لا تعتصموا بحبل الله جمعيًا… وتفرقوا

  • 2016/02/02
  • 5:23 م

محمد رشدي شربجي

لا تعتصموا بحبل الله جميعًا وتفرقوا، وتنازعوا وافشلوا، ولتذهب ريحكم، ولا تتعاونوا على البر والتقوى، وتعاونوا على الإثم والعدوان، بل لا تتعاونوا على الإطلاق، سواء على البر أو على العدوان، ففي التعاون الضعف والمشقة، ومع الوحدة تأتي الكوارث على هذا الشعب المحظوظ.

لا تفوتوا فرصة للخلاف دون اغتنامها، أكثروا من الخلاف باسم الثورة وتاريخها وانطلاقها وهدفها وشكلها وعلمها ورموزها، وإن حدث أن لم يوجد ما يتم الخلاف عليه، فلتكن الخلافات على أمور حادثة في مستقبل لا يعلم أحد متى سيأتي، كشكل الدولة السورية المستقبلية ونظام الحكم فيها مثلًا، فهذا سؤال مهم يستحقبل يجبتفتيت الثورة لأجله، خاصة عندما يكون الثوار محاصرين في أحياء المدن من الجهات الأربع، وتنهمر عليهم البراميل من الجهة الخامسة.

عليكم بالمزاودات والتكفير، ويا حبذا الإكثار من الأخيرة، فمن قال لأخيه يا كافر فسيبوء بها أخوه بكل تأكيد، وابتعدوا عن التنسيق فيما بينكم، وهلموا إلى كلمة حرب شعواء فيما بينكم لا تبقي ولا تذر، وأكثروا ما استطعتم من التخوين والتشويه والخطف والاغتيال، فمن قتل نفسًا بغير نفس فكأنما أحيا الناس جميعًا، ومن أحياها فكأنما قتل الناس جميعًا.

أسسوا دول وهمية، فهذا واجب على كل فصيل يزيد عناصره عن العشرة، افتحوا دكاكين قضائيةما استطعتم إلى ذلك سبيلًا، وافرضوا قوانينكم على الناس المحظوظين، واحرصوا دائمًا أن تكون هذه القوانين مشرذمة لا مرجعية لها وغريبة عجيبة قدر الإمكان، اضغطوا على الجماهير التي احتضنتكم بقدر ما تستطيعون، ركزوا على ما تلبس النساء، واقتحموا الراديوهات، وافرضوا الأتاوات، فهذه الجماهير مرتاحة سعيدة لا يعكر صفوها شيء، ومنذ ثورة البعث المباركة قبل نصف قرن ونيف وحتى اليوم وهي تتنقل من حالة محظوظة إلى حالة أكثر حظًا، ولا ينقصها إلا استعداء سكان المريخ بعد سكان كوكب الأرض.

انصروا أخاكم مظلومًا، وانصروه ظالمًا أيضًا حين يكون هذا الأخ من أخوة المنهج، وحذارٍ أن تكون نصرة الظالم برده عن ظلمه، بل كونوا مع التي تبغي حتى لا يفيء أحد إلى أمر الله، والمسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو لم يتداعَ له أحد بالسهر والحمى.

خلال سنوات الثورة الخمسة كُتبت آلاف المقالات، عشرات آلافربما، تدعو المعارضة السورية سواء كانت سياسية أم عسكرية للوحدة من أجل إنقاذ الثورة وإنهاء معاناة الشعب السوري دون أن تجد آذانًا صاغية، وقد جرت خلال نفس الفترة عشرات، مئات ربما، محاولات التوحيد أثمرت كيانات سرعان ما تنهار أمام أي استحقاق عسكري أو سياسي.

آخرها ما أشيع عن فشل جهود اندماج الفصائل الإسلامية في شمال سوريا بتشكيل واحد، بسبب إصرار الجولاني، وإن أبدى بعض المرونة في تغيير اسم الجبهة بحسب التقارير، على إبقاء ارتباطه بالقاعدة، لتندلع بعدها اشتباكات بين النصرة والجبهة في أكثر من مكان في ريف إدلب سرعان ما تم احتواؤها بهدن هشة، وليس بعيدًا طبعًا الاشتباكات مع حركة المثنى الإسلامية جنوب سوريا بعد أن ثبت تورط الأخيرة في عمليات اختطاف واغتيال الكوادر الثورية الإدارية العاملة في المنطقة هناك، وقائمة الأحداث تطول لا يتسع مقال أو عدة مقالات لسردها.

في الجامعة، كنا نعقد العزم في آخر أيام الامتحانات الجامعية ونقسم الأيمان أننا في الفصل المقبل سنبدأ بالتحضير للامتحان منذ بداية الفصل، ولن نسمحمرة أخرىللمواد بالتراكم كما حصل في الفصل الماضي، ودائمًا طبعًا ما تكرر هذا السيناريو مع كل امتحان فصلي جديد، ولتجاوز هذا الفشل المزمن، ولكي نكون عند كلامنا ولو لمرة واحدة على الأقل، اقترح أحد الزملاء ساخرًا أن نعقد العزم ونقسم الأيمان أننا لن ندرس في الفصل المقبل ولن نبدأ بالتحضير للامتحان إلا قبل بدايته بأيام، الكلام الكاريكاتيري أعلاه يأتي ضمن هذا الإطار، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي