سجلت الليرة السورية منذ مطلع الأسبوع الماضي تحسنًا طفيفًا في قيمتها أمام العملات الأجنبية في “السوق السوداء”، تزامنًا مع قرار مصرف سوريا المركزي رفع سعر دولار المنظمات للحوالات الواردة في إطار الاستجابة للزلزال المدمر.
تحسن الليرة لم يدم إلا لأيام قليلة، لتعود بعدها لتسجيل هبوطًا سريعًا، ووصلت، الجمعة، إلى مستويات غير مسبوقة، إذ سجل سعر الصرف 7400 ليرة للدولار الواحد، بعد أن سجل مع إغلاق الأسواق، الخميس، 7500 ليرة.
وفي 6 من شباط الحالي، أول أيام الزلزال، سجل الدولار 7250 ليرة سورية للدولار الواحد، واستمر بالارتفاع لثلاثة أيام، إذ وصل في 9 من شباط إلى 7350 ليرة.
ومنذ السبت الماضي، شهدت قيمة الليرة تذبذبات صعودًا و هبوطًا، إذ سجلت، في 11 من شباط، 6900 ليرة سورية للدولار، وبعدها بيوم 6700 ليرة، لتعود إلى الانخفاض بشكل بسيط في 14 من الشهر نفسه، وتسجل 6775 ليرة للدولار الواحد.
ترافقت التذبذبات مع عديد من القرارات الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، إذ رفع سقف الحوالات المسموح تحويلها بالليرة السورية من قبل أي شخص طبيعي أو اعتباري إلى خمسة ملايين ليرة سورية.
كما بدأ المصرف، في 9 من شباط الحالي، بتطبيق سعر نشرة الحوالات والصرافة القريب من سعر صرف “السوق السوداء” على الحوالات المخصصة للاستجابة الطارئة للزلازل، من قبل المنظمات الأممية والدولية والإنسانية، وذلك بعد أن رفع أيضًا سعر صرف دولار الحوالات والصرافة، على أن تعدّل بشكل دوري مجاراة لسعر صرف العملات أمام الليرة في “السوق السوداء”.
يحاول النظام من وراء قرار رفع دولار المنظمات والحوالات جذب الحوالات عبر قنواته الرسمية، وتقليص الفرق بين السعر الحقيقي لليرة والسعر الذي يحدده بعد ضغط الدول المانحة.
“صدمة” بسوق النقد
وحول أسباب التذبذب والتحسن المؤقت الذي شهدته الليرة في قيمتها، قال الباحث الاقتصادي زكي محشي لعنب بلدي، إن ذلك مرتبط بشكل مباشر بالتدفقات النقدية الهائلة للعملات الأجنبية التي رافقت الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وأربع محافظات سورية، في 6 من شباط الحالي.
وأضاف الباحث أن التدفق النقدي المفاجئ أدى إلى صدمة في سوق النقد، كما أدت الكارثة نفسها إلى صدمة، لأن التعاملات ضمنها لم تكن بشكلها الطبيعي أبدًا، الأمر الذي أدى إلى زيادة المعروض النقدي من العملات الأجنبية في السوق، وبالتالي انخفاض قيمته، وارتفاع قيمة الليرة السورية.
وبعد الزلزال، تعددت مصادر التدفق النقدي من العملات الأجنبية إلى سوريا، منها حوالات المغتربين لذويهم المتأثرين بالزلزال، أو بهدف المساعدة ضمن الحملات الإغاثية التي نُظمت لهم، أو عبر الحوالات القادمة من المنظمات الدولية، أو من الدول “الصديقة” للنظام.
وأوضح الباحث زكي محشي أن أثر هذا التدفق في قيمة الليرة السورية لا يمكن أن يكون مستدامًا على المدى الطويل، إلا بالبدء بعملية الإنتاج، وإعادة تدفق رأس المال، وإعادة تدفق الاستثمار الأجنبي بقطاعات حيوية وإنتاجية، وليس فقط بقطاعات إغاثية، وهذا كله يتطلب أولًا الاستقرار السياسي.
وخلال كانون الأول 2022، سجّلت الليرة السورية تراجعًا بنسبة تجاوزت 23% على أساس شهري، وبنسبة قاربت 10% على أساس أسبوعي، لتحقق سعر 7150 ليرة أمام الدولار، وهو ما يقارب ضعف قيمة الدولار في الشهر نفسه من 2021، حين سجل الدولار 3600 ليرة تقريبًا.
اقرأ أيضًا: الليرة السورية تنخفض بنسبة 100% خلال 2022
–