جثث مجهولة واستغاثة تنتظر التجاوب..
رائحة الموت عالقة في جنديرس
عنب بلدي – خاص
تفوح رائحة الموت من بلدة جنديرس بريف حلب الشمالي، رغم توقف عمليات البحث والإنقاذ عن عالقين تحت الركام، والبدء بعمليات البحث والانتشال إثر الزلزال الذي ضرب المنطقة منذ 6 من شباط الحالي.
جثث مجهولة الهوية انتظرت من يتعرف عليها، ومقابر جماعية ضمت عائلات بأكملها، تركت آثار الحزن والهدوء على البلدة “المنكوبة”.
وبعد خمسة أيام على توافد متطوعين من منظمات محلية ومواطنين في محاولات لإنقاذ من يمكن إنقاذهم، وصلت سيارات محملة بمواد غذائية وطبية وألبسة وخيام إلى البلدة، بعد حملات دعم وتبرعات أطلقها ناشطون وأهالي في مدن وبلدات وقرى مجاورة أقل تضررًا من الزلزال.
وكذلك دخلت إلى الشمال السوري شاحنات إغاثية من معبري “باب الهوى” و”باب السلامة” الحدوديين مع تركيا، لكن لا تزال البلدة وسكانها في مراكز الإيواء والخيام يحتاجون خدمات كثيرة، حالهم كحال عشرات المدن والبلدات التي تضررت من الزلزال.
جنديرس “منكوبة”
في 10 من شباط الحالي، أعلن “الدفاع المدني السوري” انتهاء عمليات البحث وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض في المناطق المنكوبة بالزلزال شمال غربي سوريا والبدء بعمليات البحث والانتشال بعد شبه انعدام لوجود أحياء.
وبلغت إحصائية الضحايا التي استجاب لها “الدفاع المدني”، أكثر من 2166 حالة وفاة، وأكثر من 2950 مصابًا في أكثر من 40 مدينة وبلدة وقرية شمال غربي سوريا تدمّر فيها نحو 479 مبنىً سكنيًا بشكل كامل وأكثر من 1481 مبنىً بشكل جزئي.
كانت الحصيلة الأكبر في بلدة جنديرس التي وصلت فيها أعداد الضحايا لأكثر من 513 وفاة، و831 مصابًا.
وأفاد مراسل عنب بلدي في ريف حلب أن عشرات الأبنية مهدمة بشكل كامل، أعلاها على الأرض، وأن عشرات الأشخاص تحت الأنقاض بانتظار من ينقذهم، وأن المناشدات كانت تخرج من المساجد من أجل المساهمة بأي شيء قد يخفف عن معاناة العالقين، وسط صعوبة كبيرة وقلة بالمعدات ما يؤخر انتشال العالقين.
المتطوع في “الدفاع المدني” ياسر أبو عمار قال، لعنب بلدي، إن حجم الكارثة كبير في جنديرس، ولا تزال الأبنية المتصدعة تشكل خطرًا على المدنيين، وبات بعض الأهالي ينامون في الشوارع.
جثث مجهولة الهوية
لا تزال تشهد بلدة جنديرس وجود عشرات الجثث مجهولة الهوية، وتُنقل جثث الضحايا جراء الزلزال إلى ثلاجات حفظ الموتى بشكل أولي، وبعد امتلاء الثلاجات يجري نقل الجثث إلى محيط مستشفى “عفرين العسكري”، حيث تراكمت عشرات الجثث.
قائد “الشرطة العسكرية” في جنديرس، إبراهيم الجاسم، قال لعنب بلدي إن عدد الجثث مجهولة الهوية في البلدة تجاوز 90 جثة حتى الخميس 9 من شباط الحالي، لافتًا إلى أن الإحصائية لا تشمل عشرات الجثث التي نقلت إلى إدلب لتدفن هناك.
وأوضح الجاسم أن الجثث توضع لساعات قرب الأبنية المهدمة التي أُخرجت منها بانتظار التعرف عليهم من قبل ذويهم لتسلم إليهم بشكل مباشر، وفي حال لم يجرِ التعرف عليها، تنقل إلى “المستشفى العسكري” في عفرين أو في جنديرس.
وأضاف الجاسم، أن الجثث مجهولة الهوية تبقى في ثلاجات حفظ الموتى بعد نشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بحثًا عن ذويها، وبعد 48 ساعة تتولى الطبابة الشرعية عملية الدفن بعد إعطاء كل جثة رقم خاص يحفظ مع صور لها من عدة جهات، لتدفن لاحقًا في المقابر المتوفرة.
مكتب دفن الموتى في البلدة، قال لعنب بلدي إنه عمل على تغسيل وتكفين الجثث، لتكون الأهالي قادرة على التعرف عليها، لافتًا إلى أن عشرات الجثث ما زالت مجهولة الهوية، كما يعمل المكتب على توثيق الجثث من خلال التقاط صور لها، ليستطيع الأهالي التعرف عليها واستلامها لدفنها بشكل مباشر، وفق ما قاله المكتب.
من جهته قال نائب رئيس المجلس المحلي بجنديرس، يزن الناصر، إن قيادة الشرطة هي الجهة المسؤولة بشكل رسمي عن تنظيم عمليات الدفن وتوثيق معلومات الضحايا، لافتًا إلى أن المجلس وجه فريق متخصص للإشراف على عمليات الدفن والتوثيق.
مبادرات ومناشدات
ووصلت إلى جنديرس سيارات محملة بمواد غذائية وطبية وألبسة وخيام مواد مطلوبة من ألبسة وبطانيات ومعلبات وخيام وخبز، بعد حملا تبرع أطلق أهالي قرى مجاورة ناشدوا للتبرع أو جمع مواد عينية من سيرومات سكرية وملحية، و”معقمات (كحول وبوفيدون)، وجبائر، وشاش معقم، وشاش لف، وصادات حيوية، وسيتامول وريدي، وترامادول، وخيطان جراحية” وغيرها من المواد الطبية.
ويوجد في المخيمات القريبة من جنديرس والتي لجأ إليها أهالي البلدة بعد الزلزال “هنكارًا” بمثابة عيادة، يقدم الخدمات الطبية للأهالي المتضررين، كمبادرة أطلقها ممرضون لمساعدة الأهالي.
رضا محمد، ممرض في العيادة، أوضح لعنب بلدي أن العيادة تقدم الخدمات الطبية، من معاينات وإعطاء الأدوية لبعض العائلات المتضررة، بالتعاون مع جمعيتي “نماء الخيرية” و”إنسان” العاملتين في المنطقة.
وقال الممرض، وهو خريج أخصائي طوارئ من جامعة “إدلب”، أن العيادة تستقبل يوميًا من 250 إلى 300 حالة بالحد الأدنى، بالإضافة إلى جولة ميدانية لممرضين على الأهالي المتضررين يوميًا من الصباح حتى المساء.
وأضاف أنه يتعامل مع الحالات حرجة لامتلاكه خبرة عمل في المستشفيات لمدة أربع سنوات، ويقدّم الأدوية غير الاختصاصية للمرضى كالمسكنات وأدوية الالتهاب، كما يتعامل مع بأرض الميدان مع عمليات تثبيت الكسور وحالات تضميد الجروح، لافتًا إلى أن العيادة ينقصها أطباء أخصائيين بالأطفال والنساء، ونقصًا في الأدوية أيضًا.
وفي أحدث إحصائية نشرها مجلس جنديرس المحلي في 9 من شباط الحالي، ذكر فيها أن عدد العائلات المخدمة في الخيام 515 عائلة، في حين عدد العائلات غير المخدمة 2692 عائلة، وعدد الأبنية المتضررة 1100، وعدد الأبنية المهدّمة بالكامل 257 بناءً.
وتحتاج البلدة، وفق المجلس المحلي، إلى توزيع المواد الإغاثية، وتأمين المراكز الصحية والعيادات المتنقلة، وتأمين مركز طبي يقدم خدمات للحالات المتقدمة.
وكذلك تأمين أغذية الأطفال والحليب وما يلزم للأمهات ورعايتهم، وتأمين المياه ومراكز إيواء للعائلات المتضررة، وفتح الطرق وإزالة الأنقاض.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :