ما قصة خطف الطفلة آية التي ولدت تحت الأنقاض في جنديرس

  • 2023/02/21
  • 11:06 ص
الطفلة آية داخل مستشفى "جيهان الجراحي" بعفرين والتي وُلدت تحت الأنقاض في بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي- شباط 2023 (متداول)

الطفلة آية داخل مستشفى "جيهان الجراحي" بعفرين والتي وُلدت تحت الأنقاض في بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي- شباط 2023 (متداول)

استقرت قضية الرضيعة آية الناجية الوحيدة من عائلتها، التي وُلدت تحت الأنقاض بريف حلب الشمالي، بتسليمها لأقاربها، بعد محاولات لاختطافها ودعوات عديدة لتبنيها.

وُلدت الطفلة تحت أنقاض منزل عائلتها في بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي، ولقيت قصتها اهتمامًا على الصعيد المحلي والدولي، منذ حدوث الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية، في 6 من شباط الحالي.

تحت الركام

بعد مرور عشر ساعات على الزلزال، أنقذ متطوع في “الدفاع المدني السوري” الطفلة، المتصلة بالحبل السري مع والدتها المتوفاة، لتكون الناجية الوحيدة من عائلتها المكوّنة من والديها وأربعة إخوة.

نُقلت الطفلة إلى مستشفى “جيهان الجراحي” في مدينة عفرين شمالي حلب، وتلقت العلاج حتى تسليمها، في 19 من شباط الحالي، لعمتها حلا وزوجها خليل السوادي، وأسمياها عفراء، على اسم والدتها المتوفاة، وذلك بعد التحقق من أقاربها، عبر فحص الحمض النووي (DNA).

مصدر من مستشفى “جيهان” (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية) قال لعنب بلدي، إن حالة الطفلة الصحية جيدة ووضعها مستقر، ولم تعد بحاجة لتلقي أي أدوية، وجرى تسليمها لعمتها.

رجل يحمل الطفلة آية التي وُلدت تحت الأنقاض في بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي- شباط 2023 (متداول/ مستشفى “جيهان الجراحي”)

خلاف أم اختطاف

في 13 من شباط الحالي، اقتحم مسلحون مستشفى “جيهان”، واعتدوا على مدير المستشفى، وسط حديث عن محاولة اختطاف الطفلة آية، مع نشر غرف “تلجرام” (واسع الانتشار في المنطقة) صورًا للمدير وعلى وجهه كدمات وأثار ضرب واعتداء.

وتداولت الأنباء أن عناصر يتبعون لفصيل “السلطان مراد” في “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، اقتحموا المستشفى بالتنسيق مع عناصر يحرسونه لاختطاف الطفلة.

تواصلت عنب بلدي مع مدير المستشفى، الطبيب خالد عطية، الذي اكتفى بتأكيد أن صحته جيدة وصحة الطفلة أيضًا دون أي توضيح آخر.

المصدر من المستشفى الذي تواصلت معه عنب بلدي، نفى وجود أي محاولات لخطف الطفلة بشكل مباشر، مشيرًا إلى وجود شكوك واتهامات داخلية في المستشفى بمحاولة خطفها، تدخلت إثرها أطراف خارجية (مسلحون).

وعن تدخل عناصر يتبعون لفصيل “السلطان مراد”، قال المصدر، إن وجودهم كان بمنزلة دعم لأحد طرفي الخلاف، ثم تحولت القضية للقضاء، الذي طلب نتيجة تحليل وفحص الحمض النووي، وتسليم آية لأقاربها.

وذكر المصدر أنه كان من المقرر في حالة عدم تطابق التحليل مع أقاربها، أن يتم تحويل آية إلى أنقرة عن طريق منظمة دولية أو عن طريق الوالي التركي، بحسب تعبيره.

الطفلة آية داخل مستشفى “جيهان الجراحي” بعفرين والتي وُلدت تحت الأنقاض في بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي- شباط 2023 (مستشفى “جيهان الجراحي”/ فيس بوك)

تهديدات وعروض

تواصلت جهات عديدة مع المستشفى وعرضت تبني الطفلة، منها فنانات وأصحاب رؤوس أموال، وكانت معظم الجهات من خارج سوريا، سواء من الإمارات أو الدنمارك وأغلبيتها من ألمانيا، وفق المصدر.

ووصلت تهديدات عديدة للمستشفى عبر أكثر من 40 رقمًا من الداخل السوري، كما تضمنت بعض أرقام التواصل أرقامًا مميزة ومتطابقة، بحسب المصدر، الذي قال إن بعضها يتبع لجهاز المخابرات في النظام السوري.

وقال إن الاتصالات حملت تهديدات عديدة للحصول على الطفلة، مع تقديم عرض لأحد الأشخاص العاملين في المستشفى بدفع مبلغ نصف مليون دولار مقابل الحصول عليها.

كما عرض أكثر من 30 مواطنًا سويديًا تبني الطفلة السورية “المعجزة”، وتحدثوا لوسائل إعلام سويدية عن رغبتهم في ذلك.

رعاية مطلوبة.. التبني ليس مناسبًا

ضرب زلزال جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية، في 6 من شياط الحالي، وأسفر عن 2274 حالة وفاة وأكثر من 12 ألف مصاب شمال غربي سوريا، مع إنقاذ عشرات الحالات من تحت الأنقاض بينها أطفال دون عائلاتهم.

وكانت النسبة الكبرى في حصيلة ضحايا الزلزال شمال غربي سوريا من النساء والأطفال، وفق “الدفاع المدني”، دون توفر إحصائية دقيقة.

مدير المكتب الإعلامي في “مديرية صحة إدلب”، عماد زهران، أوضح لعنب بلدي أن كثيرًا من الأطفال فقدوا أهاليهم، وأن عديدًا من العائلات نجا منها طفل أو طفلان من تحت الأنقاض، وتتولى الجمعيات والمنظمات الإنسانية أمرهم ورعايتهم لا المديرية.

في 9 من شباط الحالي، قال “فريق ملهم التطوعي” العامل في الشمال السوري، إنه وصل إلى طفل ناجٍ فقد عائلته، عقب شكوك بإخراجه من أحد المستشفيات بطريقة “غير قانونية” بعد بحث بين المستشفيات.

وذكر مدير “الفريق”، عاطف نعنوع، أن التسجيل المصوّر الذي نشره للطفل وهو على أحد الأسرّة داخل مستشفى “عفرين”، لاقى تفاعلًا من قبل عشرات الأشخاص الذين عرضوا رعاية الطفل وتبنّيه.

كما لاقى التسجيل تفاعلًا من بعض العائلات التركية التي اعتقدت أنه طفلها، خصوصًا مع وجود شعار “الصحة التركية” على السرير الذي جلس عليه الطفل، لكن بعد ثلاثة أيام من البحث، تم العثور على والد الطفل وتسليمه إياه، بعد أن فقد والدته وأخته.

في 15 من شباط الحالي، حذّرت منظمة “أنقذوا الأطفال” الدولية من أن التبني ليس استجابة مناسبة للأطفال الناجين من الزلزال غير المصحوبين بذويهم، حتى تستنفد السلطات المحلية والوكالات الإنسانية جميع الجهود لتعقب وجمع شملهم مع أسرهم وأقاربهم.

وبحسب بيان المنظمة، أدت الصور المنتشرة لأطفال يجري انتشالهم من تحت الأنقاض في سوريا وتركيا إلى تدفق عروض من العائلات في جميع أنحاء العالم لتبني من فقد منهم أسرته.

وتعمل العائلات المتضررة وشبكات وسائل التواصل المحلية، والمنظمات الإنسانية والسلطات على الأرض، للمّ شمل الأطفال بعائلاتهم أو ذويهم، لكن الاستقبال الضعيف لشبكات الاتصال الخلوية، وخطوط الكهرباء المنهارة، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، تجعل من الصعب لمّ شمل العائلات في أثناء الأزمة.

وقالت مديرة حماية الطفل العالمية، ريبيكا سميث، “من الطبيعي أن ترى هذه الصور المؤلمة وتريد المساعدة بأي طريقة ممكنة، ولكن لا ينبغي أبدًا متابعة التبني في أثناء أو بعد حالة الطوارئ مثل الزلازل الأخيرة في سوريا وتركيا، على الرغم من أن عروض تبني الأطفال الذين يبدون غير مصحوبين أو منفصلين أو ربما فقدوا أفراد الأسرة المباشرين قد تكون حسنة النية. هذا ليس هو الحل الفوري المناسب حاليًا”.

واستقبلت العديد من العائلات في سوريا وتركيا أطفالًا غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم من أبناء الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء، لذا وبحسب المنظمة، فإن دعم هذه العائلات ماديًا وإغاثيًا، يوفر “حاجزًا وقائيًا” للمساعدة في التخفيف من آثار الزلازل.

اقرأ أيضًا: أطفال يتّمهم الزلزال شمالي سوريا.. من يرعاهم وكيف؟

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع