خالد حبوباتي.. أداة الأسد لتطويع المساعدات وترويج رفع العقوبات
برزت صور رئيس منظمة “الهلال الأحمر السوري”، خالد حبوباتي، خلال الشهر الحالي بعد وقوع كارثة الزلزال، في المطارات عند استقبال طائرات المساعدات، وعند توقيع الاتفاقيات مع منظمات إغاثية دولية. لكنه، وهو المسؤول الأول عن المنظمة الإغاثية الأكبر في سوريا، لم يظهر في المواقع المتضررة ولا مع المنكوبين، ما يشير إلى خلفية رجل الأعمال التي قدم منها دون أي خبرة في العمل الإنساني.
في اليوم التالي لوقوع الزلزال، حين لا تزال الصدمة على وجوه السوريين من هولها، باشر حبوباتي استغلال الكارثة الإنسانية، وكان من أوائل المطالبين برفع العقوبات الغربية عن سوريا، بحجة مواجهة تداعيات الزلزال، بينما كانت ومازالت المساعدات الإغاثية تصل تباعًا إلى مناطق سيطرة النظام.
وفي أحدث الاتفاقيات التي جرت لمساعدة المتضررين من الزلزال في سوريا، وقع حبوباتي مع الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي “AICS”، اتفاقية لتقديم الأخيرة مليون يورو كمساعدات طارئة.
ولم تأتِ هذه الاتفاقيات نتيجة حملة النظام لرفع العقوبات وجلب المساعدات وتفعيل اتفاقيات الحماية المدنية الأوروبية وحسب، وإنما كان لحبوباتي الدور في اختيار منظمته كشريك لتلك الدول، عبر شبكة علاقاته التي نماها منذ سنوات خارجيًا مع مسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية كالاتحاد الدولي للصليب الأحمر.
وفي 28 من كانون الثاني الماضي، التقى حبوباتي مع بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، في روما، حيث تحدث عن الوضع الإنساني في سوريا، مروجًا “للآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية على سوريا”.
وتشرف منظمة “الهلال الأحمر السوري” على استقبال وتوزيع المساعدات للمتضررين من الزلزال، وسط انتشار تسجيلات مصورة تثبت وصول المساعدات للأسواق، وشكاوي أخرى رسمية حول توزيع المساعدات لمن لا يستحقها، وترك المحتاجين دون مساعدات.
ومع تاريخ النظام الطويل بسرقة المساعدات في ظل سطوته على المنظمة، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون بشأن الزلزال، يتعلق بإنشاء آلية رسمية لمراقبة المساعدات الأمريكية لسوريا.
المقرب من دوائر الأسد
مكافأة له على دعمه النظام، حصل حبوباتي على عقد ترسيم معبر “خربة غزالة” في درعا، في عام 2017، وتعويضًا عن الخسائر التي طالته منذ بدء الثورة، حيث توقفت تجارته في مادة قمر الدين المجفف في الغوطة الشرقية، وأغلق مشروعه “كازينو دمشق” في العام 2011، بحسب دراسة نشرت مطلع 2020 لبرنامج “مسارات الشرق الأوسط”، الذي يشرف عليه مركز “روبرت شومان” للدراسات العليا التابع لمعهد الجامعة الأوروبية.
ويمنح مكتب أمن “الفرقة الرابعة”، برئاسة ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام، بشار الأسد، عقود ترسيم المعابر لوسطاء مقربين منه، ممن لديهم باع في عمليات التهريب، أو هم من كبار التجار، بفضل شبكة علاقاتهم، وخبرتهم في إدارة الأعمال التجارية.
ويتمتع حبوباتي بعضوية “الجمعية السورية للخيول العربية الأصيلة”، والتي تضم نخبة من رجال الأعمال الموالين للنظام، مثل هاني مخلوف، ومحمد حمشو، ومنال جدعان، زوجة ماهر الأسد، وفق تقرير لمنظمة “مع العدالة” صدر في 2021.
وبحسب التقرير، فإن سوريا، انتسبت إلى “منظمة الجواد العربي”، التي تأسست عام 1989 في مدينة جنيف، وتُعرّف عن نفسها بأنها “منظمة غير ربحية تهتم بأنساب الخيول العربية”، لكن هذه العضوية “سهّلت حركة نقل الأموال إلى سويسرا، وغطت جزءًا من حركة تبييض الأموال من قبل أشخاص مقربين من النظام، في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ عام 2011.
ومنذ استلام حبوباتي رئاسة “الهلال الأحمر” في 2016، ارتبطت المنظمة بالنظام بشكل مباشر، في حين كانت قد فقدت أي مؤشر على استقلالها بعد 2011، عندما جمّدت حكومة النظام انتخابات “الهلال الأحمر” إلى أجل غير مسمى، وتخلّصت من أعضاء الإدارة المستقلين، وفصلت طاقم العمل المؤهل، وفق تقرير نشرته مجلة “Foreign Affairs” الأمريكية في أيلول 2018.
وأسهمت المنظمة خلال رئاسته وفقًا للتقرير، في دعم النظام بطريقة غير مباشرة، بنحو 30 مليار دولار، دفع منها رواتب قواته ومستلزمات أجهزة المخابرات، وذلك بتسخير “الهلال الأحمر” كبوابة حصرية للحصول على أموال المساعدات، إذ اشترطت وزارة الخارجية على جميع وكالات الإغاثة توقيع اتفاق مع “الهلال الأحمر” باعتباره الشريك الحكومي الرسمي.
واخترق عناصر المخابرات، الذين قدموا أنفسهم باعتبارهم مُتطوّعين، صفوف المنظمة، فيما تعرض طاقم العمل والمتطوعون الذين يخرقون قواعد السياسة الجديدة للسجن والتعذيب وحتى القتل، بحسب التقرير.
ودفعت تلك المخالفات في عمل المنظمة، الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات على خالد حبوباتي في تموز عام 2021 في إطار “قانون قيصر”، وضمت حزمة العقوبات حينها 32 من الشخصيات والكيانات الداعمة للنظام السوري.
وأدت سيطرة النظام على المنظمة وتطويعها لخدمة مصالحه إلى مخالفة “الهلال الأحمر” المبادئ السبعة التي أعلنت في فيينا عام 1965، والتي تمثل الرابط بين جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الوطنية من جهة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر من جهة أخرى.
وينبغي على كل المنظمات الأعضاء في الاتحاد الالتزام بهذه المبادئ، وهي: الإنسانية، وعدم التحيز، والحياد، والاستقلال، والخدمة التطوعية، والوحدة، والعالمية.
وبحسب دراسة لمركز “جسور للدراسات”، في شباط 2018 على أهلية “الهلال الأحمر” بعد 2011، وفق هذه المبادئ، تبين انتهاك المنظمة لخمسة منها، والتزام مبدئي الخدمة التطوعية، إذ لم يثبت أن سرقة المساعدات من المتطوعين جرى بشكل مؤسسي، ومبدأ العالمية الذي يرتبط بالحركة الدولية أكثر مما يرتبط بالجمعيات الوطنية.
حبوباتي.. باعٌ في التجارة
ولد خالد حبوباتي في دمشق عام 1957، ووالده توفيق حبوباتي الذي كان يملك ثلاثة كازينوهات في دمشق (كازينو بلودان، وكازينو فندق المطار، وكازينو الشرق)، والتي أغلقتها الحكومة السورية جميعًا عام 1977 بقرار من رئيس الوزراء حينها، عبد الرحمن خليفاوي.
ويحمل خالد حبوباتي شهادة في الهندسة المعمارية، وكان يملك نادي “الشرق” الذي ترتاده نخبة من رجال الأعمال السوريين والسياسيين من داخل البلد وخارجها، إلا أن حبوباتي باع النادي عام 2009 لرجل الأعمال موفق القداح، بحسب ما ذكر موقع “اقتصاد”، بتاريخ 5 من تشرين الثاني 2018.
وبعدها بعام افتتح حبوباتي “كازينو دمشق”، في فندق ومطعم مطار “دمشق” الدولي، وهو ما أثار غضب الأوساط الشعبية والدينية حينها، الأمر الذي دفع السلطات السورية لإغلاقه بعد ثلاثة أشهر من افتتاحه، واختفاء حبوباتي عن الأضواء إلى حين تعيينه عام 2016 من قبل رئيس مجلس الوزراء حينها، عماد خميس، رئيسًا لمنظمة “الهلال الأحمر”.
وجاء تعيين حبوباتي في رئاسة المنظمة بدلًا من عبد الرحمن العطار، الذي أمضى أكثر من 25 عامًا من حياته في المنصب، وذلك بعد أوامر رسمية له بتقديم استقالته، بينما لم يتمتع حبوباتي بعضوية المكتب التنفيذي أو مجلس إدارة المنظمة، أو حتى من كوادرها، وفق تقرير منظمة “مع العدالة”.
لم يكن نادي “الشرق” أو معمل قمر الدين المجفف الوحيدين ضمن نشاط تجارة وأعمال حبوباتي، بل كان له باع في التجارة حيث يعتبر شريكًا، ومؤسسًا للعديد من الشركات التجارية والاستثمارية.
ومن تلك الشركات بحسب موقع “الاقتصادي“، شركة “الرخاء للتجارة”، التي كان شريكًا مؤسسًا لها، وتختص الشركة باستيراد وتوزيع وتوريد وبيع السيارات، وقطع غيارها، وصيانة السيارات، وتقديم خدمات ما بعد البيع، وتعد الوكيلة لسيارات “نيسان” و”لادا”.
كما أن حبوباتي شريك ومؤسس لكل من “شركة ميرا للخدمات” المتخصصة بإقامة المشاريع التجارية، والخدمية، وتقديم خدمات الإطعام الخارجي، وإقامة الحفلات والمناسبات الخارجية، والمعارض، والمؤتمرات، والاستيراد والتصدير، و”شركة ميرا للاستثمار السياحي” المتخصصة بإقامة وتشغيل واستثمار المشاريع السياحية والخدمية، من مطاعم وفنادق، وتجهيزها.
ويدير شركة “نادي المحيط”، وهو شريك مؤسس لها، كما هو الحال في شركة “لينا للاستثمارات”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :