أخيرًا بين يدي أسماء الأسد دون علم والدها
قصة الطفلة شام من تحت الأنقاض إلى مستشفى “برجيل” بأبو ظبي
تلقى قضية الطفلة شام الشيخ محمد وأخيها عمر تفاعلًا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ خروجهما بعد 40 ساعة من تحت الأنقاض في بلدة أرمناز بريف إدلب، إثر الزلزال الذي ضرب المنطقة في 6 من شباط الماضي.
تعاطف مع الطفلة (تسع سنوات) التي غنت “لحن الحياة” تحت الأنقاض، رافقه استغلال سياسي من قبل النظام السوري الذي غابت تغطياته الإعلامية عن إدلب في أيام الزلزال الأولى، وحضرت في قضية الطفلة شام، وبعض القضايا التي أراد أن يترك فيها “رسالة سياسية”.
من تحت الأنقاض
في 7 من شباط الماضي، أنقذ متطوعو “الدفاع المدني السوري” الطفلة شام وأخاها عمر من تحت الركام، بعد مرور 40 ساعة على الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية، وفقدت الطفلة والدتها وشقيقتها.
قرأت شام القرآن وهي عالقة تحت ركام منزلها، وغنت أغنية “ياشام أنتِ شامنا”، باعثة الأمل في نفوس الأهالي والمتطوعين، ونُقلت بعد إنقاذها إلى مستشفى “الشفاء” في مدينة إدلب.
رئيس قسم العناية المشددة في مستشفى “الشفاء”، الطبيب محمد اليوسف، قال عبر تسجيل مصوّر، إن انضغاط الردم على الأطراف السفلية للطفلة أدى إلى انقطاع التروية على الطرفين السفليين، والحالة مهددة ببتر الطرفين.
أُصيبت شام وأخوها بـ”متلازمة الهرس” التي شكّلت خطرًا كبيرًا على حياتهما، بالتزامن مع الضغط الكبير الذي شهدته المستشفيات في الشمال السوري، ونقص المعدات والمستلزمات الطبية.
من إدلب إلى أضنة
في 23 من شباط الماضي، نقلت سيارات الإسعاف الطفلة شام وأخاها برفقة والدهما إلى مستشفى “أضنة شهير” في ولاية أضنة جنوبي تركيا، بعد إشراف وتنسيق بين وزارة الصحة في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، والسلطات التركية.
بقيت الطفلة وأخوها في قسم الطوارئ المخصص لاستقبال جميع الحالات، وليس في قسم العناية المشددة، مع صرخات للطفلة وأخيها ومطالبات بإعادتهما إلى إدلب خلال ظهورهما في تسجيل مصوّر.
وجودهما في قسم الطوارئ يحتّم عليهما تلقي المسكنات فقط، والانتظار حتى الحصول على دور لإجراء العملية في وقت غير محدد نظرًا إلى الازدحام الذي يشهده المستشفى، مع عدم التنسيق بين كادر المستشفى وأي جهة كانت.
ولاقى تسجيل مصوّر للطفلة وهي تتألم من داخل المستشفى تفاعلًا واسعًا، تبعه إطلاق ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حملة لإنقاذها بعنوان “أنقذوا شام وعمر”.
وزير الصحة في “الإنقاذ“، حسين بازار، قال، إن الوزارة تتابع الوضع الطبي والعناية المقدمة للطفلة وأخيها بعد دخولهما الأراضي التركية، لاستكمال علاجهما من “متلازمة الهرس”، بشكل دائم، وعند ملاحظة التأخر بتلقيهما العناية المطلوبة لحالتهما الصعبة، وبعد التواصل، “تلقينا تأكيدًا من جهات طبية تركية رفيعة المستوى بمتابعة الحالة بشكل مباشر”.
من أضنة إلى اسطنبول
في 25 من شباط الماضي، وصلت الطفلة وأخوها برفقة والدهما إلى اسطنبول على متن طائرة خاصة تابعة لوزارة الصحة التركية، لتلقي العلاج، بالتنسيق مع جمعية “عطاء للإغاثة الإنسانية” التي تابعت الحالة بشكل مباشر.
إدارة جمعية “عطاء” أوضحت لعنب بلدي أن دور الجمعية كان يتمثّل برعاية العائلة المرافقة من سكن وتنقل ولباس، والتنسيق لنقل الطفلة شام وأخيها والعائلة من أضنة إلى اسطنبول، وتأمين دخولهما إلى مستشفى “Çam ve Sakura” (شام ساكورا) الحكومي في منطقة باشاك شهير.
ولفتت إدارة الجمعية إلى أن الحكومة التركية قدمت طائرة خاصة من وزارة الصحة لنقل شام وأخيها من أضنة إلى اسطنبول، واستضافتهما بمستشفى “شام ساكورا” على نفقة الحكومة، مع توفير كادر طبي متخصص لمتابعة الحالة.
من اسطنبول إلى الإمارات
في 28 من شباط الماضي، نُقلت الطفلة وأخوها إلى مدينة “برجيل” الطبية في إمارة أبو ظبي بالإمارات، لتلقي العلاج بإشراف الهلال الأحمر الإماراتي، وبالتعاون مع مستشفى “برجيل” الذي شكّل فريقًا طبيًا متخصصًا للطفلة وشقيقها، وقدم العلاج العاجل لهما.
وبعد وصول الطفلين إلى مستشفى “برجيل”، أُجريت عمليات جراحية من قبل الدكتور مايكل أوغلو، حيث كانت حياة الطفلة شام مهددة نتيجة “غرغرينا” تفشت في الجزء السفلي من الجسم، وكذلك تم إنقاذ شقيقها عمر، وفق ما ذكرته “وكالة الأنباء الإماراتية” (وام).
وقالت الوكالة، إن شام وعمر وصلا بتوجيهات من الرئيسة العليا لمؤسسة التنمية الأسرية، الرئيسة الفخرية للهلال الأحمر الإماراتي (أم الإمارات)، الشيخة فاطمة بنت مبارك.
إدارة جمعية “عطاء” قالت، إن الطفلة نُقلت إلى الإمارات بعد تواصل قنصليتها مع والد شام، حيث تركت السلطات التركية الأمر لوالدها الذي وافق على نقلها ونقل العائلة كاملة إلى الإمارات لاستكمال علاج شام وأخيها عمر في المستشفيات هناك.
أسماء الأسد تستغل قضية الطفلة
تجاهلت تصريحات مسؤولي النظام وتغطيات وسائل إعلامه محافظة إدلب عند الحديث عن المناطق المتضررة جراء الزلزال، رغم ارتفاع حصيلة الوفيات فيها لأكثر من ضعف الوفيات في مناطق سيطرته، لتعود إليها.
وتجاهل بيان وزارة الخارجية، غداة يوم الزلزال، إدلب في معرض ذكره للمناطق المنكوبة، مكتفيًا بذكر حلب واللاذقية وحماة في البيان المطالب برفع العقوبات.
وفي خامس أيام الزلزال، 10 من شباط الماضي، تطرّق النظام لذكر إدلب للمرة الأولى خلال الكارثة، حين شملها بإعلانه المناطق المنكوبة جراء الزلزال (حلب، وحماة، واللاذقية، وإدلب).
المذيع في قناة “سما” السورية الموالية نزار الفرا، نشر في 25 من شباط الماضي، نقلًا عما أسماها “مصادر خاصة”، بأن “الحكومة السورية” تحاول عبر عدة قنوات بوساطة روسية وإماراتية إقناع السلطات التركية بتسليم الطفلة شام وشقيقها إلى الجهات الصحية السورية لإرسالهما إلى الإمارات للعلاج.
وذكر أن المساعي مستمرة من أجل ضم الطفلين إلى ستة أطفال سوريين من حلب واللاذقية، وصلوا للعلاج في الإمارات بمبادرة من “الرئاسة السورية”، مضيفًا أن الجهة التركية لا تزال ترفض تسليم الطفلة أو حتى إرسالها إلى الإمارات مباشرة لتلقي العلاج.
وقال الفرا، في 1 من آذار الحالي، إن الطفلة شام موجودة في الإمارات لتتعالج، وإن مساعي “الدولة السورية” نجحت، بعد أن “رفضت تركيا مرارًا إرسالها واستغلت وضعها وحالتها الصحية لمآرب سياسية”.
وظهرت أسماء الأسد زوجة رئيس النظام السوري، في تسجيل مصوّر نشرته صفحة “رئاسة الجمهورية” عبر “فيس بوك”، يتضمن مكالمة مسجّلة مع الطفلة شام، الأمر الذي خلّف موجة غضب واستياء من السوريين الذين اعتبروه “استغلالًا سياسيًا ومتاجرة بأوجاع السوريين”.
وألمحت أسماء الأسد إلى أنها مطلعة على مجريات نقل الطفلة ووصولها إلى الإمارات، قائلة لشام “بدك ترجعي لعندي”.
وظهرت شام بالتسجيل المصوّر في مشهد وهي حليقة الرأس، ومرتدية قبعة في مشهد آخر، الأمر الذي أثار شكوكًا بأن التسجيل تعرّض لعملية تجميع للمكالمة و”قصقصتها”.
العائلة “لا تعلم”
مع انتشار تسجيل مكالمة زوجة بشار الأسد مع الطفلة شام، تداولت صفحات محلية وناشطون تسجيلات صوتية لوالد الطفلة، نفى معرفته باتصال أسماء الأسد قائلًا، “لم أكن في المستشفى، وليس عندي علم بالاتصال، وسمعت به مثلي مثلكم”.
وأوضح أنه لم يكن راضيًا منذ البداية عن إخراج طفليه من محافظة إدلب، مضيفًا، “لم يكن عندي رغبة بالخروج أبدًا، لكنهم أخبروني أن عليّ السفر بحجة تأمين أطباء وسكن لنا، لن أسامحهم أمام الله، لقد تسببوا بتدمير أطفالي”.
وكذلك نشر ناشطون تسجيلًا صوتيًا قيل إنه لأخيها عمر، قال إن والده لم يكن على علم، لكن الناس لا تتفهم هذا الأمر.
الأطفال ضحايا النظام
“الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قالت في أحدث تقرير لها اليوم، الاثنين 13 من آذار، إن النظام السوري قتل ما لا يقل عن 22981 طفلًا في سوريا منذ آذار 2011، بينهم 190 بسبب التعذيب، و5199 طفلًا لا يزالون معتقلين أو مختفين قسرًا.
وذكرت “الشبكة السورية” أن النظام أسند مهمة تجنيد الأطفال إلى القوات غير الرسمية التي شكلها، كقوات “الدفاع الوطني” ومجموعات وألوية الميليشيات الأجنبية والمحلية، وذلك عبر مراكز الانتساب التابعة لها.
واعتمدت هذه القوات على تشجيع الأطفال وأهلهم، وقدمت لهم العديد من التسهيلات، وأخذت عمليات التجنيد طابعًا أكثر تنظيمًا ومنهجية مع تشكيل قوات “الدفاع الوطني”.
وشارك الأطفال في العمليات العسكرية سواء كمقاتلين أو مشاركين في عمليات نقل الذخيرة وتدعيم الجبهات، وتنظيف الأسلحة، والحراسة، وغيرها، وفق “الشبكة”.
اقرأ ايضًا: ما قصة خطف الطفلة آية التي ولدت تحت الأنقاض في جنديرس
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :