عروة قنواتي
أليس هذا صحيحًا؟ هل ما زالت السجلات واللوائح بحاجة إلى أدلة وبراهين على أن الهولندي تين هاغ غيّر مسار وطريق وأسلوب صراع اليونايتد مع خصومه؟
بالتأكيد أيضًا أن أي مدرب دخل عصر مان يونايتد بعد نهاية عهد الأسطورة السير أليكس فيرغسون، سيكون من الصعب عليه مجاراته بأرقام البطولات والإنجازات والقيمة الحقيقية لرعب اليونايتد في أوروبا والعالم، فإذا كان العمل الجاد من بعد فيرغسون سيأتي بلقب الدوري الأوروبي أو كأس الاتحاد الإنجليزي أو كأس الرابطة أو الدرع الخيرية، فإن عملًا شاقًا ومتعبًا ينتظر أي مدير فني جديد، بعد رحيل أليكس فيرغسون، لحيازة بطولة البريميرليغ أو للوصول إلى المباراة النهائية في الشامبيونزليغ واعتلاء منصة الذهب مجددًا، لذلك نترك المقارنة بين المدربين وبين عهد السير فيرغسون، حتى يكون الوضع ملائمًا للمقارنة وللتمييز أيضًا.
منذ عشر سنوات كانت المرة الأخيرة التي يقفز فيها مان يونايتد باتجاه لقب البريميرليغ، وحينها حسم الموسم قبل أسبوعين من نهايته، وكانت آخر أيام فيرغسون في النادي، بعدها توالى مسلسل المدربين والأساتذة من دون أي نتيجة في البريميرليغ ومن دون أي لقب أوروبي في الشامبيونزليغ، واكتفى الفريق ببطولة الدوري الأوروبي مرة في عهد مورينيو والدرع الخيرية مرتين في عهد مورينيو وديفيد مويس، وكأس الاتحاد في عهد لويس فان خال، وكأس الرابطة في عهد مورينيو… وماذا بعد؟ ماذا عن شخصية الفريق الأول تحت إدارة من ذكرنا ألقابهم ورحلوا، ومن أتى بينهم كرايان غيغز، وسولشاير، ورانجنيك… هل كان الفريق بهيبته وحضوره وسمعة ملعبه المعتادة: لا. كانت القطع التي تشكّل صورة مان يونايتد في المحافل الدولية أقرب إلى الاهتراء.
تين هاغ مدرب أياكس أمستردام الهولندي سابقًا، وتلميذ الراحل يوهان كرويف، دخل في طريق الشياطين الحمر هذا الموسم وعانى في البداية من مسألة تأقلمه مع الدون البرتغالي كريستيانو رونالدو، وتأقلم الدون معه، فحدثت مشادات كلامية وتصريحات وتعبيرات لم تكن في وقتها، ولكنها كانت الخيط الذي يجب أن يُقطع، حتى يذهب الدون إلى من يحترمه ويقدر مجهوده ويبقى تين هاغ يخيط جراح مان يونايتد كما يشاء.
معظم الهولنديين في عالم كرة القدم فلاسفة، وفلسفة تين هاغ الخاصة مرت وما زالت تمر ببعض العوائق، بسببه أو بسبب الظروف أو بقوة الخصوم، وهذه حال كرة القدم كما نعرفها وكما تظهر لنا في أيامنا هذه.
لكن المدرب، ويُحسب ذلك له طبعًا، استطاع ضمن ظروف التوقف من أجل مونديال 2022 إعادة بناء هيكلية الفريق، وتحديد على من سيعتمد في المنافسات المحلية والأوروبية، وسط صراع محلي في البريميرليغ بين آرسنال والسيتي، وعليه أن يتجاوز برشلونة في الدوري الأوروبي ليكمل مسيرة البطولة الثانية في القارة العجوز من الدور ثمن النهائي.
في نهاية الشهر الحالي سيقابل تين هاغ ومن معه نيوكاسل يونايتد في نهائي كأس الرابطة على ملعب “ويمبلي”، وفي كأس الاتحاد وصل إلى الدور الخامس ليقابل وست هام يونايتد في 1 من آذار المقبل، وعلى سلّم ترتيب البريميرليغ قفز ليكون في المركز الثالث خلف السيتي وآرسنال بفارق ثلاث نقاط، منافسًا على الصدارة أيضًا ببقاء 15 جولة على نهاية الموسم، وهذا رقم جولات معقول لزيادة جرعة المنافسة وزيادة فرص التألق إن أراد تين هاغ ذلك.
بعد سيطرته على غرفة الملابس بشكل جيد، ورحيل الدون البرتغالي عن الفريق، ونجاح الانتدابات التي سعى إليها المدرب، يبدو أن سطرًا مخالفًا لكتاب السنوات التسع الماضية يُكتب بخط جديد وبأسلوب أقرب إلى المنطق وواقعية المنافسة بكل بطولة.
لا تستعجلوا الحكم طبعًا، فالمسابقات الإنجليزية لطالما كانت صعبة، ولطالما رفعت شعارات أندية وأطاحت بأندية من أصحاب المجد والرفعة والإنجازات.