الزلزال يشرد آلاف العائلات.. 30 لجنة تقيّم أضرار المنازل بإدلب
عنب بلدي – أنس الخولي
“كانت ليلة باردة جدًا غزيرة المطر، لم أدرِ كيف استطعت إخراج أسرتي من المنزل لحظة وقوع الزلزال فجر 6 من شباط، لنركض إلى السيارة ونجلس فيها حتى الصباح”.
هكذا نجا محمود الفيصل من سكان مدينة الدانا بريف إدلب شمالي سوريا، مع عائلته المكوّنة من سبعة أشخاص، من آثار الزلزال المدمر الذي أودى بحياة عشرات الآلاف في سوريا وتركيا، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
قضى محمود وعائلته ساعات الزلزال الأولى في سيارتهم، ومع ساعات الصباح الأولى عاد الرجل إلى منزله ليطمئن على وضعه، ليجد أن جدرانه تصدعت بشكل شديد، وأصبح آيلًا للسقوط.
بحسب محمود الفيصل، فإن معظم الأبنية السكنية القريبة من منزله في مدينة الدانا متصدعة وآيلة للسقوط جراء الزلزال.
منذ حدوث الزلزال، لم يعد الرجل إلى منزله، كالعديد من جيرانه، والمقيمين في أغلب المناطق المتضررة من الزلزال في شمال غربي سوريا، تجنبًا لخطر العودة، مع تكرار الهزات الارتدادية خلال الأيام الأولى من الزلزال، التي تسببت في انهيار المباني المتصدعة.
عبد الله سمان (41 عامًا)، مهجر من درعا، باع جميع أملاكه في الجنوب السوري ليشتري منزلًا في سرمدا يؤوي فيه أسرته، بحسب ما قاله لعنب بلدي، إلا أن الزلزال تسبب بانهيار جانب من البناء الذي يضم منزله حيث يقيم، بينما تصدع الجانب الآخر، ما دفع سكان البناء للنزوح باتجاه مخيمات الإيواء.
تنوعت الأضرار التي أحدثها الزلزال في شمال غربي سوريا بين انهيار تام لمبانٍ وانهيار جزئي وتصدع في الجدران والأساسات التي تقوم عليها كثير من الأبنية، إلا أن تلك المباني جميعها لم تعد صالحة للسكن، بحسب ما أوضحه أصحابها.
ويعيش أصحاب هذه المباني والشقق اليوم في مراكز الإيواء المخصصة للمتضررين من الزلزال بمحافظة إدلب، دون أي حلول في الأفق تشير إلى عودتهم قريبًا إلى المنزل.
عشرات مراكز الإيواء
شرد الزلزال المدمر آلاف العائلات السورية في الشمال السوري، ما دفع الكثير منهم للنزوح باتجاه المخيمات ومراكز الإيواء، بينما اختار عدد منهم الإقامة عند أصدقائهم وأقاربهم في خيامهم التي تعتبر آمنة ضد الزلزال.
سالم المرعي (48 عامًا)، مهجر تعرض منزله في منطقة حارم للسقوط والدمار التام، قال لعنب بلدي، “نحمد الله أننا خرجنا سالمين، إلا أنني أشعر بالحزن على ضياع شقاء العمر في بناء منزلي الذي تهدم”.
وقال سالم، إنه في الأيام الأولى للزلزال كان شاهدًا على عديد من المواقف المؤلمة بسبب بقاء العائلات “بحسرة ” تحت المطر بجانب بيوتها التي تهدمت، كما افترشت عشرات العائلات العراء دون أي مكان يؤويها.
محمود حلاق، رجل خمسيني يقيم في ريف إدلب، قال لعنب بلدي، إنه منذ الساعات الأولى بدأ بالتواصل مع الأقارب والأصدقاء والمعارف في مختلف المناطق التي تعرضت للهزات الشديدة، ثم نقل مع فريق من شبان المنطقة من خرج سالمًا من منزله المتضرر إلى مدينة إدلب بهدف البحث عن أماكن لإيوائهم.
نقل الرجل أكثر من 200 عائلة من مختلف مناطق الشمال السوري باتجاه قريتي كفريا والفوعة نحو أقاربهم وأصدقائهم، بينما توزعت عديد من العائلات في مدينة إدلب وبعض القرى القريبة منها.
الناطق الرسمي باسم مجلس مدينة إدلب، فراس علوش، قال لعنب بلدي، إن مدينة إدلب وحدها ضمت أربعة مراكز إيواء مؤقتة جديدة هي مجمع “النور السياحي”، وحديقة “المشتل”، ومخيم “شعيب”، وحي الجامعة (سيتي روز)، بالإضافة إلى إنشاء عديد من المخيمات ومراكز الإيواء في مختلف مناطق الشمال السوري، مشيرًا إلى غياب إحصاءات دقيقة لعدد الأسر والعائلات المشردة بفعل الزلزال.
لجان لفحص المباني
رئيس لجنة العلاقات العامة والإعلام بنقابة المهندسين في إدلب، المهندس مالك حاج علي، قال لعنب بلدي، إن النقابة بالاشتراك مع وزارة الإدارة المحلية في حكومة “الإنقاذ”، شكّلت خلية لإدارة الأزمة منذ اليوم الأول للزلزال، شُكّلت على إثرها ما يقارب 30 لجنة هندسية منتشرة في ثماني مناطق بالشمال.
وبحسب المهندس، فإن اللجان تم تقسيمها إلى لجان فرعية وأخرى مركزية، إذ تدرس الأولى أوضاع الأبنية، وفي حال تقرر الهدم تكشف الثانية مرة أخرى على البناء وتتخذ القرار.
كما تعد اللجان تقارير يومية حول جولاتها، إذ سيتم في نهاية عملها إعداد تقرير شامل يتضمن أسباب سقوط الأبنية، وعدد الأبنية المتهدمة بشكل كامل وجزئي، والمتضررة بشكل كبير، والمنذَرة بالهدم.
مستشار وزير الإدارة المحلية في حكومة “الإنقاذ”، المهندس سعيد الأشقر، قال لعنب بلدي، إن الوزارة بادرت بدورها إلى تشكيل لجان استجابة طارئة تضم مهندسين من ذوي الخبرة، للكشف على الأماكن المتضررة نتيجة الزلزال، بالإضافة إلى الأماكن المجاورة لهذه المباني.
وبحسب المستشار، تم تشكيل هذه اللجان من ثلاثة مهندسين، وتعمل على الكشف الحسي للمباني المتصدعة والآيلة للسقوط، وتنظيم التقارير الفنية وفق الحالات المختلفة لهذه المباني، وتم تطوير عمل هذه اللجان بتزويدها بمهندس مختص لعمليات الإحصاء واستقبال طلبات المتضررين في جميع المناطق.
تقدم هذه اللجان تقاريرها بشكل دوري، وسيتم الاستناد إليها في عمليات الترميم والتدعيم، كما سينظم بالنسبة للمباني المتضررة القابلة للتدعيم تقرير فني للاستناد إليه في المراحل المقبلة.
ولفت المهندس إلى أن سكان هذه المباني تم تحويلهم إلى وزارة التنمية والشؤون الإنسانية للاستجابة الطارئة لهم لتلبية احتياجاتهم، بحسب قوله.
حملة لإعادة بناء البيوت المتضررة
بعد أيام على الزلزال، أطلق فريق “ملهم التطوعي”، العامل في الشمال السوري، حملة “قادرون” بهدف إعادة إعمار الأبنية التي تضررت بفعل الزلزال.
عبد الله السويد، أحد أعضاء فريق “ملهم التطوعي”، أوضح لعنب بلدي أن هدف الحملة يتمثل ببناء منازل سكنية بديلة عن المنازل التي تهدمت بشكل كامل، ما يخلق الحاجة إلى مبلغ ضخم لتأمين المنازل لكثير من الأسر التي تشردت بفعل الزلزال.
وقدّرت مؤسسات معنية المبلغ المطلوب لإعادة إعمار ما دمره الزلزال في الشمال السوري بـ100 مليون دولار، بحسب بيان نشره فريق “ملهم” ساعة إعلانه عن الحملة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :