عنب بلدي – إدلب
تواصل كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب ولاية كهرمان مرعش التركية تأثيرها في مناطق شمال غربي سوريا، إذا فتح الزلزال الباب على تحديات ومشكلات جديدة إلى جانب تلك الموجودة أصلًا قبل الزلزال، بانتظار حلول.
ومع فقدان الكثير من الأهالي بيوتهم جراء الزلزال، برزت مراكز الإيواء كاستجابة إنسانية عاجلة، لتوفير المأوى للمتضررين.
هذه المراكز المقامة على عجل تفتقر لأساسيات لا غنى عنها، بصرف النظر عن طبيعة المأوى، ما يفتح الباب واسعًا أمام الأمراض والأوبئة، في منطقة يعاني فيها القطاع الصحي حالة “ضعف مناعة” سبقت الزلزال وتفاقمت معه أكثر.
وفي إحدى حلقات برنامج “شو مشكلتك”، استعرضت عنب بلدي واقع حياة متضررين جراء الزلزال، يقيمون في مركز إيواء “الخير” بإدلب، وهو عبارة عن خيام خفيفة شبه فارغة، مبنية على أرض طينية.
وأوضحت إحدى السيدات أن أماكن الإقامة المؤقتة تفتقر لدورات المياه والحمامات، وهو ما أكده أيضًا لعنب بلدي مقيمون في المركز المؤقت ذاته، مشيرين إلى غياب النظافة، واقتصار حضور النقطة الطبية على ساعتين في اليوم فقط.
كما أبدى بعض الأشخاص تخوفًا من حدوث حالات جرب، لافتين إلى أن العلاج يتطلب حفاظًا على النظافة، وهو أمر غير متاح في ظل الظرف الراهن.
ويتكوّن مركز “الخير” من 80 خيمة، تقيم في كل منها عائلتان أو ثلاث عائلات، وفق ما ذكره مدير المركز، أحمد الحافظ، مبررًا ذلك بنقص المساحة المتاحة، والخيام أيضًا.
عماد زهران، مدير المكتب الإعلامي لمديرية صحة إدلب، أوضح لعنب بلدي أن هناك خطورة في انتشار العدوى بالأمراض بعد الزلزال، والسبب أن قسمًا كبيرًا من الناس يقيمون في مراكز مزدحمة، إلى جانب نقص في المياه أو احتمالية تلوثها.
وقال زهران، “بالتعاون مع شبكة الإنذار المبكر نحصل على عيّنات بشكل مستمر لمراقبة الوضع، خوفًا من أي تفشٍّ لوباء (الكوليرا)”، مشيرًا إلى عدم التبليغ عن أي إصابة من مراكز الإيواء، لكن الأمر يتطلب متابعة بسبب حالة الازدحام والظروف المعيشية الصعبة، ومسألة مياه الشرب والنظافة.
وجدد زهران تأكيده ضرورة دعم القطاع الصحي بالأدوية والمستلزمات الطبية.
وبحسب التقرير اليومي لبرنامج “الإنذار المبكر والاستجابة للأوبئة”، بلغ عدد الحالات المشتبه بإصابتها بـ”الكوليرا” أكثر من 51 ألف حالة، حتى 28 من شباط الماضي.
وكان مدير الطوارئ الإقليمي في منظمة الصحة العالمية، ريتشارد برينان، أوضح خلال جلسة للمنظمة، في 22 من شباط الماضي، أن المشكلة الكبيرة في الوقت الحالي بالنسبة لشمال غربي سوريا تتجلى بتفشي “الكوليرا”، واكتظاظ مراكز الإيواء، وقلة خدمات الصرف الصحي، ما قد يزيد انتقال الأمراض، لافتًا إلى أن المنظمة ستوصل لقاحات “الكوليرا” للفئات الأكثر ضعفًا بحلول نهاية آذار الحالي.
وقال برينان، “نحن في مرحلة التعافي المبكر بشمال غربي سوريا، لكن هناك احتياجات لخدمات الرعاية الصحية الأولية وعلاجات الأمراض المزمنة، لقد نزح الناس وفقدوا إمكانية الوصول إلى مرافقهم الصحية”.
وذكرت “الصحة العالمية” أن سبعة مستشفيات ونحو 145 مرفقًا صحيًا تضررت في سوريا جراء الزلزال، العديد منها في مناطق شمال غربي سوريا، التي دمرتها الحرب على مدى عقد من الزمن، وهي أكثر عرضة للصدمات.
وتسبب الزلزال بوفاة 2274 شخصًا في شمال غربي سوريا، و1414 شخصًا في مناطق سيطرة النظام السوري، مع تفاوت واضح في نسبة الدعم الذي تتلقاه منطقتا السيطرة المنكوبتان، إذ سجلت مناطق سيطرة النظام وصول 17 سيارة إسعاف مجهّزة، أرسلت دولة الإمارات عشرًا منها، بينما أرسلت “الصحة العالمية” سبع سيارات.