على وقع الزلزال.. شبكات إنترنت مجانية شمال غربي سوريا

  • 2023/02/26
  • 12:55 م

عمال يجرون صيانة لشبكة إنترنت في مدينة إدلب شمالي سوريا- 23 شباط 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

عنب بلدي – إدلب

زاد انقطاع شبكات الإنترنت من توتر وقلق الأربعيني محمد عبيد الذي جال في شوارع مدينة إدلب بحثًا عن شبكة إنترنت بعد وقوع الزلزال في 6 من شباط الحالي، لمعرفة المناطق التي ضربها الزلزال والتأكد من سلامة أهله وأقاربه.

حال محمد مشابهة لحال عشرات آلاف الأشخاص الذين توجهوا إلى هواتفهم للاطمئنان على ذويهم وأقاربهم في الأماكن التي ضربها الزلزال، في وقت تعطل فيه التيار الكهربائي وشبكات الإنترنت بمعظم مناطق شمال غربي سوريا.

شبكات إنترنت عديدة توفر خدماتها في الشمال السوري، انقطع معظمها إثر الزلزال، ما وضع الأهالي في عزلة عن العالم لساعات، وفتح بعضها الاتصالات مجانًا.

وقال محمد لعنب بلدي، إنه خرج إلى الشارع مع عائلته مع اهتزاز الأبنية وحدوث الزلزال، وبعد الاطمئنان على أفراد العائلة أراد التواصل مع والده وإخوته المقيمين في تركيا.

كان الوقت فجرًا والمحال مغلقة، وحال انقطاع التيار الكهربائي دون استخدام شبكة الإنترنت المنزلية، لذلك شرع محمد بالبحث عن شبكات الإنترنت الفضائية التي تقدم دقائق مجانية للمتصلين في شوارع المدينة.

ورغم تمكنه من الاتصال بواحدة منها، فإن سرعة الإنترنت كانت بطيئة جدًا، بسبب الضغط على هذه الشبكات، وانقطاع الاتصالات لدى والده وإخوته في تركيا.

وأثر الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية على عمل شبكات الإنترنت والتيار الكهربائي، التي طالتها الأضرار حالها كحال المنشآت والبنية التحتية الأخرى.

وأسفر الزلزال عن تسجيل 2274 حالة وفاة و12400 إصابة شمال غربي سوريا، وسط ارتفاع لأعداد الوفيات في تركيا لأكثر من 43 ألف شخص.

شبكات الاتصال غائبة

بعض شبكات الاتصالات التركية تعمل في بعض مناطق الشمال السوري القريبة من الحدود التركية، أما المناطق البعيدة نسبيًا عن الحدود، فيعتمد الأهالي فيها على شبكات الإنترنت الفضائية والأرضية.

ويعتمد الأهالي في إدلب بشكل رئيس على شبكات الإنترنت الفضائية وشبكات “DSL” التي توفرها مقاسم الاتصالات، ويوجد فيها بعض خطوط الإنترنت التي تعمل بشريحة الجوال كشبكات “إيلوكس” و”سيريانا”، إلا أن هذه الشبكات مكلفة جدًا.

ويصل سعر الشريحة الواحدة إلى 15 دولارًا أمريكيًا (283 ليرة تركية) وثلاثة دولارات للتعبئة الشهرية، وتعتبر هذه المبالغ مرتفعة بالنسبة للوضع الاقتصادي والمعيشي لأهالي المنطقة.

مدير شبكة “الفتح” للاتصالات العاملة في إدلب، عبد الرحمن مصطفى، قال لعنب بلدي، إنه بدأ بتقييم الأضرار وإصلاح الشبكة بعد ساعات من حدوث الزلزال.

وأضاف أن انقطاع الكهرباء أدى إلى توقف الشبكة عن العمل، كما أن بعض كوابل الشبكة كانت متقطعة وأجهزة الاستقبال الفضائية اهتزت وبعضها سقط من مكانه، وهي بحاجة لإعادة توجيه لاستقبال الشبكة.

وذكر مصطفى أنه منذ وصول التيار الكهربائي لمدينة إدلب في 2015، تعتمد معظم الشبكات على الكهرباء عوضًا عن البطاريات وألواح الطاقة الشمسية.

واستنفر العاملون في الشبكة، وفق مصطفى، لتأمين مولدات كهرباء وبطاريات لتشغيل مخدمات ومزوّدات الشبكة وأجهزة البث، ثم بدؤوا بإعادة توجيه أجهزة الاستقبال وتبديل الكوابل المقطوعة، والتأكد من وصول شبكة الإنترنت للأهالي بشكل مجاني.

وتغطي شبكة “الفتح” أجزاء واسعة من مدينة إدلب وعدد من القرى المجاورة، مثل كفريا والفوعة وزردنا وكفر يحمول وكللي وعدد من المخيمات.

كابلات لشبكة إنترنت في مدينة إدلب شمالي سوريا- 23 شباط 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

أضرار طالت الشبكات

طالت شبكات الإنترنت أضرار وخسائر، حالها كحال العديد من المنشآت في القطاعات المختلفة، إذ أسفر الزلزال عن انهيار أكثر من 550 مبنى، وتضرر أكثر من 1570 مبنى بشكل جزئي، وتصدع آلاف المباني والمنازل في عموم مناطق شمال غربي سوريا.

وقدمت عشرات الشبكات العاملة في المنطقة خدمات الإنترنت بشكل مجاني للأهالي مع أيام الزلزال الأولى، وبعضها لا تزال مستمرة بعد مرور حوالي 20 يومًا، كشبكة “الفتح” وفق مديرها الذي ذكر أنها تقدم الإنترنت بشكل مجاني لحين استقرار الأوضاع.

مالك شبكة “نسيم نت” في إدلب، محمد يمان شاباش، قال لعنب بلدي، إن الأضرار التي طالت الشبكات لم تتوقف على اليوم الأول لوقوع الزلزال، إذ أثّرت الهزات الارتدادية عليها بشكل دائم، وأدت إلى سقوط صحون الاستقبال أو عدم توجهها بالاتجاه السليم.

كما أدت إلى انقطاع كوابل الشبكة في بعض الأبنية المتصدعة، ما يضطر أصحاب الشبكات لإجراء عمليات صيانة دورية وبشكل دائم بعد الهزات الارتدادية التي بلغ عددها الآلاف.

مدير شبكة “الفتح” أوضح أن العمل لم يتوقف، وتم إجراء مناوبات على مدار الساعة بشكل طوعي من العاملين لإصلاح الأعطال التي من الممكن أن تحدث حتى في ساعات متأخرة من الليل.

ولفت مصطفى إلى أن الشبكات تكبدت خسائر كبيرة بسبب الأضرار التي أصابتها بعد الزلزال، وما زاد من خسائرها، تأمين محروقات للمولدات والتنقلات الدائمة بين أجهزة الاستقبال والإرسال الموجودة على أبنية متفرقة في المدينة والقرى المجاورة، للتأكد من فعالية الشبكة بشكل دائم دون أي مردود.

مدير المؤسسة العامة للاتصالات في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، حسين المصري، قال في بيان، إن المؤسسة وجّهت أصحاب شبكات الإنترنت الفضائي لإتاحة الإنترنت بشكل مجاني لمدة سبعة أيام، تزامنًا مع وقوع الزلزال.

وذكر أن المؤسسة ستعوضهم لاحقًا، وأنها عملت على صيانة خطوط الإنترنت الأرضي، إضافة إلى تزويد مراكزها بأجهزة بث للإنترنت ليستفيد منها الأهالي في جميع المناطق.


شارك بإعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب أنس الخولي

 

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع