عروة قنواتي
موسم استثنائي يشغل بال عشاق كرة القدم والمتابعين لأقوى الدوريات في أوروبا والعالم، بخليط المنافسة والشراسة والصراع على الألقاب.
في “البريميرليج”، يقفز “مدفعجية” الأرسنال إلى الواجهة وإلى الصدارة منذ أشهر، ويتنازعون مع السيتي على لقب الموسم الحالي. أين كان أرسنال قبل سنوات، وكيف استعد لهذه المواجهات في موسم إنجليزي يحتاج إلى الثبات والتركيز والقدرة على التعاطي بمختلف البطولات وقلة الإصابات كما المعتاد؟
في ألمانيا، أكثر من فريق مجتهد يهدد عرش “البوندسليجا”، المكان المحبب والمفضل للفريق البافاري منذ سنوات طويلة، دورتموند ولايبزيغ ويونيون برلين، وفعلًا قد لا نشاهد البافاري سيدًا للمسابقة هذا الموسم.
إسبانيا يستمر فيها المد والجزر كتالونيًا ومدريديًا، لا مفاجآت تثمر بضاعة جديدة كما في الدوري الفرنسي وملكية “بي إس جي” الحالية للدوري الممتاز.
أما في إيطاليا فعاد تداول السلطة واللقب في السنوات الأخيرة مع سقوط مخطط السيدة العجوز المستمر في السيطرة على لقب “الكالتشيو”، فبرز الإنتر بطلًا في الموسم قبل الماضي، وفي الموسم الماضي عاد الميلان إلى عنوان البطولة ملكًا بعد سنوات من الأزمة الاقتصادية القاسية، واليوم، يعود عصر الفريق الجنوبي، أصحاب اللون السماوي، أصدقاء الراحل دييغو أرماندو مارادونا، نادي نابولي بحربه المفتوحة وأرقامه البعيدة الاستثنائية عن أي منافس.
الجمعة الماضي، سقط نابولي في هزيمة ثانية هذا الموسم أمام لاتسيو بهدف دون رد، هزيمة ثانية مع تعادلين اثنين مقابل 21 انتصارًا بفارق 18 نقطة عن أقرب المنافسين نادي إنتر ميلان، فماذا بعد؟
مجموعة السيد سباليتي الخاصة هذا الموسم أنجزت نصف الطريق باتجاه الدور ربع النهائي في دوري أبطال أوروبا، بالفوز ذهابًا على آينتراخت فرانكفورت بهدفين نظيفين، وخروج مبكر من ثمن نهائي كأس إيطاليا.
المشهد الحالي يوحي بأن أوسيمين ورفاقه، ومن دون مراهقة، قادرون على حسم لقب “الكالتشيو” بعد غياب عن المنصة الغالية 33 عامًا وقبل نهاية الموسم بخمس جولات، والعمل بهدوء على التقدم أكثر في “الشامبيونزليغ”، بحسب المنافس الذين سيقابلونه في ربع النهائي، وللأمانة، أيًا كان نوع هذا المنافس وشكله، فإنه بالتأكيد يحسب حسابًا كبيرًا ومهمًا لأبناء الجنوب الإيطالي بقدر ما يحسبون حسابه هم.
المدينة التي كانت ترمز سابقًا في عيون الإيطاليين إلى الفقر والجريمة، نابولي، كان من الصعب عليها أن تنافس العاصمة روما ومدينة ميلان وأنديتهما المهمة والمشهورة، لكنها تستعد في الشهرين المقبلين لاستقبال لقب الدوري الإيطالي الممتاز، كما استعدت سابقًا لاستقبال أسطورة كرة القدم النجم الراحل دييغو أرماندو مارادونا، وكما حققت برفقته بطولة الدوري مرتين، وبطولة الكأس والسوبر وكأس الاتحاد الأوروبي، ولولا قضية الكوكايين وحرمان مارادونا 15 شهرًا لحقق نادي نابولي الكثير من الألقاب برفقة الأسطورة ورفقة جماهيره العاشقة.
يومًا ما قال مارادونا عن لقب الدوري الإيطالي باللباس السماوي، “إنه أغلى ألقابي على الإطلاق، أغلى حتى من كأس العالم في المكسيك، لا لشيء سوى لأني أردت أن يرى العالم كيف ستحتفل هذه المدينة”.
وصل الأمر بعشاق الفريق يومها إلى الذهاب للمقبرة والهتاف للموتى: “لو كنتم تعلمون ما فاتكم لتمنيتم أن تكونوا معنا”.
واليوم، يقدم نابولي وبعد سنوات من التحضير والاستعداد أحد أهم المواسم الكروية المميزة، بالأداء الراقي وعواصف التسجيل وقوة الدفاع والصلابة في المواجهة، ففي سجلات الفريق حتى الجولة الـ25 من المسابقة 58 هدفًا، وفي مرماه 16 هدفًا كأقوى هجوم وأفضل دفاع على الإطلاق، ومع بداية ومنتصف الموسم الكروي في أوروبا، انتظرت الصحف والمجلات والمواقع الرياضية طويلًا لتسجل أول هزيمة لنابولي هذا الموسم.
كله بفضل العمل الجماعي الذي رسم أفكاره السيد سباليتي، مستغلًا طبعًا تراجع مستوى السيدة العجوز والتخبط بمستوى قطبي الميلان، فكان الإجهاز على البطولة بشكل شبه رسمي واضحًا، وأجزم بأن ما يحصل حاليًا وما تبقى من عمر الدوري هو لترتيب المراكز بعيدًا عن المتصدر صاحب الحرب المفتوحة، والمنافسة في إطار تحصيل الحاصل.
إذًا، اقترب مشهد الاحتفالية المجنونة لأبناء الجنوب أبناء نابولي في ملعب مارادونا، لن يكون الراحل موجودًا طبعًا لكن روحه وصوره العملاقة ستملأ الشوارع والجدران والملعب ذاته.
لكن هل يخلط نابولي أوراق أوروبا أيضًا ليكون الموسم استثنائيًا لا يُنسى؟