“متلازمة الهرس”.. خطر يهدد الناجين من تحت الأنقاض

  • 2023/02/26
  • 11:49 ص
"متلازمة الهرس".. خطر يهدد الناجين من تحت الأنقاض

رجل يحمل طفل في بلدة جنديرس بريف حلب - 7 شباط 2023 (AFP)

د. أكرم خولاني

قد يتعرض الأشخاص الناجون من تحت الأنقاض نتيجة الزلازل والانهيارات للجروح والكسور والأذيات الواضحة، ولكن قد تحدث لدى بعضهم مضاعفات صحية متأخرة تؤدي إلى إدخالهم وحدة العناية المركّزة، وإجراء جلسات الغسل الكلوي وربما بتر الأطراف، وتُعرف هذه المشكلة المرضية بـ”متلازمة الهرس”.

ما المقصود بـ”متلازمة الهرس”

“متلازمة الهرس” أو “السحق” (Crush syndrome)، وتدعى أيضا “متلازمة الانحلال العضلي الرضي” (traumatic rhabdomyolysis)، هي حالة يتم فيها تدمير الخلايا العضلية الهيكلية الموجودة في الأطراف أو أجزاء أخرى من الجسم بفعل قوة خارجية ضاغطة، ما يؤدي إلى خروج محتويات الألياف العضلية وانتشارها في الدوران الدموي مسببة بعض المضاعفات، كانخفاض ضغط الدم، ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة، واضطراب الكهارل (ارتفاع البوتاسيوم والفوسفور وانخفاض الكالسيوم في الدم)، وحدوث القصور الكلوي الحاد.

فإصابة الهرس هي انضغاط الأطراف أو غيرها من أجزاء الجسم، ما يسبب تورم العضلات و/أو اضطرابات عصبية في المناطق المتضررة من الجسم، في حين أن “متلازمة الهرس” هي إصابة هرس موضعية مع مظاهر جهازية.

إن نسبة حدوث “متلازمة الهرس” في المنطقة التي يضربها الزلزال تكون من 2 إلى 15% من المصابين، و50% منهم قد يصابون بالقصور الكلوي.

ما آلية حدوث “متلازمة الهرس”

تنجم “متلازمة الهرس” بشكل عام عن انضغاط العضلات الهيكلية في أحد أجزاء الجسم بشيء ثقيل ولمدة أربع إلى ست ساعات أو أكثر، كما هي الحال في ضغط جدار أسمنتي ثقيل إثر انهيار مبنى نتيجة قصف حربي أو كارثة طبيعية كالزلزال، ولكن قد تحدث أحيانًا إذا استمر الانضغاط 30 دقيقة، إذ يؤدي الانضغاط المستمر لمدة طويلة إلى نقص التغذية الدموية للألياف العضلية، ما يؤدي إلى تموتها، وعند إعادة ضخ الدم تنطلق منتجات انهيار العضلات والعظام إلى الدوران الدموي، وخاصة البروتين العضلي (ميوغلوبين) والبوتاسيوم الخلوي والفوسفور والكرياتين والكرياتين كيناز وحمض البول، ومع وجود كميات كبيرة من البروتين العضلي في الدم بشكل يفوق قدرة الكليتين على تصفيته من الدم وتصريفه في البول، ومع ترسب هذا البروتين العضلي في الأنابيب الكلوية، تتوقف الكليتان عن العمل ويصاب المريض بالقصور الكلوي الحاد فتتوقف الكليتان عن طرح البول خارج الجسم، ما يزيد الحالة سوءًا، الأمر الذي يتطلب خضوع المريض لجلسات غسل الكلى.

ما أعراض الإصابة بـ”متلازمة الهرس”

تعتمد أعراض “متلازمة الهرس” على المنطقة المضغوطة، ففي حال انضغاط الجذع تحدث كسور في الأضلاع وتجمع الدم في منطقة الصدر أو الرئة وتظهر كدمات رئوية.

وفي حال انضغاط الأطراف، تبدأ الأعراض بتنميل وخدران فيها، وألم عند الحركة، كما يحدث تورم الأطراف المضغوطة وغياب النبض فيها.

كما تظهر بعض الأعراض العامة مثل:

تغير لون البول إلى الغامق، المائل للأسود، وذلك نتيجة للإصابة ببيلة الميوجلوبين وبيلة الهيموجلوبين.

قلة التبول.

نقص حجم الدم.

القيء والغثيان.

كيف يتم التشخيص

عند الاشتباه بـ”متلازمة الهرس” بناء على القصة المرضية والأعراض، يتم تأكيد التشخيص بوجود ارتفاع شديد في مستوى بوتاسيوم الدم، وارتفاع 5- 10 أضعاف الطبيعي في مستوى الكرياتين كيناز، ووجود الميوغلوبين في البول، إضافة إلى وجود انخفاض محتمل في مستويات الكالسيوم، كما يُظهر تحليل غازات الدم تطور الحماض الاستقلابي عند المريض.

كيف يكون العلاج

نظرًا إلى خطورة “متلازمة الهرس”، من المهم علاجها في أسرع وقت ممكن، للتقليل من مضاعفاتها ومن معدل الوفيات بسببها.

لذلك خلال عملية تخليص جسم المصاب من الشيء الضاغط عليه، أو في أقرب وقت ممكن، يجب تزويد المصاب بالمحلول الملحي في الوريد، وفي حال صعوبة تزويده به يجب استخدام العاصبة لمدة لا تزيد على ساعتين وحتى التمكن من التزويد بالمحلول الوريدي، خصوصًا في حالات استمرار التعرض للضغط لأكثر من 30 دقيقة، والكمية التي يُنصح باستخدامها هي 1 ليتر/ساعة قبل التخليص، وفي حال عدم القدرة على تخليص المصاب من الشيء الضاغط، وبعد استنفاد جميع الخيارات، يُنصح ببتر الطرف لتجنب أي من المضاعفات.

فور الوصول إلى المستشفى، يجب الاستمرار في علاج “متلازمة الهرس” بالمحلول الملحي بكميات كافية، وتعديل مستويات الكهارل، مثل الكالسيوم والبوتاسيوم، وإعطاء مركبات البيكاربونات الوريدية لمعاكسة الحماض الاستقلابي والحفاظ على درجة حموضة البول 6.5 أو أكثر لمنع ترسب الميوغلوبين وحمض البول في الكلى، مع مراقبة الإدرار البولي (يجب ألا يقل عن 300 مل/ساعة).

في حال تطور القصور الكلوي، لا بد من تقدير حجم السوائل الوريدية اللازمة، وخضوع المريض عند الحاجة لجلسات غسل الكلى حتى حدوث الشفاء من القصور الكلوي.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية