النظام السوري يعطّل دخول المساعدات
الشيخ مقصود والأشرفية بحلب.. حصار فوق الزلزال
عنب بلدي – حلب
لم تشفع كارثة الزلزال الذي ضرب المنطقة، لتوقف الحصار المفروض على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب من قبل النظام السوري، ما زاد من معاناة الأهالي المنكوبين.
وفقد ستة أشخاص في الحيّين حياتهم نتيجة الزلزال، إلى جانب وقوع حوالي 100 إصابة بين بليغة ومتوسطة وحالات انهيار عصبي، وفق المجلس العام لأحياء الشيخ مقصود والأشرفية، التابع لـ”الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا.
وانهارت في الحيّين خمسة مبانٍ، وتحتاج 12 أخرى للإزالة، بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بها بعد الزلزال، إلى جانب تضرر 400 مبنى، ما أجبر حوالي 50 ألف شخص على النزوح الداخلي، من المباني إلى البيوت الأرضية، إلى جانب توجه عشرة آلاف آخرين إلى الخيام ومراكز الإيواء المؤقتة، كما نزحت نحو ثلاثة آلاف عائلة من الحيّين إلى منطقة الشهباء شمالي حلب.
وتضمّن تقرير المجلس العام للحيّين احتياجات المنكوبين، من سلال غذائية وصحية، وبطانيات تكفي لـ50 ألف شخص، فيما يحتاج “الدفاع المدني” إلى الآليات لإزالة المباني المهددة بالانهيار.
حصار رهن الاتفاقيات
لم يكن حصار الشيخ مقصود والأشرفية من قبل حواجز “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات النظام جديدًا على الحيّين، إذ زاد الحصار المستمر في حاجة السكان حتى من قبل الزلزال للمواد الغذائية الرئيسة والأدوية وحليب الأطفال والمحروقات، التي كانت تدخل عبر اتفاقيات متبادلة بين “الإدارة الذاتية” والنظام.
مصطفى (51 عامًا)، رفض ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، من سكان حي الأشرفية، قال لعنب بلدي، “لقد دمر الزلزال المنزل، ولم يعد لدينا أي شيء، في وسط الحصار المفروض علينا من (الفرقة الرابعة)”.
واشتكى مصطفى ضعف المساعدات الداخلة للحي، بالمقارنة مع حجم المساعدات الوافدة إلى مناطق نفوذ النظام، وكأن “حي الأشرفية من خارج أحياء حلب المتضررة”، وفقًا لقوله.
ويضطر مصطفى للذهاب خارج الحي لشراء حاجياته الأساسية، ودفع تكاليف مواصلات “مرهقة”، على الرغم من وضعه الاقتصادي المتردي بعد الزلزال.
وحاولت “الإدارة الذاتية” إرسال مساعدات للمنكوبين في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية ومنطقة الشهباء، منذ الأيام الأولى للزلزال، في حين لم يسمح النظام بدخول المساعدات عبر المعابر الفاصلة بين الطرفين، ماعدا صهاريج المحروقات التي استولى على 60% منها.
الرئيسة المشتركة لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في “الإدارة الذاتية”، مريم الإبراه، قالت، في 26 من شباط الماضي، إن “(الإدارة الذاتية) بادرت منذ الساعات الأولى لكارثة الزلزال لتقديم المساعدات للمناطق المنكوبة، فيما أغلقت حكومة دمشق الأبواب والمعابر أمام هذه المساعدات”.
وأضافت، “لم تستقبل حكومة دمشق سوى مادة المحروقات، وكان هناك مقابل لإدخالها، وهو أخذ ثلثي الكمية المرسَلة إلى المناطق المحاصرة والمتضررة من الزلزال”.
وفي 20 من شباط الماضي، أي بعد أسبوعين من الكارثة، دخلت أول قافلة مساعدات دولية مكونة من تسع شاحنات تحمل مساعدات إنسانية تضم مستلزمات إيواء إلى الحيّين، وفي 22 من الشهر ذاته، دخلت قافلة دولية أخرى مكوّنة من خمس شاحنات فيها خيام وبطانيات.
وتستمر المساعدات المرسَلة من “الإدارة الذاتية” و”الهلال الأحمر الكردي”، بانتظار موافقة النظام للدخول وإغاثة المنكوبين.
تنديد دولي
“نيفين”، اسم مستعار لأسباب أمنية، وهي شابة كردية تقيم في حي الشيخ مقصود، قالت لعنب بلدي، إن الحي لم يكن ضمن اهتمامات حكومة النظام قبل أو بعد الزلزال، حيث نفت زيارة أي مسؤول من الحكومة للحي بعد الزلزال أو قبله، حين انهار بناء سكني، توفي على إثره عشرة أشخاص في 22 من كانون الثاني الماضي.
وعن وضع الحي الخدمي بعد الزلزال، أوضحت “نيفين” أن الحصار لم يترك مجالًا لتحسن الأوضاع، حيث أدى الزلزال إلى تشرد العديد من العائلات التي بحثت عن مأوى لدى أقاربها أو في مراكز الإيواء، كما جرى توزيع مساعدات غذائية للمتضررين من قبل المجلس العام.
وبعد دخول صهاريج المحروقات، زادت ساعات التغذية الكهربائية من المولدات المنتشرة في الحي إلى ثلاث ساعات بدلًا عن ساعتين، وفق “نيفين”.
وفي 6 من آذار الحالي، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا قالت فيه، إن النظام خلال شهر بعد حدوث الكارثة، منع ما لا يقل عن 100 شاحنة تحمل مساعدات أساسية مثل الغذاء والإمدادات الطبية والخيام من دخول الأحياء ذات الأغلبية الكردية في مدينة حلب.
ومنذ آب 2022، فرض النظام “حصارًا وحشيًا” على هذين الحيّين، ومنع الوقود والغذاء والإمدادات الطبية وغيرها من المساعدات الأساسية من الوصول إلى عشرات الآلاف من المدنيين الذين يعيشون هناك، وفق التقرير.
واستنفدت هذه الأحياء بالكامل إمداداتها الطبية قبل الزلزال، ما جعلها غير مهيأة للتعامل مع الإصابات الناجمة عن الزلزال.
ووثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، ضمن تقريرها المنشور في 21 من شباط الماضي، منع السلطات السورية دخول قافلات المساعدة إلى مناطق نفوذها عبر معبر “التايهة”.
ودعا التقرير بناء على أحكام القانون الدولي السلطات السورية إلى تأمين الحاجات الإنسانية لجميع السكان المدنيين على أراضيها، وحيث إن هذه السلطات لا تمارس سلطة فعلية على بعض الأقاليم، يجب عليها السماح بمرور المساعدات الإنسانية دون شروط أو تعقيدات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :