أحمد الشامي
يقول المثل، من دعاك وجب حقه عليك. هذا بمناسبة دعوة ممثلي الثورة السورية إلى جنيف ووفق هذا المنطق على المدعوين تلبية الدعوة ككل إنسان مهذب.
بالمقابل، تقول الحكمة الشعبية “العزيمة” التي “فشختها” (أي كلفتها)، أكبر من لقمتها… بلاها.
فهل كلفة الذهاب إلى جنيف أكبر من “اللقمة” الموعودة؟
لنحاول مقاربة الموضوع بمنطقية ولنبدأ بالمدعوين، فبعضهم تم اختيارهم من قبل الداعين ويجري حاليًا تنقيتهم من كل الشوائب الثورية والديموقراطية “كش برا وبعيد” ليبقى المنتفعون وهواة الفنادق الفخمة ومن يطيعون “أولي الأمر”. هؤلاء سيسمعون كلمة معلميهم وسيذهبون شئنا أم أبينا.
لنتذكر أن “المعارضة” ذهبت إلى “مونترو” حين كانت فنادق جنيف محجوزة لمؤتمر حول الساعات، ومعلوم أن الساعات، والسويسرية خاصة، أهم بكثير من حياة وحرية ملايين السوريين.
حسنًا، إن كان ميؤوسًا من بعض “المعارضة” فماذا عن الداعين؟
إن كان المكتوب يقرأ من عنوانه فشخصيات الداعين مدعاة للتقزز والفرار، ولو من فنادق جنيف الفاخرة.
لنبدأ من زعيم القوة الأعظم، ماذا ننتظر من رجل فرضته “وول ستريت” وبدأ رئاسته بالسطو على مدخرات الأمريكيين لإنقاذ المصارف التي ضاربت بأموال زبائنها؟!
الرئيس الأسمر كان “وجه نحس” ليس فقط على العرب والمسلمين، بل حتى على حلفائه! الرجل ضحك على الرئيس الفرنسي “هولاند” واستخف بكاميرون ثم ورط أوروبا في حرب متجددة “على الإرهاب”، وخلق أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. خطوط الرجل الحمراء ومماحكاته مضرب المثل في انعدام الأخلاق والقيم، يكفي أن أوباما جعل الكثيرين يترحمون على سلفه، سيئ الذكر، جورج بوش الصغير.
في عهد هذا الرئيس انتهى الحلم الأمريكي إلى كابوس ووصلت الولايات المتحدة إلى حضيض أخلاقي لاتضاهيها فيه سوى روسيا وإسرائيل.
البعض ينصح من يصافحون الرئيس الأسمر بأن “يعدوا” أصابعهم بعد المصافحة، فالاحتياط واجب.
من مازالت لديه رغبة بعد هذه المقدمة بالتردد إلى واشنطن أو جنيف على أمل أن يرق قلب الرئيس الأسمر ويفعل شيئًا فيه مسحة من الإنسانية نذكره بما قالت العرب عن المستحيلات الثلاث: الغول والعنقاء والخل الوفي ونضيف إليها رابعة هي وجود مسحة من الضمير لدى هذا الرئيس.
حتى لو تحقق المستحيل فأوباما أصبح “بطة عرجاء” في السنة الأخيرة من ولايته ولا يستطيع أن يفعل شيئًا ولو أراد، فكيف وهو لا يريد؟
الداعي الثاني هو “فلتة زمانه” زعيم المافيا المسماة “روسيا”، والذي تعجز الكلمات عن وصفه وهو الرئيس الوحيد في العالم الذي يتفوق على أوباما في انعدام الضمير والأخلاق.
ماذا عن رجل بدأ حياته جاسوسًا وورث روسيا عن يلتسين بعد صفقة مخزية خرج بموجبها الرئيس السكير من الرئاسة واحتفظ هو وعصابته بما نهبوه بضمانة بوتين؟!
الحق أن السيرة الذاتية للرجل استثنائية ولايمكن مقارنتها مع أي من شخوصات العصر الحاضر والماضي، ربما باستثناء “جنكيزخان”.
مريدو الرجل يصفونه بالديكتاتور، جزار “غروزني” ويقرون بأنه فاسد ومرتشٍ، أما أعداؤه فيصفونه بما هو أكثر من ذلك: قاتل محترف، سادي و”عاشق للغلمان”. يكفي أن العدالة البريطانية التي تتمتع بنزاهة لا غبار عليها اتهمت سيد الكرملين “بالقتل العمد” عبر إعطاء جرعة من “البولونيوم” المشع لأحد خصومه في كأس شاي، لهذا ننصح من سيغامرون بالتوجه لمقابلة زبانية بوتين بالامتناع عن المشروبات الباردة والساخنة وبتفضيل “الكولا” وما شابهها في علب مختومة والأفضل أن يتزودوا بعداد “جيجر” لكشف المواد المشعة، احتياطًا.
إن كان اليابانيون يسمون إمبراطورهم “ظل الإله على الأرض” فقيصر الكرملين يستحق عن جدارة لقب “ظل الشيطان على الأرض”.
إن كان هؤلاء هم الداعين، فالعزيمة لن تكون سوى على “خازوق”.
مع دخول عنب بلدي عامها الخامس، تتوجه هيئة التحرير في الجريدة بالشكر والتقدير للدكتور أحمد الشامي، الذي دعم صفحة الرأي في الإصدار المطبوع بعمود ثابت، واظب على كتابته على مدار السنوات الثلاث الماضية ولم ينقطع طيلة 160 عددًا.
الدكتور الشامي، علق في مقالاته على أبرز الأحداث السياسية والعسكرية التي مرت بها سوريا، وحلل بشكل مواكب سلوك المجتمع الدولي إزاء الثورة السورية وتداعياته على المنطقة ومستقبلها، افتتحها بمقال تضامني مع مجزرة داريا الكبرى صيف 2012، حمل عنوان “داريا، سريبرينيتشا الشام” ونشر في العدد 39، الصادر بتاريخ 18 تشرين الثاني 2012.