مواجهات لافتة في “الكالتشيو” تعكرها قضايا “الفساد”
عنب بلدي – محمد النجار
“إذا أردت الذهاب إلى السيرك في إيطاليا اتجه جنوبًا، اذهب إلى ملعب (دييغو أرماندو مارادونا) ستشاهد أجمل العروض”، عبارة قالها المعلق الرياضي الإماراتي فارس عوض، لخّصت أحد المشاهد الكروية في الدوري الإيطالي لكرة القدم.
التعليق كان على هدف ثانٍ لنادي نابولي في شباك أودينيزي، بعد جملة من التمريرات والأداء اللافت في واحدة من مواجهات وصدامات قوية يشهدها “الكالتشيو” وتمتد للجولات المقبلة، وضعت أندية في المقدمة، وعززت الصراع بين أندية للحاق بالصدارة، وأبقت على أخرى في قاع الترتيب.
الأداء والحضور والمنافسة لم تخلُ من الشوائب التي عكرت صفو الدوري، إذ ظهرت قضايا فساد طالت أندية لها تاريخها وعراقتها في بلد أخرج أساطير ونجومًا في عالم الجلد المدوّر، أمثال جوزيبي مياتزا، وروبيرتو باجيو، ومازولا، ومالديني، وبوفون، وتوتي، وريفيرا، وبيرلو، وديل بييرو، وآخرين.
ديربي الغضب يشعل “الكالتشيو”
يشهد ملعب “سان سيرو” عند الساعة 10:45 بتوقيت دمشق من مساء الأحد 5 من شباط، مواجهة نارية في ديربي مدينة ميلانو بين إي سي ميلان وغريمه التقليدي إنتر ميلان في قمة مباريات الجولة الـ21 من الدوري.
ويسعى الإنتر، صاحب المركز الثاني برصيد 40 نقطة، إلى الثأر بعد هزيمته في مباراة الذهاب بنتيجة ثلاثة أهداف لهدفين في أيلول 2022، وكذلك يريد تعميق جراح نادي ميلان، بعد خسارة الأخير لقب كأس السوبر الإيطالي أمام الإنتر بنتيجة ثلاثة أهداف دون رد، في 18 من كانون الثاني الماضي.
جمع الإنتر نقاطه من 13 انتصارًا وتعادل واحد وست هزائم، سجل خلالها 40 هدفًا، وتلقّى 26 هدفًا، ويتطلع لكسب المزيد من النقاط والابتعاد عن الأندية الثلاثة التي تلاحقه، وهي لاتسيو وأتلانتا وميلان، واللحاق بالمتصدر نابولي الذي يملك 53 نقطة.
ويمر نادي ميلان حامل اللقب بفترة عصيبة متمثلة بنتائج سلبية وحديث عن قضايا فساد في بيانات النادي المالية وعقود مشبوهة مع اللاعبين، ويحتل المركز الخامس برصيد 38 نقطة، جمعها من 11 انتصارًا وخمسة تعادلات وأربع هزائم، سجّل خلالها 37 هدفًا وتلقّت شباكه 29 هدفًا.
ورغم الظروف غير المستقرة لميلان، يمثّل الديربي تحديًا كبيرًا ويعد بمنزلة “كسر عظم” بين مدرب الإنتر، سيموني إنزاجي، ومدرب ميلان، ستيفانو بيولي.
نابولي بذكريات مارادونا
فرض نادي نابولي سيطرته على الدوري الإيطالي بعد مرور 20 جولة على انطلاقته، رافعًا فارق النقاط بينه وبين الثاني إنتر ميلان إلى 13 نقطة، راسمًا صورة شخصية البطل، معيدًا لأذهان محبيه وعشاقه أيام الأسطورة الأرجنتينية الراحل دييغو أرماندو مارادونا، حين حقق لقب الدوري مع السماوي عام 1990، ولم يحققه نابولي بعدها حتى اليوم.
وتقدّم كتيبة المدرب الإيطالي لوتشيانو سباليتي الأداء اللافت والمهارات العالية، التي وضعت النادي أعلى سلم الترتيب برصيد 53 نقطة جمعها من 17 انتصارًا وتعادلين وهزيمة واحدة كانت أمام إنتر ميلان، وسجل خلال 20 جولة 48 هدفًا، وتلقّت شباكه 15 هدفًا كأكثر دفاع صلابة وأقوى هجوم في الدوري.
ويتصدّر مهاجم السماوي اللاعب النيجيري فيكتور أوسيمين قائمة هدافي الدوري برصيد 14 هدفًا، رغم مشاركته في 16 مباراة فقط، ويملك نابولي ثلاثة لاعبين في قائمة أفضل خمسة الخاصة بأصحاب التمريرات الحاسمة، ويتصدرها نجمه الجورجي الشاب كفاراتسخيليا بثماني تمريرات، والبرتغالي ماريو روي والبولندي زيلينسكي بست تمريرات حاسمة لكل منهما.
فساد وصفقات مشبوهة
هزت قضايا الفساد والأموال المشبوهة أروقة الدوري الإيطالي، وضربت رياحها جذور أندية كبيرة في “الكالتشيو”، معكرة صفو الأداء والنتائج التي بدأت ترقى بالدوري الإيطالي بعد تراجع مستوياته مقارنة بالدوريات الأوروبية الكبرى.
وأعادت قضايا الفساد إلى الأذهان تاريخًا في قضايا مشابهة عصفت بالدوري منذ سنوات، أبرزها عام 2006، حين كان يوفنتوس بطل فضيحة “كالتشيو بولي” الشهيرة، التي أطاحت به إلى الدرجة الثالثة، بعد أن ثبت تلاعبه بالنتائج، الأمر الذي كلفه سنوات للعودة إلى سكة الأندية الكبيرة.
في 30 من كانون الثاني الماضي، أقرت محكمة الاستئناف التابعة للاتحاد الإيطالي لكرة القدم، الحكم القاضي بخصم 15 نقطة بحق نادي يوفنتوس، مشيرة إلى أن نادي “السيدة العجوز” أدين بارتكاب “مخالفات خطيرة ومتكررة وطويلة الأمد”، وهي قضية انتقال لاعبين بطريقة مشبوهة من خلال تزوير البيانات المالية.
واعتبرت المحكمة أن يوفنتوس استخدم مكاسب رأس المال، وهو صافي الفارق الإيجابي بين قيمة الشراء والبيع بعد شطب القيمة الحقيقية أو التقليل منها، لسلسلة من صفقات تبادل اللاعبين التي تمر فيها أموال قليلة أو معدومة بين الأندية.
ويحقق مدعون في إمكانية تقديم النادي معلومات محاسبية خاطئة إلى المستثمرين وفواتير لمعاملات غير موجودة، في حين اعتبر يوفنتوس أن الدوافع التي نشرتها المحكمة “لا أساس لها”، ووصفها بـ”غير المنطقية”، وتقدّم النادي بطعن رسمي إلى مجلس الضمان الرياضي المحلي.
وفتحت الشرطة المالية مؤخرًا تحقيقًا رسميًا في صفقة بيع نادي الميلان للمجموعة الاستثمارية الأمريكية “ريد بيرد”، وسط شبهات فساد حول الصفقة التي جرت في آب 2022، أثارتها شركة “بلو سكاي” المتفرعة من مجموعة “لوكسمبورغ” للاستثمار، والتي كانت تملك نسبة صغيرة من نادي ميلان.
وسبق أن حاولت “بلو سكاي” إيقاف صفقة بيع النادي بحجة عدم حصولها على أي تفاصيل أو معلومات عن العملية، ويبدو أن الأمور تسير نحو تورط عدد من الشركات السابقة والحالية والمالكة لنادي ميلان في عملية “فساد مقصودة”، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الإيطالية (ANSA).
وكشفت الوكالة عن تحقيق محكمة ميلانو في صفقة بيع النادي وفرضية “الاختلاس”، وذكرت أن شركة “بلو سكاي” تشكو من أضرار تزيد على 100 مليون يورو، بسبب فقدان القرض والغموض في عمليات نقل الشركات المساهمة الأخرى.
ودخل نادي نابولي دائرة الاتهام بقضايا فساد في الدوري، بعدما ذكرته تقارير صحفية عن وقوعه في ورطة مماثلة لتلك التي عاناها يوفنتوس قضائيًا بسبب تضخم مدخلاته المالية.
صحيفة “la Repubblica” الإيطالية قالت، في 26 من كانون الثاني الماضي، إن المدعي العام الإيطالي طالب بالتحقيق في صفقات نابولي، مشيرًا إلى أن الأخير وعدة أندية أخرى كانت محل شك في بداية التحقيق.
وذكرت صحيفة “il Mattino” الإيطالية أن اللاعب أوسيمين انتقل من ليل الفرنسي إلى نابولي مقابل 72 مليون يورو، بالإضافة إلى عشرة ملايين بنظام الحوافز، وبعقد يمتد لخمس سنوات، ومقابل الصفقة أرسل نابولي أربعة لاعبين شباب تبلغ قيمتهم قرابة 20 مليون يورو للانضمام إلى ليل، لكن مسار حياتهم المهنية يسلّط الضوء على واقع اقتصادي مختلف تمامًا.
ويرى المدعي العام أن صفقة انضمام اللاعب أوسيمين لصفوف نابولي في أيلول 2020، تمت بمبلغ لا يتناسب مع إمكانيات اللاعب، إلى جانب بيع النادي الإيطالي اللاعبين الأربعة إلى نادي ليل بمبالغ أعلى بكثير من إمكاناتهم الفنية.
وطلب المدعي العام مراجعة بعض المستندات المتعلقة بطريقة إدارة الرئيس أوريليو دي لورينتيس للصفقة، رغم أن القانون الإيطالي برّأ نابولي في هذه العملية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :