انتشرت خلال الأيام الماضية معلومات حاولت شرح علاقة مشروع “هارب” الأمريكي، بكون الزلزال الواقع في تركيا وسوريا مفتعلًا من قبل الولايات المتحدة، وحملت هذه المعلومات تفسيرات متنوعة لمحاولة إثبات الأمر.
وعقب أيام على وقوع الزلزال، صار اسم مشروع “هارب” مادة خصبة لصنّاع المحتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ انتشرت التسجيلات المصوّرة على “يوتيوب” ومنشورات عبر “فيس بوك“، للحديث عن دلائل تشير إلى كون هذا المشروع هو المسؤول عن وقوع الزلازل.
فهل من المنطقي أن يكون لهذا المشروع علاقة بنظريات المؤامرة الحديثة، وما هو مشروع “هارب” فعلًا؟
“هارب” ونظرية المؤامرة
نظرًا إلى السرية الكبيرة التي فُرضت على هذا المشروع عند إطلاقه، وعلاقته بالجيش الأمريكي منذ تأسيسه، تحوم حوله كثير من الشائعات والأقاويل التي تلصقه بأحداث كارثية حصلت أو قد تحصل، مثل إمكانية عكس قطبي الأرض والسيطرة على الطقس والمناخ.
كما شاع أنه يعتبر جزءًا من الأسلحة الإلكترونية السرية للجيش الأمريكي، وظهرت أقاويل بقدرته على التحكم بأدمغة البشر، وأنه السبب وراء الزلازل الكبيرة، منها زلزال تركيا وسوريا، الذي وقع في 6 من شباط الحالي.
أول الخيوط التي عززت نظرية المؤامرة كان حديث الرئيس الفنزويلي، هوغو شافيز، عن أن زلزال هايتي عام 2010، “نتج عن اختبار سلاح تكتوني أمريكي”، متهمًا مشروع “هارب” بالوقوف خلف الزلزال.
وبعد الرئيس الفنزويلي، خرج الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، لاتهام المشروع نفسه بخلق “موجات إلكترومغناطيسية”، تسببت في طوفان ضرب باكستان عام 2022.
ويستخدم أصحاب هذه النظرية “البرق الزلزالي” (الضوء الأزرق المرافق للزلازل) كدليل على أن “موجات” ضربت المنطقة، بالتالي فإن الزلزال أو الكارثة الطبيعية “مفتعلة”.
اقرأ أيضًا: ما التفسير العلمي للضوء الأزرق المرافق للزلازل
ما مشروع “هارب”؟
يعتبر اسم “هارب” اختصارًا لـ”برنامج الشفق القطبي النشط عالي التردد” (HAARP)، أُسس سريًّا في المنشآت العسكرية في جاكونا بولاية ألاسكا الأمريكية، عن طريق شركة “BEAT” للتقنيات المتقدمة لأغراض الاتصالات اللاسلكية والمراقبة بتحليل الغلاف الأيوني (الأيونوسفير)، والبحث في إمكانية تطوير وتعزيز تكنولوجيا المجال الأيوني.
وتعود الفكرة الأولية للمشروع إلى الفيزيائي الأمريكي من أصل كرواتي نيكولاس تسلا، الذي وضع عام 1891 الأسس الأولى للنظرية العلمية التي بُني عليها المشروع.
وبعد نحو قرن، انطلق العمل فيه بشكل رسمي عام 1993 وانتهى عام 2007، وبُني في موقع عسكري أمريكي، كما مُوّل من قبل القوات الجوية والبحرية التابعتين للجيش الأمريكي، إلى جانب جامعة “ألاسكا” و”داربا”.
ويعرّف المشروع عن نفسه، بحسب ما ورد عبر موقعه الرسمي، أنه مسعى علمي يهدف إلى دراسة خصائص وسلوك “الأيونوسفير”.
وفي عام 2015، نُقل موقع البرنامج من قاعدة سلاح الجو الأمريكي إلى جامعة “ألاسكا فيربانكس”، وتُعرف اليوم باسم “المنطقة 49″، ما سمح بالاستمرار في استكشاف ظواهر الغلاف الأيوني عبر اتفاقية تعاونية للبحث والتطوير في استخدام الأراضي، بحسب البرنامج.
ويعرض البرنامج اهتمامه أيضًا بمشاركة الباحثين المهتمين بنشر أجهزة التشخيص، بما في ذلك مستقبلات الراديو والرادار والليدار، وأجهزة التصوير البصري ومقاييس الطيف ومقاييس التداخل على الاتصال.
كما ينشر البرنامج بشكل دوري تقارير عن نشاطه، تتضمن صورًا من داخل مقر عمله في ولاية ألاسكا الأمريكية.
“هارب” لا يملك القدرة
مع توسع رقعة الحديث بشأن مسؤولية “هارب” عن الزلزال في تركيا وسوريا، نشرت وكالة “رويترز” للأنباء تقريرًا نقلًا عن خبراء، قالوا فيه إن الزلزال في تركيا لم يكن بسبب برنامج عسكري أمريكي سابق يسمى “هارب”، ولا يمتلك البرنامج إمكانيات تعديل الطقس التي تسبب الزلازل.
المعلومات نفسها سبق وأوضحها القائمون على البرنامج عبر موقعهم الرسمي أيضًا، ضمن قسم الأسئلة الشائعة، بأن “هارب” لا يملك القدرة على التحكم بالطقس.
كما أن موقع البرنامج مفتوح للزيارة خلال مواعيد محددة عبر الموقع الرسمي للبرنامج أيضًا.
–