تطبيع تونس مع النظام.. هل يحدث فارقًا في الجامعة العربية
أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، عن عزمه على إعادة علاقات بلاده الدبلوماسية المقطوعة مع النظام السوري منذ 2012، معتبرًا أن لا مبرر لاستمرار قطع العلاقات.
وقال سعيد في لقاء مع وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار مساء أمس، الجمعة 10 من آذار، إن “ليس هناك ما يبرر ألا يكون هناك سفير تونسي لدى دمشق، وسفير سوري لدى تونس”.
وأضاف بحسب مقطع فيديو نشره الموقع الرسمي للرئاسة التونسية، إن مسألة النظام في سوريا “تهم السوريين وحدهم، وتونس تتعامل مع الدولة السورية ولا دخل لها إطلاقا في اختيارات الشعب السوري”.
خطوة على طريق النظام
يركّز النظام السوري على مسار يمهّد عودته للحاضنة العربية، مثلما كانت الحال قبل عام 2011، إذ خطت بعض الدول مثل الإمارات، وعُمان، والبحرين، والجزائر، هذه الخطوات، في ظل اقتصار بعض البلدان العربية على النأي بنفسها عن دعم واضح للنظام، والاقتصار على تمثيلات دبلوماسية بسيطة أو بعض التبادلات التجارية، المتخوفة من العقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة عليه.
وفي تموز من عام 2021، أجرى الرئيس التونسي، قيس سعيّد، إقالات في الحكومة، وجمّد العمل في البرلمان، ولاقت خطوات تونس السياسية حينها، دعمًا من النظام السوري.
وأبدت خارجية النظام حينها دعمها لسعيّد، قائلة “سوريا تشدد على أحقية الشعوب في تقرير مصيرها، والدولة الشرعية في تونس والشعب التونسي قادران على الانطلاق إلى مستقبل يقرره التونسيون أنفسهم”.
الباحث الزميل في مركز “عمران للدراسات” نادر الخليل، قال لعنب بلدي، إن التصريحات التي أطلقها الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، حول عدم وجود توافق عربي على عودة سوريا للجامعة، من الممكن أن تحمل دلالات على أن التقارب مع تونس لن يحدث فارقًا في هذا الملف، خصوصًا أن السعودية لا تزال بعيدة عن تغيير موقفها، إلى جانب دول أخرى كقطر والكويت.
الخليل أضاف، أن خطوة التقارب الأخيرة تأتي في إطار كونها ما يمكن اعتباره “ارتدادات الثورات المضادة”، ولها دلالات على نجاح تيار “الثورات المضادة”، خصوصًا أنها جاءت من تونس، أول بلد عربي “ثار” للديمقراطية.
والتبدل في الموقف التونسي ليس حديث العهد، إذ كسرت حدة الجمود عام 2015، عندما افتتحت تونس مكتبًا في دمشق لإدارة شؤون رعاياها في سوريا.
وكانت تونس طردت السفير السوري من أراضيها، عام 2012، احتجاجًا على قمع النظام للاحتجاجات مع بداية الثورة السورية عام 2011.
وسبق أن خطَت بعض الدول العربية مثل الإمارات وعمان والبحرين والجزائر هذه الخطوات، في ظل اقتصار بعض البلدان العربية على النأي بنفسها عن دعم واضح للنظام، والاقتصار على تمثيلات دبلوماسية بسيطة أو بعض التبادلات التجارية، في ظل العقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة عليه، كمصر مثلًا.
اقرأ أيضًا: هل تمهد الدبلوماسية المصرية الطريق بين الرياض ودمشق
إنهاء تأثير “موجة الديمقراطية”
تعتبر أنظمة الحكم في الدول التي مهدت ثوراتها لانطلاع الثورة السورية عام 2011، متقاربة، أو مطبّعة بشكل جزئي مع النظام السوري، بدءًا من مصر ثم الجزائر وليبيا مؤخرًا تونس، وهو ما اعتبره الباحث توجه لإنهاء تمدد “موجة الديمقراطية” في العالم العربي.
وتطمح الأنظمة العربية اليوم، إلى إعادة الوضع لما كان عليه سابقًا، قبل فترة “الربيع العربي” بما يضمن استقرار واستمرار بقاء الانظمة الوظيفية الحاكمة التي كانت قائمة قبل سنوات، بحسب الخليل.
واعتبر أن دول الخليج، وأبرزها الإمارات التي وجدت نفسها مهددة بوصول موجة الديمقراطية هذه لتطيح بحكمها، كانت من أكثر الدول النشطة في هذا الإطار.
وسبق أن التقى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في 27 من شباط الماضي، نظيره في حكومة النظام، فيصل المقداد، في سوريا، لـ”إيصال رسالة تضامن” عقب الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا.
الزيارة جاءت عقب سنوات من القطيعة السياسية، التي كُسر جمودها بعدما وصل عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، بانقلاب على الرئيس محمد مرسي، في تموز 2013، وسبقها بساعات لقاء جمع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بوفد من “الاتحاد البرلماني العربي” في دمشق قادم من العراق، ضم أعضاء من عدة دول عربية.
وكان الرئيس التونسي نقل للأسد عبر وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في حزيران 2022، التحية التي جاءت في سياق عرضه التقارب بين الإنجازات التي حققها الطرفان “ضد قوى الظلام”، حسب سعيّد.
سنوات من التصريحات
بعد عام على قدوم الباجي قايد السبسي إلى السلطة في تونس، نفى عودة السفير السوري إلى تونس، مؤكدًا أن أي قرار بخصوص المسألة سيكون ضمن الإجماع العربي، مشددًا على أن بلاده لن تغير سياستها بخصوص المسألة، ولن تقوم بأي عمل دون موافقة كل الأطراف في الجامعة العربية.
وقررت الحكومة التونسية المؤقتة برئاسة المهدي جمعة عام 2014، فتح مكتب في دمشق لإدارة شؤون رعاياها في سوريا.
وفي عام 2017، أجرى عدد من النواب التونسيين زيارة إلى دمشق، طالبوا السبسي حينها بالتدخل وإحياء العلاقات المقطوعة.
تبع ذلك في عام 2019، تأكيد وزير الخارجية التونسي حينها، خميس الجهيناوي، أن “المكان الطبيعي” لسوريا هو “داخل جامعة الدول العربية”، وأضاف أنه “بالنسبة لسوريا، القرار يعود إلى وزراء الخارجية العرب الذين لهم أن يقرروا ما يمكن أن يفعلوه، على اعتبار أن قرار عودتها إلى الجامعة العربية ليس بقرار وطني تونسي”.
وعند وفاة السبسي في تموز من 2019، نعاه الأسد قائلًا في برقية تعزية، “تلقيت بألم بالغ وفاة رئيس الجمهورية التونسية، محمد الباجي قايد السبسي، الذي قضى حياته في العمل الوطني وخدمة بلاده”، مقدما التعازي إلى الشعب التونسي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :