الزلزال ينشّط أذرع إيران في سوريا بمباركة الأسد

  • 2023/02/19
  • 10:17 ص

قائد فيلق “القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني العميد إسماعيل قاآني يتجول في مدينة حلب- 8 شباط 2023 (وكالة مهر)

عنب بلدي – حسام المحمود

بدا بوضوح خلال الأيام التي أعقبت وقوع الزلزال، تصاعد نشاط إيران عبر أذرعها العسكرية، التي حضرت بقوة، بالتعامل مع الآثار المدمرة التي أحدثها الزلزال في سوريا.

هذا الحضور عبّر عن نفسه على أكثر من مستوى، قبل زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المتأخرة للمناطق المتضررة في محافظتي حلب واللاذقية، خامس وسادس أيام الزلزال.

قاآني يتجوّل

أجرى قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، إسماعيل قاآني، جولة في حلب، تفقد فيها أحوال المتضررين، وأشرف على عمل المنقذين الإيرانيين في مواقع إزالة الأنقاض، وفق ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية، في 8 من شباط الحالي.

وهو أول مسؤول أجنبي يصل إلى سوريا بعد الزلزال، وسبق ظهوره في حلب وصول رئيس النظام إليها بيومين.

وخلال تسجيل مصوّر نقلته الوكالة للزيارة، ظهر قاآني متجولًا بين الناس بما يشبه مسؤولًا حكوميًا يجري جولة في بلده.

وفي 10 من شباط الحالي، وبالتزامن مع زيارة الأسد إلى حلب (أولى زياراته للمناطق المتضررة)، وقبل زيارته إلى اللاذقية بيوم فقط، زار قاآني محافظة اللاذقية، وتفقّد المناطق المتضررة جراء الزلزال، مؤكدًا الجهوزية الإيرانية لتقديم كل أنواع المساعدة، كما تفقّد جهود الإغاثة الإيرانية في المدينة.

ولم تغطِّ وسائل الإعلام السورية الرسمية تلك الزيارات، في حين نقلها الإعلام الإيراني.

ومنذ الساعات الأولى لمقتل القائد السابق لـ”فيلق القدس”، قاسم سليماني، بعملية أمريكية استهدفته في العاصمة العراقية، بغداد، عيّن “المرشد الأعلى للثورة الإيرانية”، علي خامنئي، قاآني قائدًا لـ”الفيلق”، خلفًا لسليماني.

ويعتبر قاآني، المولود في ولاية خراسان عام 1958، “ظل سليماني المتشدد” كما تصفه تقارير صحفية، وشغل منصب نائب قائد “فيلق القدس” لنحو عقدين من الزمن، متدرجًا في الرتب منذ حضوره في صفوف قادة “الحرس الثوري” خلال الحرب العراقية- الإيرانية.

ويتبنى قاآني فكرة تدخل إيران وتمددها في المنطقة، وتحديدًا في سوريا والعراق، كما تكثّف طهران حضورها في حلب عبر “لواء الباقر” الإيراني، الموجود هناك إلى جانب قوات النظام السوري.

“أبو فدك” في حلب

تتولى ميليشيا “الحشد الشعبي العراقي”، المقرب من إيران، إدارة دفة العملية الإغاثية في حلب، بعد الزلزال المدمر.

وخلال زيارة الأسد إلى حلب، التقى رئيس أركان “الحشد الشعبي العراقي”، عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك)، وتبادلا حديثًا قصيرًا أبدى خلاله الأسد إعجابه بالموقف العراقي من كارثة الزلزال، قائلًا، “أنتم قدمتم دماء، فليس غريبًا أن تقدموا عرقًا”.

ورد المحمداوي، “الله يحفظكم سيدي الرئيس، إن شاء الله عرين الأسد يبقى سالمًا والأسد عمره طويل”.

وإلى جانب جولاته وإشرافه المباشر على الاستجابة الإغاثية بحضور سوري لا يتعدى المرافقة في حلب، زار المحمداوي مدينة اللاذقية، في 13 من شباط الحالي، والتقى محافظها، عامر هلال، لبحث جهود الإغاثة للمتضررين من الزلزال.

كما نقل المكتب الإعلامي للمحافظة عبر “فيس بوك“، عن المتحدث الإعلامي لبعثة الإغاثة العراقية (يرأسها المحمداوي)، أن المساعدات تشمل على المستوى الطارئ فتح مركز إغاثي دائم في المحافظة لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية، والتعاون في المجال الهندسي والخدمي لفتح الطرق المغلقة.

“تدمع العين”

وفي الوقت الذي تغيب فيه تحركات “الحشد الشعبي” عن وسائل الإعلام السورية الرسمية، تغطي وسائل الإعلام الإيرانية أنشطة “الحشد الشعبي” في سوريا، التي وصفتها وكالة “تسنيم” بأنها “مشاهد تدمع العين وتفرح القلب”.

كما وصفت وكالة “مهر” للأنباء، في 11 من شباط الحالي، قافلة مساعدات عراقية مقدّمة إلى مدينة حلب، بأنها “الأكبر التي تصل برًا إلى حلب”، قائلة إن المواطنين استقبلوها بـ”الترحاب”.

إلى جانب ذلك، تداول ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أيام، تسجيلًا مصوّرًا لرئيس أركان “الحشد الشعبي” متحدثًا لضابط في قوات النظام السوري، يطلب منه توفير امرأة من متضررات الزلزال لإقامة علاقة معها.

وفي التسجيل قال المحمداوي، “أي وحدة متأخرة، فايتها القطار، أعطينا ياها، تمشي عندنا”، في إشارة إلى المرأة المتأخرة في الزواج.

ويعتبر “أبو فدك” أحد المقربين من قاسم سليماني، كما يتهمه عراقيون بـ”العمالة لأمريكا” خلال غزوها للعراق في 2003، والتسبب بمقتل عشرات العراقيين في مدينة كربلاء، خلال ثورة تشرين عام 2019، تحت وسم “أبو فدك قاتل ثوار عاشوراء” عبر “تويتر”.

وفي 15 من شباط الحالي، كرّم النظام السوري، عبر وزير الإدارة المحلية، حسين مخلوف، “أبو فدك”، “لدوره الكبير بدعم الشعب السوري في مواجهة آثار الزلزال الذي ضرب البلاد”.

“حزب الله” على الخط

في 13 من شباط الحالي، وصلت إلى مدينة اللاذقية قافلة مساعدات قادمة من جنوبي لبنان تحت شعار “رحماء”.

القافلة التي قدّمها “حزب الله” اللبناني، انطلقت من لبنان في 12 من شباط لتصل في اليوم التالي، مرفوعًا عليها علم “الحزب”، وترافقها تغطية إعلامية لقناة “المنار” التابعة لـ”الحزب”.

وضمت القافلة 22 شاحنة من المواد الإغاثية والمساعدات الإنسانية للمتضررين، وهي الأولى من نوعها، ومن المقرر أن تليها قوافل أخرى إلى حلب ومناطق سورية أخرى.

وقال رئيس المجلس التنفيذي لـ”حزب الله”، هاشم صفي الدين، الذي كان حاضرًا عند انطلاق القافلة، إن “من الطبيعي أن نكون في لبنان، وفي المقاومة الإسلامية تحديدًا، إلى جانب الشعب السوري في مأساته، ومحنته”، وفق “المنار“.

ومنذ بداية الثورة في سوريا، يساند “حزب الله” النظام السوري عسكريًا على الأرض، ويقدم له مختلف أنواع الدعم، كما شارك عناصر “الحزب” في معارك مفصلية على خارطة الثورة في محافظات عدة، منها حمص وحلب ومناطق من دمشق.

ما الغاية؟

الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، أوضح أن النشاط الإيراني في سوريا يندرج ضمن مسارين، سياسي وعسكري.

ومن الناحية السياسية، يسعى هذا النشاط لإيصال صورة للمجتمع الدولي بأن هذه الكيانات “الأذرع الولائية المتعددة الجنسيات”، تقوم على خدمة الشعب السوري، وتحديدًا “الحشد الشعبي العراقي”، و”حزب الله” اللبناني، وهي كيانات عسكرية استخدمت في حادثة الزلزال لأغراض سياسية.

كما أن وجود إسماعيل قاآني في حلب، برأي النعيمي، تمهيد لزيارة بشار الأسد، وتأكيد على غياب الدولة السورية بالمطلق، فبعد دخول قاآني وتأكيد سلامة المشهد من التحذيرات الأمنية والتكاتف في تأمين الحماية للنظام، جرت الزيارة وفق وجهة نظرهم، وهذا يفسر زيارتي قاآني للمحافظتين اللتين زارهما الأسد تحديدًا (حلب واللاذقية).

واعتبر الباحث النعيمي أن زيارة قاآني تطمينية لحاضنة “الأذرع الولائية العاملة في الجغرافيا السورية”، بأنه يصل إلى الميدان وقادر على تغيير المشهد وتعديل القضايا، وملمّ بما يحصل في سوريا، وقادر على الدفاع عن النظام السوري، رغم أن النظام نفسه غائب، لكنّ هناك تكاتف أدوار واضحًا تنسجم معه مساعي استغلال “اقتصاد إدارة الكوارث”، رغم أن الأضرار التي سببها النظام للمناطق المنكوبة تفوق تأثيرات الزلزال.

وعلى المستوى العسكري، فقد تكون طائرات الشحن التي تحط في حلب ودمشق محمّلة بتكنولوجيا الصواريخ ذات الدقة العالية، والمسيّرات، رغم عدم قصفها من قبل إسرائيل، لكن هذا لا يعني غيابها عن الأنظار الإسرائيلية، ولا سيما كونها محمّلة على متن طائرات تابعة لشركات “ماهان” و”شام” الخاضعتين للعقوبات، وهذا مسار عسكري كبير يمكن استغلاله تحت غطاء المساعدات، بحسب مصطفى النعيمي.

وفي الساعات الأولى من يوم 6 من شباط الحالي، ضرب زلزال مدمر ولاية كهرمان مرعش، جنوبي تركيًا، مؤثرًا على 11 ولاية تركية، ومناطق من شمال غربي سوريا، ضمن سيطرة المعارضة، ومحافظات حماة وحلب واللاذقية حيث يسيطر النظام السوري.

ومنذ اليوم الأول، اتجه النظام لاستغلال الكارثة سياسيًا، عبر المطالبة برفع العقوبات الأمريكية، بذريعة الحاجة إلى معدات تسهم في إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، إلى جانب عرقلته على مدار الأيام الأربعة الأولى دخول المساعدات إلى شمال غربي البلاد، والتركيز الإعلامي على الاتصالات وبرقيات العزاء التي تلقاها من رؤساء ومسؤولي بعض الدول، على حساب ضحايا الزلزال أنفسهم.

وأدى الزلزال إلى وفاة 1414 شخصًا في مناطق سيطرة النظام، و2274 شخصًا في مناطق شمال غربي سوريا، إلى جانب أكثر من 1600 جثمان (حتى إعداد المادة)، دخلت من تركيا لتُدفن شمال غربي سوريا، عبر معابر “باب الهوى”، و”باب السلامة”، و”الراعي”.

مقالات متعلقة

  1. غارات إسرائيلية تخرج مطار "حلب" عن الخدمة
  2. ثلاثة زلازل ضربت تركيا خلال ستة أشهر
  3. مقتل خمسة أشخاص في زلزال بقوة 6.1 جنوبي إيران
  4. تقديرات سورية- إسرائيلية لتوقيت تفعيل مطار "حلب" وأسباب قصفه

سوريا

المزيد من سوريا