نشر “مرصد الأرض” (earthobservatory) التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، صورًا التُقطت عبر الأقمار الصناعية، تُظهر حجم الدمار الهائل الذي خلّفه الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 من شباط الحالي.
وأظهرت الصور الأضرار التي لحقت بمدن كهرمان مرعش، وتوركوغلو، ونورداغ التركية، حيث اعتبر عالم الجيوفيزياء في مختبر الدفع النفاث التابع لـ”ناسا”، إريك فيلدنغ، الزلزال “ضخمًا وقويًا جدًا، لدرجة أنه أحدث صدوعًا طويلة، وألحق أضرارًا مماثلة لزلزال عام 1906 الذي دمّر سان فرانسيسكو.
وتضمّنت الصور “وحدات بكسل” بثلاثة ألوان، حيث يشير اللون الأحمر الداكن إلى المناطق التي غالبًا قد تعرضت مبانيها والبنية التحتية والأماكن الطبيعية فيها (جبال، وديان، غابات) لأضرار جسيمة.
بينما يرمز اللونان البرتقالي والأصفر للمناطق المتضررة بشكل متوسط أو جزئي، وأوضح المرصد أن كل “بكسل” يمثّل حوالي 30 مترًا مربعًا من مساحة الأرض.
واستُمدت الصور الجوية من البيانات المأخوذة في 8 من شباط الحالي، أي بعد يومين من الزلزال، والتي قورنت ببيانات جُمعت في 7 من نيسان 2021، و6 من نيسان 2022.
تقنية قياس التداخل
تمسح أقمار صناعية تابعة للاتحاد الأوروبي أيضًا بشكل دوري المناطق المعرضة للزلازل من العالم، من على ارتفاع 700 كيلومتر، متتبعة التغيرات الطفيفة في الارتفاع على سطح الأرض، عبر أداة رادار قادرة على استشعار الأرض في جميع الأحوال الجوية، ليلًا ونهارًا.
وقال الباحثون، إن التغيرات التي حدثت جرّاء الزلزال، أظهرت أن الأرض تقوست وتمزقت في بعض الأماكن، ويستخدم الباحثون تقنية قياس التداخل لمقارنة الشكل “قبل” و”بعد”.
وأدى كل من الزلزال الأول بدرجة 7.7، والآخر بدرجة 7.6، إلى حركة جانبية أرضية باتجاه اليسار، وحدوث صدع خطير مرت خطوطه عبر المناطق المأهولة بالسكان والمباني.
وتساعد الخرائط المستخرجة عبر الأقمار الصناعية العلماء على فهم ما حدث، وإنتاج نماذج تحاكي كيفية عمل الزلازل في المنطقة، وتقييمات ستستخدمها السلطات التركية في أثناء تخطيطها للتعافي.
وقال مدير المركز البريطاني لرصد ونمذجة الزلازل والبراكين، تيم رايت، لوكالة “BBC” البريطانية، “تركّز وسائل الإعلام دائمًا في تغطية الزلازل على مراكزها، كما لو كان مصدرًا واحدًا مثل القنبلة، لكن في الواقع، كل الزلازل ناتجة عن الانزلاق في صدوع ممتدة، وكلما كان الزلزال أكبر كان الصدع الذي تمزق أكبر”.
في حقبة ما قبل الأقمار الصناعية، كان الجيولوجيون يرسمون صدوع الزلازل عن طريق المشي على خطوط التمزق، حيث كانت عملية متعبة تفتقد للتفاصيل، إلى أن طُور قياس التداخل بالرادار من الفضاء في تسعينيات القرن الماضي.
وعن مستقبل هذه التقنية قال رايت، “بحلول نهاية العقد، يجب أن نكون قادرين على إجراء هذا النوع من التحليل في غضون يوم واحد من معظم الزلازل المدمرة، وبعد ذلك سنكون مفيدين بدرجة أكبر لجهود الإغاثة”.
وأضاف، “في ظل الوضع الحالي، نحن بالطبع خارج فرصة الـ72 ساعة اللازمة للبحث والإنقاذ”.