عنب بلدي – أنس الخولي
ضرب الزلزال قطاع التعليم المتهالك في إدلب، وتركه على بعد خطوات قليلة من الانهيار، خصوصًا بعد أن شهد القطاع لسنوات تهديدات متواصلة جرّاء النقص الشديد بالدعم.
وألحق الزلزال أضرارًا كبيرة بالمباني التعليمية، إذ بلغ عدد المدارس المتأثرة، في أحدث إحصائية صادرة عن وزارة التربية والتعليم بحكومة “الإنقاذ“، 250 مدرسة، بينها 203 مدارس متضررة جزئيًا، ومدرسة واحدة مهدمة بالكامل، و46 مدرسة فيها تشققات بسيطة.
وبعد ساعات من الزلزال الأول الذي ضرب تركيا وسوريا، أصدرت وزارة التربية والتعليم بحكومة “الإنقاذ”، في 6 من شباط الحالي، قرارًا بتعليق الدوام في المدارس العامة والخاصة حتى 10 من الشهر نفسه.
تلاه قرار بتعليق الدوام حتى 20 من شباط، ريثما تستطيع اللجان المختصة التحقق من سلامة المباني، لكن زلزالًا آخر ضرب جنوبي تركيا، وتأثرت به مناطق الشمال السوري في مساء اليوم نفسه عرقل استئناف الدوام، ومدد التعليق حتى 25 من الشهر نفسه، وسط تزايد المخاوف من حجم الأضرار التي يمكن أن تكون قد طالت المباني التعليمية.
تقييم الأضرار
معاون وزير التربية في “الإنقاذ”، خالد صليبي، قال لعنب بلدي، إن عدد المدارس المتضررة الخارجة عن الخدمة بالكامل أكثر من 100 مدرسة، معظمها في حارم بريف إدلب الشمالي.
وأضاف أن المناطق التي تعرضت مباشرة للخط الزلزالي هي سلقين وحارم وترمانين والأتارب والملند، وهي تعاني ضررًا كبيرًا في البنى التحتية للمباني التعليمية، أما المناطق الأخرى فمعظم المباني فيها قابل للترميم.
من جهته، قال مدير الأبنية المدرسية في وزارة التربية، محمد الددو، لعنب بلدي، إن الوزارة شكّلت بالتعاون مع نقابة المهندسين في إدلب لجنة خاصة للكشف على المدارس وتقييم الأضرار، ومدى إمكانية ترميم المدارس المتصدعة.
وبحسب تقييم اللجنة، بلغ عدد المدارس التي تعتبر أضرارها خطيرة أكثر من 100 مدرسة، ما يجعل العودة إليها مستحيلة في الوقت الراهن، وفق ما قاله الددو.
مخاوف الأهالي
بحسب استطلاع رأي أجرته عنب بلدي، تتخوف العديد من العائلات التي أُجبرت على النزوح إلى مناطق متفرقة إثر الزلزال من عدم العثور على مدارس جديدة.
كما تتخوف العائلات من العودة إلى المدارس في ظل استمرار الهزات الارتدادية، ووجود العديد من المباني التعليمية المتأثرة بالزلزال.
وقال محمد العبيد (34 عامًا)، إن ابنته حلا البالغة من العمر ثماني سنوات، أصرّت على أخذ حقيبتها المدرسية قبل مغادرة منزلهم الذي تصدع إثر الزلزال الأول.
وبعد ساعات من مغادرة منزلهم في مدينة حارم، سقط بفعل الهزات الارتدادية، ما أجبرهم على البقاء في أحد مراكز الإيواء بإدلب.
وفي حين ما زالت الطفلة تعاني آثار الصدمة النفسية بعد الزلزال، يرى والدها أن عودتها إلى المدرسة يمكن أن تخفف من ذلك، باعتبارها متعلقة بالمدرسة ومعلماتها بشكل كبير، لكنّ نزوحهم لن يسمح بذلك في وقت قريب، وفق ما قاله محمد.
وبينما تحاول ليلى المصطفى (39 عامًا) وزوجها العثور على منزل للإيجار عوضًا عن منزلهم الذي انهدم جرّاء الزلزال، تتخوف من صعوبة العثور على مدرسة جديدة لأبنائها الثلاثة.
وقالت ليلى لعنب بلدي، إن أوضاعهم المادية تعرقل عثورهم على شقة للسكن، كما ستعرقل لاحقًا تأمين المستلزمات المدرسية واحتياجات أبنائها، بعد أن ضاع كل ما يملكونه تحت ركام منزلهم.
وتعتبر ليلى أن عودة أبنائها إلى المدرسة حتى في حال استطاعت العائلة تأمين الاحتياجات اللازمة لذلك، تعد فكرة مرعبة وسط استمرار التخوف من الهزات الارتدادية.
حلول لا تفي بالحاجة
المعلم حسام عز الدين، قال لعنب بلدي، إن الكارثة تفوق قدرات مديرية التربية، ما يجعل توفير حلول للطلاب والمعلمين المتضررين أمرًا بالغ الصعوبة.
ولفت حسين إلى أن معظم المعلمين كانوا يمارسون عملهم بشكل طوعي، لكن العديد منهم لن يكون قادرًا على ذلك في الوقت الراهن.
بينما تعمل وزارة التربية على إحداث أفواج في المدارس الآمنة، بعد صدور قرارات اللجنة المسؤولة عن الكشف على المدارس، وفق ما قاله معاون وزير التربية في “الإنقاذ”، خالد صليبي.
كما تعمل على تزويد مراكز الإيواء بمدارس مؤقتة في الخيام، بينما يجب على المدارس الآمنة القريبة من مراكز الإيواء استقبال الأطفال الراغبين بذلك، وفق ما قاله صليبي، لافتًا إلى أن المدارس يجب أن تستوعب أعدادًا كبيرة من الطلاب خلال الكوارث.
وأضاف صليبي أن ذلك يجري تزامنًا مع دراسة إمكانية إعادة إعمار المدارس في المناطق المتضررة.
ويعاني قطاع التعليم في إدلب منذ سنوات مشكلات عديدة جرّاء نقص الدعم، وسط مطالبات للجهات المعنية بإنقاذ مستقبل الطلاب في المنطقة، وإعطاء المعلمين حقوقهم.
وتوجد في إدلب جهات عدة مهمتها تنظيم القطاع التعليمي، هي مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب، ووزارة التربية والتعليم في حكومة “الإنقاذ”، ونقابة المعلمين السوريين، ورغم وجود هذه الهيئات، فإنها فشلت في تأمين الدعم للمعلمين.
وفي تقرير سابق، ناقشت عنب بلدي ظروف وواقع المعلمين في محافظة إدلب، كما سلّطت الضوء على مصادر المعاشات، والجهات الممولة، وأسباب عدم انتظام الدعم لقطاع التعليم في المنطقة.