ألقت طائرات إسرائيلية منشورات ورقية في ريف القنيطرة جنوبي سوريا، تحذر من وجود “حزب الله” اللبناني في تل الحارة الاستراتيجي.
المنشورات، التي ألقيت مطلع آذار الحالي، كُتب فيها، “لن نقبل استمرار وجود (حزب الله) في قاعدة تل الحارة العسكرية والتعاون معه بأي طريقة وبأي حال من الأحوال”.
بين النظام والمعارضة
احتفلت قوات النظام بسيطرتها على تل الحارة عام 2018، بتسجيلات مصوّرة عديدة جاءت على وسائل الإعلام الرسمية من على قمة التل، الذي لطالما كان نقطة عسكرية استراتيجية على مدار السنوات الماضية.
وخضع سابقًا لسيطرة فصائل المعارضة السورية لعدة سنوات، واهتمت الجهات العسكرية بموقع التل، في حين صار اليوم نقطة تمركز لـ”حزب الله” اللبناني، بحسب ما قالته المنشورات الإسرائيلية.
وكان لفصائل المعارضة السورية طموح بالسيطرة عليه في تشرين الأول 2014، بعد معارك أطلقت عليها المعارضة اسم “الفجر وليال عشر”، إذ استقرت آلياتها على قمة التل في أول أيام عيد الأضحى من العام نفسه.
وعقب السيطرة على التل، تمكنت المعارضة من بسط نفوذها على بلدة الحارة المحاذية له، لكنها لم تتمكن من الاستفادة من هذا الموقع الاستراتيجي نظرًا إلى نوعية الأسلحة التي كانت تملكها آنذاك.
ما تل الحارة
كان التل يُعرف سابقًا باسم “حارث الجولان” أو جبل حارث، نسبة لأشعار قديمة ذكرت التل نفسه في أبيات منها، بحسب الرواية الشعبية في المنطقة.
ويعتبر التل أعلى نقطة بين محافظتي القنيطرة ودرعا، ما جعله أحد أهم المواقع العسكرية الاستراتيجية كونه يطل على مناطق واسعة من مرتفعات الجولان ومناطق حوران، بحسب تقرير سابق أعدته قناة “المنار” اللبنانية، الموالية لـ”حزب الله“.
ويقع التل بمحاذاة مدينة الحارة في الجهة الشمالية الغربية من محافظة درعا ويتبع لها إداريًا، ويطلق على المنطقة التي يشرف عليها التل اسم منطقة “الجيدور”.
قيادي سابق في فصائل المعارضة بريف القنيطرة الجنوبي قال لعنب بلدي، إن إيران و”حزب الله” يسعيان للسيطرة على أهم المواقع العسكرية والتلال القريبة من الشريط الحدودي المحاذي لإسرائيل والأردن، بغرض المراقبة وجمع المعلومات.
وأشار إلى أن قوات مدعومة من قبل “الحرس الثوري الإيراني” و”حزب الله” تنشط في المنطقة المحيطة بالتل، وعلى كامل الشريط الحدودي مع الجولان المحتل.
ومع تزايد عمليات انتشار مجموعات وأفراد من “حزب الله” في المنطقة الجنوبية، صارت استهدافات الجيش الإسرائيلي شبه يومية للمنطقة.
ومنذ منتصف عام 2018، وضمن اتفاق “التسوية” في الجنوب السوري، عادت قوات النظام لتسيطر على التل، لتبدأ الميليشيات الإيرانية و”حزب الله” بالتردد إلى المنطقة.
موقع استراتيجي
تصل قمة التل إلى 1075 مترًا، ويبعد عن مركز محافظة القنيطرة نحو 12 كيلومترًا، و55 كيلومترًا عن مركز مدينة درعا، ما يعني الإشراف الواسع على المنطقة الجنوبية والغربية من ريف دمشق، فضلًا عن إشرافه على طريق درعا- دمشق.
أما عن المسافة بينه وبين الحدود مع الجولان المحتل، فيبعد التل حوالي 12 كيلومترًا عن الشريط الحدودي، كما يمكن رؤية مدينة إربد الأردنية من على قمته، وهو ما جعله موقعًا مناسبًا لاحتواء كتيبة دفاع جوي، بالنسبة لقوات النظام السوري.
اقرأ أيضًا: الجنوب السوري.. رسائل إيران تقابل بـ”حزام أمني” إسرائيلي
إيران في الجنوب
أصدر مركز “ألما” الإسرائيلي، عام 2020، دراسة حول انتشار إيران في مناطق الجنوب السوري، وورد فيها أن وحدة استخباراتية إيرانية تحمل اسم “ملف الجولان” تعمل بهدف بناء بنى تحتية في المنطقة، وكيلة عن “حزب الله” اللبناني.
ويأتي الغرض من هذا النشاط في سياق جمع المعلومات وتنفيذ الأعمال الأمنية ضد إسرائيل، ويعتبر عناصرها والعاملون فيها من السكان المحليين السوريين الذين يعرفون المنطقة جيدًا، ويمكنهم الاندماج بين السكان المحليين، بحسب المركز.
وتشير النتائج التي خلصت لها الدراسة إلى عشر قرى في محافظة القنيطرة، و14 قرية أخرى في محافظة درعا تحت سيطرة “فيلق القدس الإيراني” (جزء من “الحرس الثوري الإيراني”)، أُنشئت فيها بنية تحتية عسكرية على الحدود السورية مع إسرائيل، ما أتاح إمكانية فتح جبهة أخرى على الحدود السورية ضد إسرائيل، تعادل تلك التي حدثت في لبنان سابقًا.
إلى جانب وحدة استخباراتية أخرى تابعة بشكل كامل لـ”حزب الله”، يطلق عليها اسم “القيادة الجنوبية”، يشكّل مقاتلون لبنانيو الجنسية أغلبية عناصرها، وهم المسؤولون عن إدارة ملف الجنوب السوري، بحسب الدراسة.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في القنيطرة زين الجولاني
–