش التركية، وأثر في أربع محافظات سورية أيضًا.
ومنذ حدوث الزلزال تتدفق طائرات المساعدات إلى سوريا من دول “صديقة” على علاقات دبلوماسية مع النظام السوري، وأخرى قدّمت الدعم الإغاثي في إطار الاستجابة الإنسانية، وتندرج المساعدات الأوروبية في هذا الإطار.
ست خطوات بمحورين
بعد أيام من وقوع الزلزال، فعّل الاتحاد الأوروبي ست خطوات لإيصال المساعدات إلى سوريا، تضمنت إنشاء محورين متاحين جوًا وبحرًا، لتقديم المساعدات للسوريين، أحدهما في بيروت، للوصول إلى مناطق سيطرة النظام، والآخر في غازي عنتاب التركية، وجرى عبره، بحسب المتحدث، تسليم أطنان من المساعدات (الخيام والمولدات والمدافئ والمواد الغذائية) إلى المنظمة الدولية للهجرة، التي سلّمت المساعدات إلى الشمال الغربي حيث يتمّ توزيعها على المحتاجين.
ويستلم هذه المساعدات موظفو الاتحاد الأوروبي وينسّقون الوصول قبل أن تتابع المساعدة الطريق إلى سوريا، وفق المتحدث.
بعد تقديم المساعدات إلى سوريا، يقوم شركاء الاتحاد الأوروبي في المجال الإنساني بتوزيع المواد المستلمة مباشرة على الناس، ويحددون الأشخاص الأكثر ضعفاً لزويدهم بالمساعدات.
وبموجب الخطوات الستة، جرى تفعيل آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي، وقدّمت 15 دولة أوروبية مساعدات شملت الخيام والأسرّة والبطانيات والمدافئ ولوازم النظافة والمولدات والغذاء والإمدادات الطبية وغيرها.
وجرى تسليم المساعدات إلى الأشخاص الأكثر احتياجاً في المناطق التي يسيطر عليها النظام و في الشمال الغربي، وفق المتحدث الأوروبي الذي شكك في الوقت نفسه بصحة التصورات حول أن الجزء الأكبر من المساعدات يذهب إلى مناطق سيطرة النظام.
الاحتياجات وليس اعتبارات سياسية أو دينية
حول آلية توزيع المساعدات، قال المتحدث إن الاتحاد الأوروبي يبذل كل ما بوسعه لاتخاذ ضمانات كافية لوصول المساعدات المقدمة عبر آلية الحماية المدنية، مشيرًا إلى خبرة المنظمات الشريكة وامتلاكها أنظمة معمول بها للحرص على وصول المساعدات إلى المحتاجين.
كما ترصد المفوضية الأوروبية المشاريع الإنسانية المموّلة من الاتحاد الأوروبي من خلال التدقيق والتقييم، وتشارك أيضًا في آلية الحوار الإقليمي التي يتخللها مراجعة التوريدات باستمرار.
“كان على الاتحاد الأوروبي أن يجد حلاً لكيفية إيصال المساعدات إلى مناطق سيطرة النظام وشمال غربي سوريا، وبالإضافة إلى عروض الدول الأوروبية، فعّل مخزون القدرة الأوروبية للاستجابة الإنسانية في دبي وبرينديزي”.
لويس ميغيل بوينو- المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي |
في 26 من شباط، هبطت طائرتان تحملان مساعدات طارئة في دمشق، وهما جزء من سلسلة طائرات تنقل المساعدات من مخزونات الاتحاد الأوروبي إلى الشعب السوري في مختلف المناطق السورية.
ويتعاون الاتحاد الأوروبي مع مجموعة شركاء في المجال الإنساني في سوريا، ومنهم المنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأغذية العالمي، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، أوضح أيضًا أن المساعدات تستند دائماً إلى الاحتياجات، وليس إلى اعتبارات سياسية أو دينية أو أي اعتبارات أخرى.
وإلى جانب مساعداته الإنسانية، يجدد الاتحاد الأوروبي بشكل مستمر، دعوته إلى حلّ سياسي للصراع في سوريا، تحت رعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، الذي يؤيده الاتحاد بشكل تام، وفق بوينو.
إعفاءات مؤقتة
في 23 من شباط الماضي، أصدر الاتحاد الأوروبي تعديلًا مدّته ستة أشهر، يتضمن إعفاءات بما يخص العقوبات التي يفرضها على النظام.
وبحسب التعديل، جرى التنازل عن حاجة المنظمات الإنسانية لإذن مسبق من السلطات الوطنية المختصة في الدول الأعضاء لنقل أو تقديم السلع والخدمات المخصصة للأغراض الإنسانية إلى الأشخاص والكيانات السورية المدرجة على قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي.
وبرر الاتحاد هذه الخطوة حينها، بتسهيل إيصال سريع للمساعدات الإنسانية إلى سوريا، نظرًا لخطورة الأزمة الإنسانية والتي تفاقمت جراء الزلزال، وفق البيان الصحفي المنشور عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد، حينها.
كما طالب النظام السوري بتفعيل آلية الحماية المدنية في الاتحاد، وهو ما حصل فعلًا، إذ فعّل الاتحاد هذه الآلية كواحدة من الخطوات الستة التي اتخذها لإيصال المساعدات إلى سوريا بعد الزلزال، وشملت دعم الشركاء في المجال الإنساني على الأرض، وتفعيل آلية الحماية وقدرة الاستجابة الإنسانية الأوروبية، وإنشاء محورين لتقديم المساعدات، والتنسيق مع الشركاء في المجال الإنساني للوصول إلى السوريين، وتوزيع المساعدات على الأشخاص الذين يستحقونها.
بعد الزلزال المدمر الذي حصل في 6 من شباط الماضي، وأسفر عن وفاة 1414 شخصًا في مناطق سيطرة النظام، و2274 شخصًا في شمال غربي سوريا، اتجه النظام السوري نحو استثمار الكارثة سياسيًا، عبر ربط ملف المساعدات بمطالبته برفع العقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، جراء قمعه الاحتجاجات الأهلية وتعاطيه الأمني مع الثورة، منذ عام 2011.