شمال غربي سوريا.. كيف بدت الاستجابة لمنكوبي الزلزال
عنب بلدي – محمد فنصة
أعلن “الدفاع المدني السوري” منذ اليوم الأول لوقوع الزلزال شمال غربي سوريا مناطق منكوبة، ورغم ذلك، تأخر وصول المساعدات الأممية والدولية حتى اليوم الخامس للكارثة، ومع مرور الأيام وتبدي حجم آثار “زلزال القرن”، لم تفِ المساعدات الواردة بتحسن وضع المنكوبين.
وتوفي إثر الزلزال في شمال غربي سوريا أكثر من 4500 شخص، وأصيب أكثر من 8700 آخرين، وفق أحدث بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، التي نُشرت في 28 من شباط الماضي.
ونزح جراء الزلزال نحو 40 ألف عائلة، بينما بلغ عدد الأبنية المدمرة بالكامل نحو 550 بناء، والمتضررة بشكل جزئي أكثر من 1570 بناء إلى جانب مئات الأبنية المتصدعة، بحسب تقديرات “الدفاع المدني”.
في هذا التقرير، نسلّط الضوء على الاحتياجات الحالية والمستقبلية، في ظل المتطلبات الكبيرة التي ضاعفها الزلزال.
الاحتياجات بالأرقام
في مواجهة نزوح آلاف الأهالي، أُقيمت عشرات المخيمات استجابة لكارثة الزلزال، تضاف إلى قائمة طويلة من المخيمات العشوائية في شمال غربي سوريا، وتحمّل المنطقة أعباء احتياجات مضاعفة.
وتفاقمت الأزمة في تلك المخيمات، بعدما اختار أصحاب المنازل التي لم تتأثر بالزلزال البقاء في الخيام خوفًا من زلزال جديد أو هزات ارتدادية يمكن أن تهدم ما بقي من المنازل.
ورغم غياب الإحصائيات الدقيقة لعدد المخيمات الناشئة استجابة للزلزال، أحصت منظمة “GLOCAL” وجود 78 مخيمًا معظمها في مناطق نائية أو متضررة من الزلزال.
وفي حين كانت المنظمات قبل الكارثة عاجزة عن سد احتياجات سكان المخيمات، صارت اليوم أكثر عجزًا أمام سد احتياج نحو 2943 خيمة إضافية، وتزويدها بوسائل التدفئة والبطانيات، وزيادة عدد دورات المياه بالمخيمات.
ويقدّر قطاع المأوى والمواد غير الغذائية وجود 280 ألف شخص متضررين من الزلازل بشكل مباشر، وبحاجة ماسة إلى المأوى والمواد غير الغذائية، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
في اليوم الخامس على الكارثة، بدأ دخول شاحنات مساعدات أممية، وأخرى من إقليم كردستان العراق والكويت والسعودية وقطر، استجابة لضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا، متضمنة مواد غذائية وطبية وإغاثية كالخيام.
وزير الاقتصاد والمالية في “الحكومة المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، قال لعنب بلدي، خلال الأيام الأولى من الزلزال، وصلت المساعدات من الداخل السوري مثل مدن اعزاز وعفرين والباب إلى المناطق الأكثر تضررًا.
واستمرت ما بعد اليوم الرابع المنظمات الإغاثية الدولية التي كانت تعمل سابقًا في الشمال السوري، بإدخال مساعدات روتينية وليست طارئة لأجل ضحايا الزلزال، وفق المصري، الذي أشار إلى أن هذه المساعدات أسهمت بتأمين الغذاء للمنكوبين.
وبحسب قطاع الأمن الغذائي وسبل العيش التابع للأمم المتحدة، فقد تم الوصول إلى حوالي 0.52 مليون شخص بشكل تصاعدي بالوجبات الغذائية منذ بداية الاستجابة بعد الزلزال.
وقبل وقوع الزلزال، كان عدد سكان شمال غربي سوريا 4.6 مليون شخص، 4.1 مليون منهم بحاجة إلى المساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، حيث يوجد 2.9 مليون شخص نازح داخليًا، و1.8 مليون شخص في المخيمات، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
وأوضح المصري أن أهم الاحتياجات الحالية هي في مجال المأوى من خيام وبطانيات، وتفاقمت الحاجة بعد الزلزال الثاني الذي ضرب جنوبي تركيا والمنطقة، إذ أسهم بزيادة الخوف لدى الأهالي، وخصوصًا الأطفال الذين لم يستطيعوا بعدها النوم في المنزل، ليضطر أصحاب المباني السليمة إلى طلب خيام ينامون فيها قرب البيت.
وعلى الرغم من أن الزلزال الأحدث كانت شدته أقل من الأول، كان وقعه على الناس أكبر من حيث المخاوف التي استقرت في نفوسهم، ما دعا كل عائلة في الشمال إلى طلب خيمة تستقر فيها قرب منزلها، وفق المصري.
وضرب زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس “ريختر” منطقة دفنة بولاية هاتاي التركية، وصل تأثيره إلى شمالي سوريا في 20 من شباط الماضي، حيث اقتصرت الأضرار على الإصابات.
بينما كانت شدة الزلزال الأول، في 6 من شباط الماضي، الذي ضرب ولاية كهرمان مرعش، وشمالي سوريا، 7.6 درجة، تبعه زلزال آخر بعد ظهر اليوم ذاته بشدة 7.4 درجة على مقياس “ريختر”.
ومن الاحتياجات الطارئة أيضًا، تأمين الأدوية المزمنة، ومعالجة الأطفال الذين نجوا من الكارثة جسديًا، لكن لديهم صدمة نفسية، وخصوصًا من فقد أحد ذويه.
وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، تصل احتياجات القطاع الصحي في شمال غربي سوريا إلى 15.7 مليون دولار، منها 6.7 مليون لتوفير الأدوية، و0.7 مليون لدعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.
وتضرّر ما لا يقل عن 55 مرفقًا صحيًا من الزلازل في شمال غربي سوريا، وأكثر من 110 من المراكز الصحية بحاجة إلى الوقود أو الأدوية، وفق الأمم المتحدة.
ويؤثر استمرار الهزات الارتدادية على حركة الترميم في المنطقة، حيث يتخوف الأهالي من بدء إعادة تأهيل المباني مع عدم توقف الهزات الارتدادية التي يمكن أن تهدم المباني المُدعمة حديثًا، وفق المصري، الذي أشار إلى الحاجة لإعادة تأهيل البنية التحتية والطرقات المتأثرة.
ودُمّر أكثر من عشرة آلاف مبنى بشكل كلي أو جزئي في شمال غربي سوريا بسبب الزلزال، بحسب بيانات الأمم المتحدة.
ومن الاحتياجات التي يُخشى حدوث أزمة مستقبلية فيها بعد الزلزال مادة القمح، نتيجة انهيار الصوامع الموجودة في الطرف التركي، ما سيؤثر على توفر مادة الطحين، لكن إلى الآن لا توجد أزمة، وفق وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”.
وتطالب الأمم المتحدة بتمويل قدره 397.6 مليون دولار، لتقديم المساعدة إلى 4.9 مليون شخص من ذوي الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحًا، ويغطي التمويل فترة أولية مدتها ثلاثة أشهر (حتى أيار المقبل)، بينما تضرر ما لا يقل عن 8.8 مليون شخص من الزلزال، وفق التقديرات الأممية.
“مدة لا تلبي الحاجة الكبيرة”
استمرت الاستجابة الأممية المتواضعة عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، حتى 13 من شباط الماضي، حين أعلنت الأمم المتحدة عن إمكانية إيصال المساعدات عبر معبرين حدوديين إضافيين (باب السلامة، الراعي)، بعد إبلاغها موافقة النظام السوري على فتح هذين المعبرين لمدة ثلاثة أشهر.
وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، يرى أن هذه المدة ربما تكون كافية لتقديم سلال غذائية وبناء بعض المخيمات، لكن ما تحتاج إليه المنطقة أيضًا، تأهيل للبنية التحتية، وإنشاء مشاريع صغيرة للسكان لخفض البطالة، ودعم التعليم، والإسهام بإعادة ترميم المنازل وفق ما وعدت به منظمات الأمم المتحدة، على حد قوله.
ويعتقد المصري أنه يجب تغيير آلية المساعدات الأممية للمنطقة، المقتصرة على المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية، إلى آلية إنمائية، وهو ما لا يمكن تأمينه خلال ثلاثة أشهر، والحاجة الكبيرة للناس حتى قبل الزلزال، تتطلب أن تكون المعابر مفتوحة دائمًا.
وحتى 3 من آذار الحالي، دخلت 557 شاحنة أممية من معابر “الراعي”، و”باب السلامة”، و”باب الهوى” الحدودية مع تركيا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :