عناصر “الدراسات” في درعا.. المال مقابل تبييض السجل الأمني 

  • 2023/02/26
  • 11:30 ص

حاجز أمني لقوات النظام في محافظة درعا (سبوتنيك)

درعا – حليم محمد

يبتز مسؤولو قسم “الدراسات الأمنية” أهالي درعا المطلوبين لإجبارهم على دفع إتاوات مالية مقابل إعداد دراسة أمنية خالية من الملاحقات، فيما يُستهدف عدد منهم في عمليات اغتيال تطالهم.

وساوم أحد مسؤولي قسم “الدراسات الأمنية” في مدينة إزرع شمال شرقي درعا، خالدًا (40 عامًا) على مبلغ ثلاثة ملايين ليرة سورية مقابل إزالة المطالب الأمنية بحق ولده وصهره، وفق ما قاله لعنب بلدي.

وبعد فترة من قبول خالد، رفض ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، دفع المبلغ، تبين له أن الشخصين المطلوب تبييض سجلهما، ما زالا مطلوبَين لدى أكثر من فرع أمني، مع إضافة تقارير أمنية جديدة بحقهما.

بالمقابل، رفض محمد (30 عامًا)، طلب عدم ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، دفع مبلغ لموظفي الدراسات الأمنية قائلًا، إن المساعد في قسم “الدراسات” تواصل معه هاتفيًا، وطلب مبلغ 500 ألف ليرة سورية (حوالي 70 دولارًا) لإزالة التقارير الصادرة بحقه.

وعن سبب رفضه دفع أي مبلغ قال محمد، إن المساعد لا يستطيع إزالة الطلبات الأمنية بحقه، وإن كل فرع أمني في سوريا “دولة مستقلة بحد ذاتها”، وفق وصفه، مقتنعًا بأن المساعد حاول استغلاله للحصول على المبلغ دون مقدرته على فعل أي شيء.

ويتبع قسم “الدراسات الأمنية” لفرع “الأمن العسكري”، وهو مسؤول عن إعداد دراسات أمنية للمطلوبين، وبناء على هذه الدراسة يقيّم الشخص أمنيًا، ويؤثر تقرير قسم “الدراسات” على الحياة المدنية للمواطن.

الدراسة الأمنية عائق أمام المعاملات المدنية

يحتاج من يسعى لوظيفة في الدوائر العامة، أو نقل ملكية عقار إلى اسمه في السجل العقاري بعد شرائه، أو ترخيص منشأة صناعية أو تجارية باسمه، إلى أن تكون الدراسة الأمنية خالية من أي تقرير ضده.

شخص آخر هو عبد الرحمن (50 عامًا)، عاقت الموافقة الأمنية نقل ملكية عقارية إلى اسمه، ما أجبره على دفع مبلغ 200 ألف ليرة، حتى استطاع نقل ملكية أرضه بعد ثلاث جلسات أمنية.

صف ضابط برتبة مساعد منشق عن قوات النظام قال لعنب بلدي، إن مسؤولي قسم “الدراسات” هم على صلة مباشرة بالسكان، ويستغلون المطلوبين عبر إيهامهم أنهم قادرون على شطب تقارير أمنية بحقهم.

وأضاف أن الدراسة الأمنية هي دراسة آنية بوقتها الراهن فقط، إذ يُطلب من هذا القسم إعداد الدراسة الحالية للشخص المطلوب، في حين يجري تكليف مسؤول أمني بمنطقة محددة، ومهمته أن يتابع أدق تفاصيل الحياة المدنية عبر شبكة من المخبرين.

وبحسب تقرير لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، صدر مطلع شباط الحالي، أصبحت الموافقات الأمنية خلال سنوات النزاع شرطًا لاستئجار شقة، وترخيص دكان، وبيع عقار، وتأسيس مشروع سياحي أو صناعي أو تجاري، واستخراج وكالات عامة أو خاصة، واستخراج وثيقة الشهادة الجامعية، والحصول على تراخيص إقامة نشاطات اجتماعية وثقافية ودينية، وغيرها الكثير.

وبيّن التقرير أن الاستثناءات الصادرة على المعاملات التي تحتاج إلى موافقة أمنية في سوريا، إما كانت “شكلية”، وإما تتعلق بما يدر النقد الأجنبي لخزينة الدولة من السوريين في الخارج.

قسم “الدراسات” هدف متكرر

رغم كثرة عمليات الاغتيال في درعا، كان مسؤولو قسم “الدراسات الأمنية” هدفًا متكررًا للمجهولين الذين ينفذون عمليات اغتيال، بسبب علاقتهم بالسكان ودورهم في إعداد الدراسات الأمنية، بحسب المساعد المنشق.

ونجا، في تشرين الأول من عام 2022، المساعد في قسم “الدراسات الأمنية” أحمد العويض من محاولة اغتيال أدت إلى إصابته بجروح.

وقتل مجهولون، في حزيران 2022، المساعد أول أحمد مخلوف، مسؤول قسم “الدراسات الأمنية” في بلدة الشجرة بريف درعا الغربي.

واغتال مجهولون، في كانون الثاني 2021، المساعد أول مرهج حسن، وهو من مرتبات “الأمن العسكري- قسم الدراسات”، قرب بلدة أم المياذن في ريف درعا الشرقي.

وفي أيلول 2020، قُتل المساعد أول رئيس قسم “الدراسات الأمنية” في مدينة نوى، علي إبراهيم، كما اغتال مجهولون، في تموز 2020، رئيس مفرزة سحم الجولان بريف درعا الغربي، المساعد شريف النزال، بعد إطلاق النار عليه بشكل مباشر، وأصيب مرافقه بجروح.

تسويات سابقة.. “حبر على ورق”

من المفترض، بحسب ما أوضحه المساعد المنشق لعنب بلدي، أن تمحو “التسوية الأمنية” جميع المطالب الأمنية بحق المعارضين، ولكن لم تُرفع أي من لوائح المطلوبين الأمنية بعد نحو خمس “تسويات” شكلية.

وبعد سيطرة قوات النظام بدعم روسي على محافظة درعا، في تموز 2018، أجرت قوات النظام “تسوية” شاملة لجميع المطلوبين، أجراها معظم السكان جنوبي سوريا، ولكن الفروع الأمنية استمرت في اعتقال المعارضين على الحواجز الأمنية وهم يحملون بطاقة “التسوية”، بحسب المساعد.

وأجرت قوات النظام “تسوية”، في كانون الأول عام 2020، تشابهت في بنودها مع “تسوية” 2018، التي سيطر بموجبها النظام على محافظة درعا.

وفي 1 من آذار 2020، وبعد حملة عسكرية شنتها قوات النظام على مدينة الصنمين شمالي درعا، بحجة وجود “إرهابيين” فيها، عُقدت “تسوية” جديدة للمقاتلين السابقين من أهالي المدينة.

وفي أيلول من عام 2020، افتتحت قوات النظام مركزي “تسوية”، الأول في مدينة بصرى بريف درعا الشرقي وشمل عناصر “اللواء الثامن”، والثاني في مدرسة “ميسلون” بمدينة درعا للمطلوبين و”الفارين” من الخدمة العسكرية.

ولكن أكبر “تسوية” كانت في تشرين الأول 2021، بعد حملة عسكرية على درعا البلد، فرضت من خلالها قوات النظام “تسوية” على جميع مناطق محافظة درعا باستثناء مدينة بصرى الشام معقل قوات “اللواء الثامن”.

وتسلّمت قوات النظام آلاف قطع السلاح مقابل ورقة “تسوية” لم تمنع عمليات الاعتقال في المحافظة.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع