موسم الكمأة شرقي سوريا.. فرصة دخل “لا تعوض” محفوفة بالمخاطر
الحسكة – مجد السالم
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والغلاء المعيشي الذي تعانيه المحافظات السورية، يعتبر موسم قطاف الكمأة فرصة “لا تعوض” للبعض لتحقيق دخل وفير بأقل جهد.
خالد الجميل (55 عامًا) مزارع من ريف الحسكة الجنوبي، قال لعنب بلدي، إن “الجما” أو “الفقع” (من التسميات العامية للكمأة) ترتبط بشكل رئيس بالظروف الجوية السائدة في المنطقة، فكلما زاد الرعد والبرق والأمطار “كان الموسم وفيرًا”.
وتعتبر منطقة جبل عبد العزيز وريف المنطقة الجنوبي والشرقي في محافظة الحسكة، والأماكن القريبة من الحدود العراقية، من المواقع التي ينتشر فيها نبات الكمأة، وقد أثّر تأخر الأمطار للموسم الحالي على وفرة “الجما”، ومع أن الكميات تعتبر “مقبولة”، هناك فرصة في الأيام المقبلة لأن تزداد مع بدء الهطولات المطرية.
وعلى الرغم من توفر “الكثير من الجما” في المناطق القريبة من الحدود العراقية، لا أحد يستطيع جمعها، نظرًا إلى المخاطر الأمنية التي تتمثّل بقطاع الطرق واللصوص، إلى جانب القوات الأمنية العراقية التي تعتبر هذه المناطق أماكن ينشط فيها عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”، بحسب خالد.
فرصة دخل إضافي
إلى جانب عمله في رعي الأغنام ضمن البادية الممتدة حتى محافظة دير الزور، يحرص عبد الباقي الرمو (30 عامًا)، على البحث عن الكمأة خلال الأيام الحالية، كما قال لعنب بلدي.
ويلعب “الحظ” دورًا في العثور على الكمأة، وهي “رزق يسوقه الله”، وقد يجني من بيعها ما يعادل أجرة رعيه للأغنام لعدة أشهر، وفق عبد الباقي، الذي قال إن الصعوبة في البحث عنها يعتمد على العمل الجماعي، وتحتاج إلى تفرغ لساعات طويلة خلال النهار.
ومن النادر وجود من يقطف الكمأة بهدف الاستهلاك الشخصي، وأغلب من يقطفها يكون هدفه بيعها نظرًا إلى ارتفاع أسعارها، وبحسب ما رصدته عنب بلدي، فإن سعر الكيلوغرام الواحد من الكمأة المعروضة ضمن سوق بلدة مركدة في منطقة الشدادي بالحسكة بلغ 55 ألف ليرة سورية، من نوع “الزبيدي” (التسمية لنتاج القطاف الأول للكمأة).
وتتضمن أخطار البحث عن الكمأة ما يتعلق بالألغام المنتشرة في المنطقة أو التعرض للسلب خلال التوغل في البادية بحثًا عنها، لذا يفضّل البحث عنها ضمن جماعات، وهو ما يزيد من احتمالية إصابة أحدهم بلغم مزروع.
ولم يعد الخروج لجمع الكمأة رحلة “ممتعة” كما في الماضي قبل بداية الصراع، بعد أن فقد العديد من الأشخاص حياتهم في أثناء رحلة البحث عنها جراء العديد من الأسباب، كالهجمات التي يقف خلفها مجهولون، أو انفجار الألغام الأرضية والقنابل من مخلّفات الحرب.
وفي حين لم يسجل العام الحالي أي ضحايا، شهد عام 2022 خطف التنظيم نحو 20 شخصًا، وفي آذار 2021، فقد 18 شخصًا حياتهم وأصيب آخرون جراء انفجار أحد الألغام بهم خلال جمعهم الكمأة في ريف مدينة سلمية بريف حماة، وقُتل آخرون لذات السبب أيضًا في دير الزور.
وذكرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقرير لها صدر في 4 من نيسان 2022، أن 2829 مدنيًا قُتلوا بينهم 699 طفلًا بسبب الألغام في سوريا منذ عام 2011.
أين ومتى تظهر الكمأة؟
المهندس الزراعي والخبير الغذائي حارث البليبل (40 عامًا)، قال لعنب بلدي، إن فطر الكمأة ينبت في الأراضي المحمية التي لا تتعرض لعمليات الحراثة والبذار والتسميد وغيرها من العمليات الزراعة، ما يفسر وجوده في “المحميات الطبيعية” كمنطقة جبل عبد العزيز، وفي بادية الرقة والحسكة ودير الزور، وتعد كثرة البرق المصاحب للأمطار مؤشرًا على “وفرة الكمأة”.
تصنف “الكمأة” إلى عدة أنواع حسب الحجم واللون، كـ”الزبيدي” و”الحرقة” و”الهبري” و”الأسود”، وعلى هذا الأساس تختلف الأسعار التي تزيد كلما زاد حجم الثمرة، وفق حارث.
وأفاد المهندس الزراعي بوجود موسمين لقطاف الكمأة حسب الظروف الجوية، شتوي (من تشرين الثاني حتى شباط)، وموسم قصير آخر خلال الربيع، في محافظات مثل دير الزور، التي تعتبر المصدر الرئيس للكمأة، ولم ترصد عنب بلدي أي باعة للكمأة في أسواق القامشلي حتى الآن.
وتعتبر ثمرة الكمأة غنية بالفوسفور والصوديوم والبوتاسيوم ومضادات الأكسدة، ولها سوق رائجة في دول الخليج العربي، بحسب المهندس.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :