على الرغم من سحب إيطاليا تحذيرها الأحدث حول احتمالية وقوع “تسونامي” نتيجة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا الإثنين، 6 من شباط الحالي، شهدت منطقة حوض المتوسط العديد من الزلازل التي تحولت لـ”تسونامي”، وصل أعنفها لأكثر من ثماني درجات، وتسبب بمقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وتدمير عدة مدن ساحلية.
وأصدرت إدارة الحماية المدنية الإيطالية الإثنين، بيانًا يوصي الناس بالابتعاد عن المناطق الساحلية كتحذير من حدوث “تسونامي” في البحر المتوسط بعد وقوع الزلزال، لكنها خففت لاحقًا حالة التأهب وكتبت على “تويتر” أنه جرى سحب التحذير.
وتسبب الزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجة بمقياس ريختر، في “موجات تسونامي صغيرة” بقبرص، حسبما نقل تقرير لموقع “in-cyprus”، عن مدير المساحة الجيولوجية في قبرص اليونانية، كريستودولوس هادجيجورجيو، الذي استدرك قائلًا، “إنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار في قبرص، ولكن لو كان هناك انهيار أرضي تحت الماء، فقد تكون العواقب كارثية”.
وبعد الزلازل والهزات الارتدادية التي بلغت حدتها 7.7 و7.6 درجة في ولاية كهرمان مرعش، ارتفع منسوب مياه البحر على شواطئ مدينة لواء اسكندرون لتغمر معظم شوارع المدينة، بينما أكدت أمس هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD)، عدم وجود خطر من حدوث”تسونامي” على سواحل شرق البحر المتوسط بعد الزلزال.
وتعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط من المناطق المهددة بحدوث “تسونامي” يضرب مدنًا رئيسية ساحلية على البحر، بما في ذلك مدن مثل مرسيليا والإسكندرية واسطنبول، وفقًا لمنطمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (اليونسكو).
وقالت المنظمة الدولية لصحيفة “الجارديان” البريطانية، في حزيران 2022، إن خطر حدوث “تسونامي” كبير في غضون الأعوام الثلاثين المقبلة يقارب 100%، مع احتمال حدوث موجة تصل إلى أكثر من متر واحد، وتحث المدن الساحلية على أن تصبح “جاهزة” لمواجهة “تسونامي” في البحر المتوسط.
ويمكن لأمواج “تسونامي” التي يبلغ ارتفاعها بين 1.5 إلى مترين رفع السيارات عن الأرض، وتتوقع المنظمة ارتفاع مخاطر حدوث “تسونامي” في المجتمعات الساحلية للبحر الأبيض المتوسط مع ارتفاع مستوى سطح البحر جراء التغير المناخي.
وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، يقع البحر الأبيض المتوسط ضمن حزام “جبال الألب” الذي يعتبر ثاني أكثر أحزمة الزلازل خطورة في العالم، بعد حزام “حلقة النار” التي تحيط بالمحيط الهادئ.
ويشهد حزام “جبال الألب” نحو 17% من أعنف الزلازل في العالم، وضمن ذلك بعض الزلازل الأكثر تدميرًا في العقود الماضية.
أعنفها في القرن الرابع الميلادي
حدث أعنف زلزال و”تسونامي” في تاريخ المتوسط بلغت شدته بمقياس ريختر 8 درجات أو أكثر، في القرن الرابع الميلادي عام 365، قرب جزيرة كريت اليونانية، وفق دراسة علمية نشرها باحثون من مركز “GFZ” الألماني لبحوث علوم الأرض.
وتسبب الزلزال وما تلاه من موجات تسونامي في مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وتدمير مدينة الإسكندرية في مصر، وعدة مدن أخرى على ساحل المتوسط.
ومنذ نحو قرن حصل “تسونامي” كبير في أوروبا، تسبب بموجة ارتفاعها 13 مترًا، إثر زلزال قبالة سواحل جزيرة صقلية، قتل نتيجتها نحو ألفي شخص، وتزداد خطورة أضرار الزلازل في البحر الأبيض المتوسط كونه صغير نسبيًا وشبه مغلق، مما يعني أن أي “تسونامي” يمكن أن ينتشر في جميع أنحاء الحوض، وبسرعة لا تكفي لإعطاء التحذيرات الضرورية.
ومنذ مطلع القرن الحالي سجل 177 “تسونامي”، أربعة منها حدثت في حوض البحر الأبيض المتوسط، لكنها كانت صغيرة نسبيًا، ولم يمُت أحد فيها.
وفي 30 من تشرين الأول 2020، ضرب “تسونامي” كبير نجم عن زلزال بقوة سبعة ريختر، مركزه جزيرة ساموس اليونانية وساحل بحر إيجة في ولاية إزمير التركية، حسبما ورد في تقرير “اليونسكو“.
وغرق أحد الضحايا في تركيا بسبب هذا “التسونامي”، وفقاً لهيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD).
وتشير دراسة في مجلة “Ocean Science” إلى أن “زلزالًا متوسطًا” في شرق البحر الأبيض المتوسط يمكن أن يتسبب في حدوث “تسونامي” مع إمكانية التأثير على نسبة كبيرة من 130 مليون شخص يعيشون على سواحله.
انشاء نظام انذار مبكر
منذ عام 2005، ومجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة والمعنية بعلوم البحار والبيانات المرتبطة بها وتبادل المعلومات، تعمل على إنشاء نظام للإنذار المبكر.
نجح اختبار الاتصال الأولي في آب 2011 داخل نظام الإنذار المبكر من التخفيف من حدة “التسونامي” في شمال شرقي المحيط الأطلسي والبحر المتوسط والبحار المتصلة، ويدعى “NEAMTWS”.
وهذا النظام واحد من أربعة أنظمة للإنذار المبكر بخصوص “تسونامي” في جميع أنحاء العالم، تنسقها اللجنة الدولية الحكومية لعلوم المحيطات التابعة “لليونسكو”، وهناك أنظمة مماثلة قيد التشغيل في المحيط الهادئ والمحيط الهندي ومنطقة البحر الكاريبي.
ويوجد أيضًا مراكز إنذار وطنية في بعض دول المتوسط مثل فرنسا والبرتغال وتركيا، والتي تراقب النشاط الزلزالي ومستويات سطح البحر على مدار الساعة وتطلق إنذارًا إذا لزم الأمر.