تعددت المسمّيات والنتيجة واحدة – مبادرة كوفي عنان والقمة العربية، ما من جديد !!
لم يجرؤ أحد لا من الدول «الشقيقة» ولا «الصديقة» ولا حتى «الأعداء» على إيجاد حل للأزمة القائمة منذ اندلاع الثورة السورية اليتيمة، حتى بلغ السيل الزبى واستفاقت «إنسانية» دول الجوار فبادرت حاملة حلولاً خجلة ومخجلة، بدأت بزيارة بعض الشخصيات العربية والأجنبية البارزة لسوريا منذ اندلاع الثورة حاملين في جعبتهم بعض الحلول والنصائح للأسد، قابلها الأسد بالازدراء والاستخفاف! فهو يعلم أن دولاً عديدة ستقف بجانبه، ويعلم حق اليقين بأن مخططات حكم والده المتجذرة منذ ما يزيد عن خمسين عام ستعمل عملها السحري، فالآلة العسكرية والأمنية والمالية كلها بقبضة آل الأسد، ولا شيء يقف في طريق إجرامهم إذا ما أرادوا، وهكذا ظنهم، فباءت كل الزيارات بالفشل ولم تغن أو تسمن من جوع، وعندما وصلت الأزمة حدًا لا يطاق واستصرخت الإنسانية علها تجد معتصمها في هذا الزمان، وعندما احتدت وتيرة المجازر المرتكبة بحق الشعب الأعزل، استفاق الضمير العربي بمبادرة ذهبت أدراج الرياح وتمخضت عن لجنة مراقبة، «شاهد لم ير شيئًا»، ولم تأت بنتيجة تذكر، تبعها شجب وإدانة واستنكار من أطراف دولية وعربية عدة، مجرد كلام في الهواء.
وبسبب موقف الأمم المتحدة المحرج دوليًا كونها منظمة تعنى بشؤون الإنسان أولاً، أدانت هي الأخرى ما يحصل في سوريا وكان أن أرسلت كوفي عنان مبعوثاً أممياً إلى دمشق، استقبله الأسد بالحفاوة والتكريم وبالطبع روى له قصة ممتعة قبل النوم، قصة العصابات المسلحة التي تعيث فساداً في أرجاء البلاد، عنان حمل معه مبادرة نصّت على إجراء إصلاح سياسي شامل يلبي تطلعات الشعب السوري وإيقاف فوري لأعمال العنف من كافة الأطراف وضمان وصول المساعدات الإنسانية وتكثيف الإفراج عن المعتقلين بشكل تعسفي وضمان سماح دخول الصحفيين وحرية تنقلهم في جميع أنحاء البلاد واحترام حرية التجمع والتظاهر السلمي، ودعا من جهته مجلس الأمن الحكومة السورية والمعارضة إلى العمل بحسن نية مع المبعوث من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة السورية، وإلى التنفيذ الكامل والفوري للمبادرة.
وكان أن أعلنت حكومة الأسد موافقتها على المبادرة فتوسم عنان خيراً، بيد أنها استمرت في اقتحام المدن والبلدات وقصفها واستمر القتل والتهجير والانتشار الأمني والعسكري في كافة أرجاء سوريا، فكانت الموافقة كذبة أخرى للمماطلة وسفك المزيد من الدماء إذ لم ينته الشعب السوري بعد!. هنا استفاق عنان وصرح بأنه يتعين على بشار الأسد تطبيق خطته فوراً وبوضوح وقال بأنه لم ير أية بوادر على «حسن نية» الأسد في تطبيق الخطة. أما أوباما، حارس إسرائيل المطيع، فقد أعلن أن الأسد سيبقى في منصبه بعد أن صرح في وقت سابق بأن النظام السوري زائل لا محالة، وما هذا الشد والجذب إلا «أفيون» لتخدير الضمير العالمي إذ يعلم الجميع أن نظام الأسد يعمل على حماية أمن طفلة أميركا المدللة «إسرائيل» منذ ما يربو عن خمسين عام، فكيف يزول حكمه الآن مهدداً بذلك أمن وسلامة «إسرائيل»!!
وتصدر الملف السوري اجتماع وزراء الخارجية العرب في بغداد، الذين كانوا «ممتعضين» جميعهم مما يجري في سوريا، لذلك توصلوا إلى مشروع قرار «متميز» قابلته الحكومة السورية بالرفض المسبق لأية مبادرة عربية مهما كانت. وتضمن إعلان بغداد دعم مهمة المبعوث الأممي-العربي كوفي عنان ودعا المعارضة السورية لتوحيد صفوفها والعمل لحل الأزمة السورية بالطرق السلمية التي لم يكشفوا النقاب عنها بعد مضي عام ونيف على الثورة كما لم يتم تطبيق أي من دعوات التسليح التي ما كانت إلا زوبعة إعلامية فقط، فرد الأسد معروف منذ البداية، رفض لأية حلول، فآلته العسكرية هي الأقدر على حل الأزمة مدعومة من إيران وروسيا والصين عسكرياً ولوجستياً ودولياً، يظن نفسه «فرعون» عصره وبأن قوته لا تقهر، وما المبادرات، على اختلاف مسمياتها والجهات التي أطلقتها، إلا مطية للأسد للمزيد من القتل والتخريب متوهماً أنه يستطيع وأد الثورة، فهو عندما اقتحم حمص محاولاً محيها عن الخارطة، انتفضت إدلب فكان الرد مماثلاً، قصف ودمار شامل، فانتفضت حماة ودير الزور ودرعا وريف دمشق، فالثورة ماضية شاء من شاء وأبى من أبى ولن يخمد بركانها إلا سقوط الأسد وتحرير سوريا من أسر العبودية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :