د. أكرم خولاني
تُستخدم تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) بشكل واسع في المستشفيات الكبيرة، واستخدامها في تزايد مستمر، إذ تستطيع هذه التقنية أخذ صور دقيقة وواضحة للأعضاء الداخلية في جسم الإنسان، من الممكن عرضها بشكل ثنائي أو ثلاثي الأبعاد.
ويعتبر تصوير الرأس بالرنين المغناطيسي هو الأكثر دقة في تصوير أنسجة الدماغ، رغم وجود بعض الحالات المرضية التي يكون للأشعة المقطعية اليد العليا فيها.
ما التصوير بالرنين المغناطيسي
التصوير بالرنين المغناطيسي (magnetic resonance imaging -MRI) هو فحص طبي تصويري، يستخدم المجال المغناطيسي وموجات الراديو المحوسبة لتكوين صور مفصلة للأعضاء والأنسجة داخل الجسم، إذ يكون جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي عبارة عن مغناطيس كبير بشكل أنبوب، يستلقي المريض داخله، ويتم إنتاج المجال المغناطيسي بواسطة إنتاج تيار كهربائي عبر لفائف أسلاك موجودة بالجهاز.
يؤثر المجال المغناطيسي مؤقتًا على جزيئات الماء في الجسم ويعيد ترتيب ذرات الهيدروجين فيها، وتقوم اللفائف بإرسال واستقبال أشعة الراديو التي تعيد محاذاة ذرات الهيدروجين، وعندما تعود ذرات الهيدروجين إلى طبيعتها تُصدر كميات مختلفة من الطاقة اعتمادًا على نوع نسيج الجسم الموجود فيها، ويلتقط الماسح تغيرات الطاقة هذه حول الجسم، دون أن تسبب هذه العملية أي تغيرات كيماوية في الأنسجة، ثم يستخدم الحاسوب هذه التغيرات لصنع سلسلة من الصور المقطعية المفصلة، وتبدو كل صورة مثل شريحة جرى أخذها عبر الجسم، كما يستطيع الحاسوب صنع صورة ثلاثية الأبعاد لداخل الجسم يمكن استعراضها بزوايا مختلفة.
وعلى عكس التصوير الطبقي المحوري، فإن التصوير بالرنين المغناطيسي لا يستخدم الأشعة السينية، لذا فإنه آمن جدًا ويمكن استخدامه حتى لو كانت المريضة حاملًا، كما أنه يعطي تفاصيل أكثر من التصوير الطبقي المحوري، إلا أنه قد يسبب الانزعاج للمريض في أثناء التصوير، وهو يحتاج إلى وقت أطول.
وبالنسبة لتصوير الرأس بالرنين المغناطيسيHead magnetic resonance imaging) )، فهو يجرى للحصول على صورة ثلاثية الأبعاد للدماغ والأنسجة العصبية المحيطة به، ويعد من أكثر طرق تصوير الرأس والدماغ دقة، وأكثرها قدرة على اكتشاف المشكلات والشذوذ في الأنسجة بالمناطق العميقة والدقيقة من الدماغ مثل الغدة النخامية.
وفي الغالب يتم تصوير الرأس باستخدام الصبغة، ما لم يتوفر سبب يمنع ذلك، إذ تُستخدم الصبغة المكوّنة من مادة الجادولينيوم ( (Gadoliniumالتي تُحقن عن طريق قسطرة في الوريد، فتغير الخصائص المغناطيسية لجزيئات الماء في المخ، وهذا يعزز جودة الصور ويسهل على الأطباء التشخيص.
وننوه إلى أنه بالإضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي المعروف، هناك نوعان آخران من التصوير بالرنين المغناطيسي هما:
التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسيfunctional MRI or fMRI) ): ويُجرى قبل الخضوع للعمليات الجراحية للدماغ لتحديد المناطق الوظيفية في الدماغ المسؤولة عن وظائف الحركة واللغة والنطق.
تصوير الأوعية الدموية بالرنين المغناطيسي magnetic resonance angiography or MRA)): ويُجرى لفحص الأوعية الدموية في الدماغ لتشخيص العديد من الحالات والأعراض التي قد تصيب الدماغ.
ما الحالات التي يُطلب فيها إجراء رنين مغناطيسي للرأس
يُطلب إجراء هذا النوع من التصوير لـ:
- تقييم الحالة عندما يشكو المريض بشكل متكرر أو مستمر من أحد الأعراض التالية: الصداع المستمر، الدوخة، ضعف الرؤية وتشويشها التي لا يفسرها فحص العينين، الاختلاجات، فقدان السمع بلا سبب قابل للتفسير، تغيرات ملحوظة وجوهرية في التفكير أو السلوك، الضعف والتعب الشديدين.
-
اكتشاف الضرر الذي يحدث بالدماغ بسبب إصابة أو حادث وعائي دماغي (احتشاء أو نزيف).
-
تشخيص مشكلات الغدة النخامية وجذع الدماغ.
-
تحري مجموعة من حالات الدماغ المرضية، مثل: الأكياس، الأورام، النزيف، التشوهات، حالات الالتهاب، مشكلات الأوعية الدموية، التصلب اللويحي.
كيف يُجرى تصوير الرأس بالرنين المغناطيسي
توجد أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي في المستشفيات وبعض مراكز التصوير الكبيرة، وعادة ما يحتاج المريض إلى حجز موعد مسبق لإجراء التصوير.
قبل إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي، سيكون بإمكان المريض تناول الطعام والشراب بشكل طبيعي.
يجب إخبار الفريق المختص بالتصوير إذا ما كان لدى المريض أي أجهزة طبية في جسمه، مثل منظم ضربات القلب، ومزيل الرجفان القلبي المزروع، وصمامات القلب الصناعية، والأطراف الصناعية المعدنية، والمفاصل الصناعية، والصفائح والبراغي والمسامير ودعامات تثبيت العظام، وقوقعة الأذن المزروعة، والمشابك المستخدمة لدعم الشرايين المتمددة، واللفائف التي توضع في الأوعية الدموية، ومضخة تسريب الأدوية المزروعة، والمنشطات العصبية المغروسة، والطعوم السنية المعدنية، واللولب الرحمي، ووجود شظايا معدنية في الجسم، حيث تستخدم أجهزة الرنين المغناطيسي مغناطيسات قوية جدًا، ويمكن أن تسبب تأذي المريض أو تؤثر على آلية عمل بعض هذه الأجهزة.
قبل الدخول إلى غرفة التصوير يُطلب من المريض تبديل ثيابه وارتداء ثوب طبي، وعليه هنا خلع مقتنياته التي قد تؤثر في التصوير المغناطيسي، مثل المجوهرات ودبابيس الشعر والنظارات والساعات والشعر المستعار وطقم الأسنان الصناعي والمعينات السمعية وحمالات الصدر المعدنية ومستحضرات التجميل التي تحتوي على أجزاء معدنية.
وهناك أشياء يُمنع اصطحابها إلى داخل غرفة التصوير، مثل الهواتف المحمولة وبطاقات الائتمان والأقلام والنقود المعدنية والثياب التي تحمل قطعًا معدنية كالأزرار والسحابات.
عند الدخول إلى غرفة التصوير بالرنين المغناطيسي، سيُطلب من المريض الاستلقاء على طاولة ضيقة أمام جهاز الرنين المغناطيسي، وتكون هذه الطاولة مزوّدة بميكروفون للتواصل مع المريض، وإذا كان المريض يعاني رهاب الأماكن المغلقة سيتم إعطاؤه مسكنًا يسبب النعاس ويخفف من القلق لديه، خاصة الأطفال الذين يعانون فرط الحركة، وتوضع سدادات أذن للمريض لأن صوت جهاز التصوير مرتفع ومزعج.
في بعض الحالات يمكن أن يتم إعطاء المريض صبغة تحتوي على معدن الجادولينيوم عن طريق الوريد لإظهار مناطق الدماغ والأوعية الدموية بوضوح أكبر خلال التصوير.
بعد ذلك ستنتقل الطاولة إلى جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يشبه نفقًا قصيرًا مفتوحًا من كلا الطرفين، ومضاء بشكل ساطع.
يمكن أن يكون الماسح الذي يلتقط الصور صاخبًا جدًا عند البدء بالعمل، ما يؤدي إلى إصدار أصوات نقر وطرق متكرر، قد يجدها بعض المرضى مقلقة إلى حد ما، ولكن من المهم أن يظل المريض ساكنًا في أثناء عملية التصوير، وذلك للحصول على صور أكثر دقة، ما يقلل من الحاجة إلى تكرار الإجراء أكثر من مرة.
خلال التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي، قد يُطلب من المريض القيام بعدد من المهام الصغيرة، مثل النقر بإبهامه على أصابعه، أو فرك مجموعة من ورق الصنفرة، أو الإجابة عن أسئلة بسيطة.
يمكن أن يستغرق التصوير بالرنين المغناطيسي فترة تتراوح بين 15 و60 دقيقة.
بعد انتهاء التصوير بالرنين المغناطيسي سيكون المريض قادرًا على العودة للأنشطة الاعتيادية على الفور.
ستكون نتيجة التصوير متاحة في غضون 24 ساعة، حيث توضع الصور على قرص وترفق بتقرير مكتوب من قبل طبيب الأشعة، ويتم إرسالها إلى الطبيب المعالج.
هل من مخاطر لتصوير الرأس بالرنين المغناطيسي
بشكل عام لا ينطوي التصوير بالرنين المغناطيسي على أي مخاطر، ومع ذلك قد يعاني بعض المرضى مشكلات خاصة:
بعض المرضى قد يظهر لديهم رد فعل تحسسي لصبغة التصوير، أو قد يعاني الاشخاص المصابون بمشكلات في وظائف الكلى بعض المضاعفات نتيجة للصبغة، ولا تعد الصبغة آمنة للاستخدام في مثل هذه الحالات.
قد يشعر المريض برهاب الأماكن المغلقة في أثناء التصوير، حتى إن لم يكن يخاف من الأماكن المغلقة عادة.
بالنسبة للحوامل، فعلى الرغم من أن الرنين المغناطيسي آمن ولا يستخدم الأشعة السينية، تُنصح المرأة الحامل بعدم إجرائه في الثلث الأول من الحمل إلا في حالة الضرورة، كما لا ينبغي للحوامل التعرض للفحص بالصبغة لأن هذا يضر الجنين.