النظام السوري يؤطر آثار الزلزال للمطالبة برفع العقوبات

منذ حدوث الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، اتجه النظام السوري لتقديم خطاب سياسي يدير دفة الأزمة الإنسانية ويسيّسها.

وأقحم النظام عل لسان مسؤوليه، ملف العقوبات الأمريكية والأوروبية، في مسألة أضرار الزلزال، وتعامل معها إعلاميًا كعائق يعرقل عملية الاستجابة الإنسانية.

وعقد وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أمس الاثنين، اجتماعًا مع ممثلي منظمات الأمم المتحدة ومكاتبها في سوريا، والمنظمات غير الحكومية.

وخلال اللقاء، أشار المقداد لأثر العقوبات “أحادية الجانب” التي تزيد من تداعيات هذه الكارثة الطبيعية، وفق ما نقلته الخارجية عبر “فيس بوك”.

وفي بيان وجهه للمجتمع الدولي، للحديث عن عملية الإنقاذ في سوريا، قدّم رئيس منظمة “الهلال الأحمر السوري”، خالد حبوباتي، رسائل متعارضة طالب في إحداها برفع الحصار والعقوبات، مناشدًا الاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.

وأشار أيضًا إلى أثر العقوبات الاقتصادية على الوضع الإنساني، مرجعًا سبب غياب المحروقات والوقود للعقوبات والحصار، رغم استجرار النظام للمحروقات من إيران، دون الالتفات لمسألة العقوبات، باعتبار أن طهران تخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية أيضًا.

وفي رسالة أخرى، قال حبوباتي إن “الهلال الأحمر لا علاقه له بالسياسة، وهو منظمة إنسانية، ومستعدون لإيصال المساعدات الإغاثية لجميع مناطق سوريا، بما فيها غير الخاضعة لسيطرة الحكومة”.

إلى جانب ذلك، دعا “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا” عبر نداء وجهه للمنظمات الطلابية والشبابية العالمية، اليوم الثلاثاء، إلى مساندة أعمال الإغاثة ورفع العقوبات والإجراءات “القسرية” المفروضة على سوريا، داعيًا لتقديم مساعدات فورية عاجلة لسوريا وشعبها للتخفيف من المعاناة وآثار الزلزال والحصار المفروض عليها، وفق نص النداء.

موقف أمريكي

الموقف الأمريكي من العقوبات على النظام في ظل الظروف الراهنة، جاء خلال الإحاطة الصحفية اليومية للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، ردًا على مطالبة صحفي فلسطيني برفع العقوبات.

وأوضح برايس أن ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية هو التواصل مع نظام عامل شعبه بوحشية على مدار 12 عامًا، وقام بذبح مواطنيه وقصفهم بالغازات السامة، وهو المسؤول الأبرز عن معاناتهم.

وأشار برايس إلى أن ما تقم به الولايات المتحدة كبديل عن ذلك، هو التعاون مع الشركاء العاملين في المجال الإغاثي الإنساني على الأرض، والذين باستطاعتهم تقديم المساعدة اللازمة خلال الكوارث.

وأضاف المتحدث الأمريكي ردًا على الصحفي “هذا النظام ( النظام السوري) لم يسبق له أن وضع مصالح الشعب السوري كأولوية، نحن موجودون مع شركائنا على الأرض لمساعدة الناس لا لمعاملتهم بوحشية كما يفعل النظام”.

ما العقوبات

تفرض الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عقوبات على النظام السوري، وأبرز المسؤولين فيه ورجال الأعمال النافذين لتورطهم في جرائم الحرب في سوريا.

ويستثني الجانبان المساعدات الإنسانية والأدوية والأغذية من العقوبات، وسط جدل مستمر بأن العقوبات تضر بالشعب السوري أكثر من المتورطين بجرائم الحرب ورجال الأعمال النافذين.

وفي نيسان 2021، نشرت وزارة الخزانة الأمريكية توضيحات تفيد بأن فرض العقوبات بموجب قانون “قيصر” على المتعاملين مع النظام السوري، لا يشمل مساعدة السوريين بالأغذية والأدوية، موضحة أنها تواصل دعم العمل الحاسم للحكومات، وبعض المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، والأفراد الذين يقدمون الغذاء والأدوية والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية للمدنيين في سوريا، ووصول المساعدة إلى محتاجيها.

حصيلة الوفيات في تصاعد

بلغ عدد الوفيات في محافظات حماة وحلب واللاذقية وطرطوس، جراء الزلزال، 812 حالة وفاة، بالإضافة إلى ألف و449 إصابة، وفق أحدث إحصائيات وزارة الصحة في حكومة النظام “غير نهائية”.

آثار الركام والدمار بعد الزلزال في مناطق سيطرة النظام_ 6 من شباط 2023 (سانا)

كما ارتفعت حصيلة الضحايا شمال غربي سوريا إلى أكثر من 810 حالات وفاة، وأكثر من ألفين و200 إصابة، في وقت تتواصل به عمليات البحث والإنقاذ أمام نقص حاد في المعدات والإمكانات التي يتطلبها التعامل مع كوارث بهذا الحجم.

كما أطلقت منظمات إغاثية محلية، حملات للتبرع لصالح الإنقاذ ومساعدة الناجين.

متطوعون يحاولون إنقاذ وانتشال الضحايا من تحت الركام في منطقة حارم إثر زلزال ضرب مناطق شمال غربي سوريا- 6 شباط 2023 (عنب بلدي/ محمد نعسان دبل)

وارتفعت حصيلة الضحايا في تركيا إلى ثلاثة آلاف و549 حالة وفاة، و21 ألف و103 إصابات، وفق إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”.

وفي الساعات الأولى من صباح أمس الاثنين، ضرب زلزال بقوة 7.7 درجات ولاية كهرمان مرعش، جنوبي تركيا، ملحقًا آثارًا تدميرية في تركيا وسوريا، كما شعر به الناس في العراق ولبنان.

كما تعرضت المنطقة ذاتها لزلزال آخر بشدّة 7.6 درجات، في ظهيرة اليوم نفسه، بينما تتواصل الهزات الارتدادية، وأحدثها بشدّة 3.8 درجات، اليوم الثلاثاء.