إيقاف العبور إلى تركيا يهدد حياة مئات مصابي السرطان
اكتشفت إلهام الحامض (52 عامًا) المقيمة في مدينة إدلب شمال غربي سوريا إصابتها بسرطان الثدي، بعد عدة فحوصات أجرتها على مدى الأشهر الستة الماضية، حُولت إثر ذلك إلى تركيا لتلقي العلاج الذي لا يتوفر حيث تقيم، إلا أن إغلاق المعبر أمام المرضى باتجاه تركيا منعها من متابعة علاجها.
تلقت إلهام، بحسب ما قالته لعنب بلدي، أربع جرعات من العلاج الكيماوي في مركز “الأورام” بمستشفى “إدلب المركزي”، المدعوم من “الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (سامز)، فور تشخيص المرض، ثم حُوّلت إلى مستشفى “أنطاكيا” بتركيا بسبب حاجتها إلى علاج مناعي متطور لا يمكن تقديمه في مركز “الأورام” بإدلب.
تعيش السيدة مخاوف من تراجع حالتها الصحية والخطر على حياتها، بسبب عدم قدرتها على متابعة علاجها في تركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، في 6 من شباط الحالي، وتقرر بسببه منع إدخال المرضى إلى تركيا.
يعاني مئات المرضى من الذين لا يتوفر لهم العلاج في مستشفيات الشمال السوري مخاوف عدة، تتعلق بتأثر صحتهم وتراجع حالاتهم، نتيجة عدم تلقيهم العلاج في تركيا.
كما تحتاج عدد من الإصابات المتأثرة بالزلزال في شمال غربي سوريا إلى أجهزة ومعدات وكوادر غير متوفرة في المستشفيات، ما يستدعي حاجتهم للنقل إلى تركيا.
لا علاج في الشمال
يشعر عبد الله الدخيل (39 عامًا) بالعجز حيال والدته المصابة بسرطان البنكرياس، والتي أجرت جراحة دقيقة في مستشفى “باب الهوى” قبل شهر، وهي الآن بحاجة ماسة لمتابعة العلاج في تركيا، بسبب عدم توفر الإمكانيات اللازمة لعلاجها في الشمال.
أخبر الأطباء عبد الله أن تأخر دخول والدته إلى تركيا يقلل إلى حد كبير فرص استجابة جسدها الضعيف للعلاج.
وأصيب الناشط الإعلامي علاء الدين الإسماعيل (40 عامًا) بكتلة سرطانية في جفن العين العلوي، أجرى لها عدة فحوصات في تركيا، وتأكد من عدم انتشار المرض.
إلا أنه لم يتمكن من تلقي العلاج اللازم واستئصال الكتلة السرطانية، بسبب عدم توفر مثل هذا العلاج بالمستشفيات الحكومية في تركيا، وعدم قدرته على تحمل تكاليف العلاج الباهظة في المستشفيات الخاصة، والتي تزيد على عشرة آلاف دولار.
ويصف علاء معاناته مع المرض بقوله، “عدت من تركيا قبل الزلزال بأيام آملًا في تأمين مبلغ العلاج أو الحصول على لجوء بصفتي إعلاميًا في إحدى الدول الأوروبية، لكن إغلاق المعبر بدد هذه الآمال، وهناك مخاطر حقيقية بفقداني البصر بسبب الكتلة السرطانية أو انتشار المرض أكثر”.
حلول مؤقتة “غير كافية”
وسط حاجة العديد من الإصابات المتأثرة بالزلزال في شمال غربي سوريا إلى النقل لتركيا لاستكمال علاجها، ومع إغلاق المعبر، تحاول المراكز الطبية والمستشفيات إيجاد حلول مؤقتة للتعامل مع هذه الحالات إلى حين فتح المعبر وإدخالهم لتلقي العلاج.
مسؤول الرعاية الصحية الأولية في مديرية الصحة بإدلب، دريد رحمون، قال لعنب بلدي، إن هناك الكثير من الحالات الطبية المستعجلة جراء الزلزال بحاجة لأجهزة طبية متطورة وقدرات طبية غير متوفرة في الشمال، إذ تحتاج معظم المستشفيات إلى أطباء متخصصين في مجال الجراحات العصبية الدقيقة والجراحات الطرفية الدقيقة بسبب الأعداد الكبيرة للمصابين المحتاجين لمثل هذه الجراحات حاليًا.
ولفت المسؤول إلى محاولات المتابعة الطبية لهذه الحالات في مستشفيات الشمال، من خلال تدخلات طبية مؤقتة أو طلب استشارات طبية من اختصاصيين في الخارج.
وفي تقرير أعدته عنب بلدي في وقت سابق، حاولت تلخيص الآثار الطبية على المصابين المتأثرين بالزلزال، نتيجة العمل وفق خطة استجابة طارئة، تفرض استخدام الحد الأدنى من المعدات الطبية الممكنة لضمان سلامة المريض، بسبب غياب رفاهية إتمام العمليات الجراحية كما يجب أكاديميًا.
اقرأ أيضًا: خطط علاجية طارئة لإصابات الزلزال.. مرضى الشمال السوري في خطر
مركز واحد يحاول الاستجابة
بالنسبة لمرضى السرطان والمرضى الذين يحتاجون إلى علاج دوري كمرضى الإصابات الهرمونية، قال رحمون، إن مخاوفهم بشأن إغلاق المعبر “محقة”، ومن الممكن أن يؤدي تأخر علاجهم، لتراجع حالتهم الصحية.
وتحاول مديرية صحة إدلب والمستشفيات في المنطقة التواصل مع الجهات المانحة لتوفير الأدوية النوعية اللازمة لعلاجهم.
وحاليًا يقدم مركز “الأورام” في إدلب الجرعات الكيماوية لبعض مرضى السرطان فقط، إذ لا تتوفر العلاجات لجميع أنواع المرض.
مدير المكتب الإعلامي لمديرية صحة إدلب، عماد زهران، قال لعنب بلدي، إن إيقاف تحويل الحالات الطبية لتركيا يهدد حياة مئات المرضى الذين هم بحاجة لعلاج نوعي لا يمكن تقديمه في الشمال.
وأشار زهران إلى أن مركز “الأورام” في إدلب يعمل فوق طاقته، إلا أنه لا يعالج سوى أنواع محددة من مرض السرطان، كسرطان الثدي، والقولون، ولوكيميا الدم، واللوكيميا عند الأطفال، كما أن الجرعات التي يوفرها المركز محدودة جدًا بسبب الضغط الكبير وأعداد المصابين الهائلة.
ويعاني الشمال السوري غياب مراكز الكشف المبكر عن السرطان، وعدم وجود مراكز للتوعية، إلى جانب اقتصار العلاج على مركز واحد، هو مركز “الأورام” في مستشفى “إدلب المركزي”، ويتبع لـ”سامز”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :